دعت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية الدولية أمس في رسالة بعثت بها إلى المجلس الوطني التأسيسي في تونس، إلى تعديل بعض فصول مشروع الدستور التي «تمثل تهديداً لحقوق الإنسان»، لا سيما الحصانة القضائية التي يتمتع بها رئيس الدولة وعدم وجود ضمانات تكفل استقلال القضاء ووجود «صياغات غامضة» من شأنها «تهديد» الحقوق والحريات. وقالت مديرة مكتب «هيومن رايتس ووتش» في تونس آمنة القلالي ل «الحياة»، إن «الحصانة القضائية لرئيس الجمهورية يجب أن يُستثنى منها بند الجرائم الدولية، بما في ذلك الجرائم التي يغطيها نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، وكذلك أعمال التعذيب والإبادة وجرائم الحرب والاختفاء القسري». واعتبرت أن «مسودة الدستور تحتوي تمييزاً بين المواطنين في مسألة رئاسة الجمهورية إذ ينص الفصل 46 من مسودة الدستور على ضرورة أن يكون رئيس الجمهورية مسلماً، وهو تمييز بين المواطنين على أساس الديانة». وعبّرت المنظمة عن قلقها من الفصل الخامس عشر من مشروع الدستور الذي ينصّ على أن «احترام المعاهدات الدولية واجب في ما لا يتعارض مع أحكام هذا الدستور». وقالت «هيومن رايتس ووتش» إن «هذه الصياغة قد تدفع القضاة والمشرعين إلى تجاهل هذه المعاهدات بذريعة أنها تتعارض مع الدستور الجديد». وحذرت القلالي من أن «عدم اعتماد مرجعية حقوق الإنسان الكونية يعتبر إخلالاً واضحاً للقانون الدولي ويعطي صورة سيئة عن تونس لدى الرأي العام الدولي»، محذرة من أن «هذا الأمر قد يسمح بمساءلة تونس على المستوى الدولي مستقبلاً». ويتفق مضمون رسالة «هيومن رايتس ووتش» مع تخوفات المجتمع المدني في تونس إزاء استقلال القضاء، إذ حذرت رئيس «جمعية القضاة التونسيين» كلثوم كنو في تصريح إلى «الحياة»، من أن المسودة «فيها ضمانات غير كافية لتحقيق استقلال القضاء، بما في ذلك صياغة غامضة في ما يتعلق بضمانات عمل القضاة والسلطة التقديرية الواسعة للسلطة التشريعية لتحديد شروط عزل القضاة». لكن الرسالة التي بعثت بها المنظمة أشارت إلى تحسن طرأ على مسودة الدستور مقارنة بالمسودة الأولى. وأشادت القلالي بالتراجع عن مبدأ تجريم المساس المقدسات وتجريم التطبيع في الدستور. لكنها حذرت في الآن نفسه من أن الثغرات التي أشارت إليها «من شأنها أن تؤدي إلى إفراغ الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور من محتواها».