في خطابه الأخير، والذي قد يكون آخر خطاباته، ومن داخل دار الأوبرا بدمشق في ما يبدو، قدم بشار الأسد ثلاثة اعترافات مصيرية: أولاً، اعترف بأنه قد اختار الحل الأمني منذ الوهلة الأولى، ليقينه بأن السلمية لم تكن سوى قناع يخفي السلاح. ثانياً، اعترف بأن العمليات القتالية ستستمر بالضرورة وبمعزل عن أي مبادرة سياسية.ثالثاً، اعترف بوجود مواطنين مدنيين يقاتلون بجانب الجيش النظامي، وهم الذين يسمون ب «الشبيحة». فما الذي يريده بشار الأسد؟ إليكم ما يريد: يريد أن يتوقف الاحتجاج على القمع قبل أن يتوقف قمع الاحتجاج. ثم ماذا؟ لا ينكر أنه يريد شركاء سياسيين قد لا يمانع في محاورتهم لكنه ينفي وجود شركاء كما يريد، ولذلك لا بأس أن يحاور من يريد. ثم ماذا؟ يريد أن يصدر عفواً عاماً في يوم غير معلوم لكن، تبقى المتابعة باسم الحق الخاص قائمة في حق من يريد. ثم ماذا؟ يريد إصلاح البلاد لكن، على النحو الذي يريد ومتى يريد وكيف ما يريد. ثم ماذا؟ يريد أن يصادق على المبادرات الدولية لكن، بالتأويل الذي يريد. ثم ماذا؟ يريد أن يستمر في الحل الأمني من دون أي أفق زمني محدد. ثم ماذا بعد؟ بشار يريد شعباً لا يشبع من ترديد شعار: «الله، سورية، بشّار وبس». لأنه وحده من يريد. مختصر الكلام، ليس هناك شيء اسمه ما بعد بشار. هل بقي ما نضيفه في الأخير؟ من أبرز زلات لسانه (وليس يخفى أن زلات اللسان كاشفة في التحليل النفسي) أنه قال: «ضباطي وصف الضباط»، قبل أن يستدرك بحذف ياء التملك. تلك زلة لسان تقول كل شيء عن كل ما يريده بشار الأسد. * كاتب مغربي