القيادة تعزي رئيسة الهند    ماسك يؤكد دعمه حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف    شولتس: لا أنام إلا قليلاً رغم أني من محبي النوم لفترة طويلة    قائد "الأخضر" سالم الدوسري يحصل على جائزة رجل مباراة السعودية والعراق    رونالدو: فينيسيوس يستحق الكرة الذهبية    الصالح: معسكر القادسية حقق أهدافه    القبض على شخص لترويجه 16,200 قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي بجازان    «سلمان للإغاثة» يوزع 1.494 من السلال الغذائية والحقائب الصحية في إدلب السورية    اللغة العربية كنز خالد    الصقور تجذب السياح في الصياهد    «حمام الحرم» يستوقف المعتمرين    شغفك لك أو عليك    علامات الاكتئاب المبتسم    صفاء الذهن يعتمد على الأمعاء    سورية: القبض على عدد من "فلول ميليشيات الأسد"    وزير الرياضة "الفيصل"يُهنئ بعثة الأخضر بمناسبة الفوز والتأهّل في خليجي 26    سعود بن جلوي يتوج الفائزين في «تحدي غرس القيم»    ديوان المحاسبة يوقع مذكرة تفاهم مع المعهد الأسترالي للمراجعين    911 نموذج مثالي لتعزيز الأمن والإنسانية    أمير المدينة يتفقد العلا    "الإسلامية" تؤهل الأئمة والخطباء والدعاة في تايلند    ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مصنع كسوة الكعبة    عبدالعزيز بن سعد يدشّن مهرجان حمضيات حائل    إسرائيل تتمسك باستهداف المستشفيات    قافلة أمل في خضم النزاع    "التخصصي" يتوج بجائزتي إدارة المشاريع التقنية وحمدان بن راشد للتميز    70 طبيباً وممرضة يشاركون في ورشة عمل "التدريب الواعي"    أمير القصيم يرعى حفل جائزة الذكير لتكريم 203 طلاب متفوقين    العلا تستضيف بولو الصحراء    الأخضر السعودي يتغلّب على العراق بثلاثية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    مدرب الأخضر رينارد: تحقيق لقب خليجي 26 هو هدفنا الرئيسي    امكانية تعديل مواعيد نصف نهائي كأس الخليج    بوتين يعتذر عن حادث تحطم الطائرة الأذربيجانية    انطلاق معرض فرص الاستثمار في النقل التجاري والمواصلات    رخصة تخزين لمدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية    عبدالعزيز بن سعد يدشن مركز التميز لإنتاج السلمون بحائل    أسعار النفط تسجل مكاسب أسبوعية    معرض الكتاب بجدة كنت هناك    ضبط 23194 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود.. وترحيل 9904    بلدية محافظة الاسياح تطرح فرصتين استثمارية في مجال الصناعية والتجارية    «سوليوود» يُطلق استفتاءً لاختيار «الأفضل» في السينما محليًا وعربيًا خلال 2024    حاويات شحن مزودة بنظام GPS    سديم "رأس الحصان" من سماء أبوظبي    أمانة القصيم توقع عقد تشغيل وصيانة شبكات ومباشرة مواقع تجمعات السيول    بعد وصوله لأقرب نقطة للشمس.. ماذا حدث للمسبار «باركر» ؟    المكسيك.. 8 قتلى و27 جريحاً إثر تصادم حافلة وشاحنة    الفرصة مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    أدبي جازان يشارك بمعرض للتصوير والكتب على الشارع الثقافي    دبي.. تفكيك شبكة دولية خططت ل«غسل» 641 مليون درهم !    مكي آل سالم يشعل ليل مكة بأمسية أدبية استثنائية    جازان تتوج بطلات المملكة في اختراق الضاحية ضمن فعاليات الشتاء    الرويلي يرأس اجتماع اللجنة العسكرية السعودية التركية المشتركة    وزير الشؤون الإسلامية: المملكة تواصل نشر قيم الإسلام السمحة    خطيب الحرم: التعصب مرض كريه يزدري المخالف    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيناتي قدسية يسقط في دوامة «إكليل الدم» السوري
نشر في الحياة يوم 26 - 09 - 2014

المكان المسرحي، خلق علاقة تلقٍ جديدة، وأعاد النظر في موقع الممثل في الفعل المسرحي وشكل أدائه، مع الاستفادة من التقنيات المتطورة في الصوت والإضاءة واستخدامها بمنحى درامي. هذه هي الأساسات المسرحية التي يستهدفها المسرح التجريبي باحثاً عن تغيير جذري في العرض المسرحي وتطوير العمل المسرحي. ولكن إن عجز العرض التجريبي عن الخوض في هذه الأمور يعدُ التجريب مظلة يغطي بها المخرج فوضى عرضه وضياعه ليس إلا، وهذا حال مسرحية «إكليل الدم» التي تعرض اليوم على خشبة مسرح الحمراء - دمشق وهي من تأليف زيناتي قدسية وإخراجه.
الجنون، الدم، القتل، الصراخ، هذه هي المفردات التي يبني عليها قدسية عرضه، مقدماً قصة خيالية عن شاب حر وُجِد فجأة في عالم سحري غريب تقطنه مجموعة مجانين كانوا سابقاً زعماء وقادة عسكريين وأودى بهم جنون العظمة إلى «برزخهم» هذا، فلا هم في السماء ينعمون أو يعذبون ولا هم على الأرض يعيثون فيها فساد الاستبداد.
يقوم العرض على مقولات فضفاضة (القتل، الظلم، الدم...) من دون طرح مقاربة واضحة لما يود أن يعبر عنه، مبتعداً عن تقديم محاكاة أصيلة لواقع الاقتتال السوري على رغم أنه يناقش موضوعة القتل والاستبداد. فيهرب من الخاص المحدد إلى العام الفضفاض، ما يشتت انتباه المتلقي في تتبع ما يود العرض قوله بحيث يبقى على السطح ليطرح موضوعات عامة لا يسعى الى مناقشتها أو تحليلها. فما الطائل من نتاج فني يطرح ثيمة عامة جداً كالقتل من دون أن يضعها في شرط تاريخي محدد، ويقدم رأيه فيها الآن/هنا!
في سعيه الى خلق مشهدية مختلفة، يجمع قدسية في «إكليل الدم» متناقضات بصرية تخلق بدورها صورة مسرحية غير متماسكة ومنفرة للمتلقي. ومن ذلك اعتماده على تقنيات الإضاءة والصوت كأساسات نظرية للتجريب المسرحي. ففي فضاء مسرحي غرائبي يتكون من دشم من العجلات وشجرة عارية في المنتصف تستمر الإضاءة في بث أضواء ساطعة صاخبة بلا توظيف أي دلالة درامية لهذا الضوء أو ذاك، ما يوحي بأن الإضاءة - وهي عنصر أساسي في العرض المسرحي - وُضعت جزافاً وعلى عجل فقط لتغطية الخشبة بألوان مختلفة ولخلق حالة غرائبية لا تمت لما يُعرَض بصلة. زد على ذلك تقنيات الصوت المستخدمة، بحيث يُدخل قدسية في عرضه أنواعاً موسيقية مختلفة (روك، شرقي، هندي، ميتال) كفواصل موسيقية بين المشاهِد من دون وجود أي غرض لاستخدام هذا النوع الموسيقي أو ذلك، ما ساهم في تخلخل بنيان العرض المسرحي بعد أن ظهرت الموسيقى كعنصر دخيل على البنية الدرامية المقدَمة.
كذلك هي حال التقنيات المسرحية التي استخدمها قدسية في عرضه أيضاً، فحالها حال الموسيقى والإضاءة، فيحضر الرقص كاستعراض جمالي غير متصل بما يُقدم على الخشبة بالمطلق. وفي الوقت الذي يزدحم حيز اللعب بمشاهد العراك والدم يخرج راقصان يرقصان على أنغام أغنية «القلب يعشق كل جميل» لأم كلثوم، منفصلين عن الحدث الجاري على الخشبة، معتمدين في رقصهم على حركات أكروباتية استعراضية لا تمت لموسيقى الأغنية بصلة، فيبدوان في وادٍ والعرض في وادٍ آخر. ومن ذلك أيضاً استخدام قدسية تقنية المسرح داخل المسرح، إذ يؤدي الممثلون مشاهد يصورون فيها كيفية سقوط هؤلاء الطغاة في هذا البرزخ الغريب، بعد أن طغوا بظلمهم على شعوبهم الخانعة. وكسابقها، ظهرت تقنية «المسرح داخل المسرح» وكأنها وضعت حشواً ولم تقدم أي إثراء لما يقدمه قدسية على المسرح.
حملت اللغة الخشبية التي صيغ بها نص المسرحية الممثلين إلى أداء خطابي يغلب عليه الصراخ، فالشخصيات لا يتحدث بعضها مع بعض إلا صراخاً حتى في اللحظات التي لا تستلزم الصراخ والصوت الجهوري العالي. وهذا ما أبعد الأداء عن الواقعية التي تساهم في خلق الإيهام الذي ينشده العرض. يضاف إلى ذلك المبالغة الفجة التي وسم بها الأداء على امتداد العرض، تلك المبالغة التي أثّرت في لحظات الكوميديا التي مررها قدسية في عرضه، فمرت وقفات الكوميديا من غير تحقيق الغرض المطلوب منها في استثارة ضحك الجمهور.
لا ريب في أن العمل المسرحي في دمشق اليوم على وقع قذائف الهاون العشوائية ليس بالأمر الهين، ولكن يبقى لزاماً على أي نتاج فني مراعاة المعايير الدنيا للفن، واحترام عقل المشاهد الذي يخاطر بنفسه للوصول إلى المسرح. وهذا ما افتقده عرض «أكليل الدم».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.