تنظم باريس غداً الاثنين اجتماعاً حول المعارضة السورية، في ظل أجواء من التشاؤم وقلة الاكتراث من جانب الأسرة الدولية، سعياً منها لإثبات أنها لا تهمل الجبهة السورية في وقت تخوض حرباً في مالي. وبعد مضي أكثر من 22 شهراً على انطلاق الانتفاضة السورية التي تعسكرت تدريجاً وتحولت إلى مواجهات دامية، فان الحصيلة فادحة إذ تخطى عدد القتلى ستين ألفاً بحسب أرقام الأممالمتحدة، فيما الأسرة الدولية مشلولة بفعل خلافاتها، والمعارضة السورية المعترف بها تبقى موضع شك. وأقر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الخميس بأن «الأمور لا تتحرك» بعدما كان أعلن مؤخراً أن نهاية نظام الرئيس السوري بشار الأسد «تقترب». وأضاف: «لم ترد مؤخراً مؤشرات إيجابية في شأن الحل الذي نأمل فيه، أي سقوط بشار ووصول المعارضة السورية إلى السلطة» قبل أن يؤكد أن «المناقشات الدولية لا تحرز تقدماً بدورها». وهو إقرار بالعجز غير مسبوق من الجانب الفرنسي، على رغم أن الموقف الرسمي يؤكد أن باريس لا تزال «مصممة ونشطة» في الملف السوري. وبعدما كانت أول قوة غربية تعترف بالمعارضة السورية التي ولدت بعد آلية عسيرة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، تنظم فرنسا غداً الاثنين اجتماعاً دولياً يشارك فيه خمسون بلداَ حول المعارضة. غير أن مستوى اللقاء الذي لا يتعدى كبار الموظفين وطابعه «الفني» يكشفان مستوى التطلعات المتدني، وقال منزر ماخوس سفير «الائتلاف الوطني السوري» المعارض في فرنسا: «لست أدري إن كنا سنتمكن من التحدث عن تقدم لافت». وأضاف أن «الهدف هو وضع الأسرة الدولية أمام مسؤولياتها، وتذكير أصدقاء الشعب السوري بأنهم قطعوا تعهدات سياسية ومالية لم تتحقق»، متسائلاً حول «الجمود» الدولي. وكانت الدول العربية والغربية المشاركة في اجتماع أصدقاء الشعب السوري في 12 كانون الأول (ديسمبر) في مراكش اعترفت بالائتلاف الوطني السوري «ممثلاً شرعياً» للشعب السوري، وقطعت وعوداً بقيمة إجمالية تقارب 145 مليون دولار من المساعدات. كما تلقى رئيس الائتلاف معاذ الخطيب دعوة لزيارة واشنطن «في أول مناسبة»، من دون أن يتحقق شيء حتى الآن. وعلى رغم الاعتراف الدولي بها، فان المعارضة السورية تجد صعوبة في نيل الاعتبار، بسبب الشكوك حول صفتها التمثيلية ولا سيما على الأرض في سورية، وعجزها عن تنظيم صفوفها، خصوصاً من خلال تشكيل حكومة انتقالية. وقال مصدر ديبلوماسي: «نريد مساعدة المعارضة على تنظيم نفسها، لكنها عملية ضخمة في غاية التعقيد». ويرد ماخوس على مثل هذه الحجج: «لماذا نشكل حكومة إن كنا لا نحظى بدعم قانوني وسياسي ومالي من قبل الأسرة الدولية؟». وما ساهم في تعميق الهوة بين الأسرة الدولية والمعارضة المخاوف الغربية من أن يطغى الإسلاميون المتطرفون على المعارضة السورية ورفضهم بالتالي تسليم المقاتلين أسلحة، غير أن ماخوس يرد على ذلك قائلاً إن «المشكلة لا تكمن في التمييز بين المقاتلين بل في وقف المجازر». لكن الأسرة الدولية تبدو عازمة على التريث. وقال بيتر هارلينغ المختص في الشأن السوري في مجموعة الأزمات الدولية: «انه نزاع اقتصرت كلفته حتى الآن على السوريين من دون أن تطاول لاعبين خارجيين. هؤلاء يكتفون في الوقت الحاضر بالمشاهدة ليروا إلى أين ستصل الأمور ويتخذون في هذه الأثناء بعض التدابير المترددة من دون أن يسعى أحد جدياً إلى حل». ولا يرى الباحث حلاً في الأفق ينبثق من أطراف النزاع السوريين وقال: «في الوقت الحاضر الأشخاص الأكثر عقلانية هم رهائن العناصر الأكثر راديكالية» سواء في صفوف النظام أو في صفوف المعارضة.