كشف معارض سوري، انشق عن نظام الرئيس بشار الأسد، قبل قرابة شهر ونصف الشهر، عن قرار غير معلن، يقضي بتحفظ الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، على عائلات الدبلوماسيين السوريين بالخارج خشية انشقاقهم حيث تنفذ الأجهزة الأمنية السورية ذات السيناريو الذي اتبعه القذافي مع دبلوماسييها ووضعهم تحت الإقامة الجبرية. مشيراً إلى إجراءات “قمعية تصب في خانة الفعل الأمني الترهيبي” تجاه بعض وجوه الدبلوماسية السورية في الخارج، أو الداخل ورؤية النظام لبعض ممثليه الذين يتوقع منهم “الانشقاق والانضمام للثورة”. وأوضح المفتش الأول في وزارة الدفاع السورية، والتابع لرئاسة مجلس الوزراء، السيد/ محمود سليمان الحاج حمد، أن هذا كان أحد أسباب تأخر إعلان انشقاقه، مؤكداً صحة الاتهامات بتورط نظام الرئيس بشار الأسد، مع إيران وحزب الله، في عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، خوفاً من مشروعه العروبي والقومي. وأشاد بالموقف السعودي الشجاع، الذي فضح نظام الأسد، وقال إن للمملكة دور كبير جداً في التغير الذي يحصل الآن في سوريا، مشيراً إلى أن هذا الموقف ليس غريبا على المملكة ولا على خادم الحرمين الشريفين، وأضاف :»نحن نثق في المملكة منذ زمن لأنها هي الحاضنة الحقيقية للعرب وللمسلمين». أما الشبيحة فهم حثالة المجتمع، ونفايته من مهربين ومطلوبين للعدالة، ويتمتعون بالحماية من رأس النظام، كانوا يقومون بعملية تهريب وغسيل أموال واختراق للحدود، باختصار سوريا كانت ولازالت منذ بداية حكم حافظ الأسد، تعيش على التناقضات في العالم. وأوضح الحاج حمد، أن نظام الأسد، كان يؤجج للطائفية في العراق، وكشف عن أن جهات مخابراتية سورية، كانت وراء الإعداد والتنفيذ لتفجيرات نسبت إلى تنظيم القاعدة، والحقيقة أنها من صنع وتدبير المخابرات السورية، لإكمال المشروع الصفوي الفارسي في العراق. (اليوم) التقت المفتش في وزارة الدفاع السورية، محمود سليمان الحاج حمد في مكانٍ ما بأحدى ضواحي العاصمة المصرية القاهرة لدواعٍ أمنية وأجرت معه هذا الحوار: *أهلا بك حضرة المفتش في أول حوار تجريه مع صحيفة سعودية وعربية تقريبا.. ماذا تقول في البداية؟ أقول في البداية، إن ما يحدث في بلدي سوريا، يفوق الوصف، وأن هذا النظام الإجرامي اعتاد الإجرام والبلطجة، وتعود على المراوغة لتحقيق مكاسب طائفية بعيدة تماما عما يروج له من أكاذيب حول تبني المقاومة والحقوق العربية، وينبغي أن يزول هذا النظام لتنتهي حقبة سوداء من تاريخنا الحديث، تلطخت بالدم وبالتنكيل وبالقهر، وأملنا في الله كبير، ثم بمساعدة الأشقاء وعلى رأسهم الأخوة في المملكة العربية السعودية ودول الخليج وفي العالم الحر، بأن يساعدونا في التخلص من هذا الطاغية. لماذا الانشقاق؟ * قبل أن نستطرد وندخل في التفاصيل، سؤال صريح لما شقّيت عصا الطاعة عن النظام؟ - أنا انشقيت، لأني لم أتحمل هذه المجازر الدموية، كنت في موقع كبير في سوريا، ولأكون واضحاً.. منذ البداية وأنا ضد هذا النظام حالي حال أي انسان في الوطن العربي ليس في سوريا لوحدها، هناك كثر من رجال الدولة يعملون رغماً عنهم. حين بدأت الثورة كنا نعمل مع الثوار في الخفاء، حينما وسّع هذا المجرم عملياته، كنا نتوقع أن يفعل مثل بن علي أو مبارك، لكنه لم يفعل، هنا لم يعد مجال أبداً للسكوت، تعرفون أنه في سوريا لا تستطيع الحديث.. لمن تتحدث؟، لا تستطيع أن تعطي رأيك في جلسة صغيرة مقتضبة.. لأنك لا تدري من سيوقع بك. بعد أن أصبح الوضع لا يطاق، قررت الخروج والإنشقاق والتحدث إلى الإعلام وكشف هذا النظام الخائن لشعبه ولعروبته، ولكل شيء، خائن بكل المقاييس والمفاهيم، يتحدث عن العروبة وهو أبعد ما يكون عنها، هو من يدخل إيران إلى قلب الوطن العربي ويتحدث عن العروبة، يدخل الفرس؛ والفرس أعداء تاريخيون للعرب، أن من يقرأ التاريخ يمكنه أن يفهم ما يحدث الآن. ليس غاية *ألاحظ أن أنشقاقك في 4 يناير الماضي، أي بعد قرابة عام من الثورة.. ألا يعتبر ذلك متأخراً جداً، وكأنه لم يأت إلا بعد تأكدت تماماً من قرب سقوط النظام ؟ - لا يا صديقي، قلت لك أني كنت أعمل مع الثوار من الداخل، وبشكل سري، الإنشقاق ليس غاية.. الغاية أن تصل بالثورة إلى مبتغاها، أنا لا اعتقد أن الموضوع في وقت أو توقيت الأنشقاق بل في كيفية العمل، أنا لم أكن في سوريا سوى عامل من الطراز الأول، أنا كنت أخرج للمظاهرات رغم موقعي كنت اتخفى، هذه شهادة لله، كنت أتخفى في رمضان والبس الجلابية وأخرج للمظاهرات ولا أبالي. الهروب الكبير *ماذا عن قصة انشقاقك أو الهروب الكبير إذا جاز التعبير، وكيف استطعت تهريب أسرتك؟ - أنا يا سيدي هربت، بطريقة ملتوية، تجنباً للأسوأ، كنت قد جهزت نفسي باستخدام نفس الحيل، بدأت أذكر في كل مكان أن هناك عصابات مسلحة، وأشارك مخابرات النظام الرأي حتى يطمئنوا لي بينما كانت تساورهم شكوك كثيرة حولي، ثم غيرت من موقفي كثيراً حتى لم يعودوا يشكون بي. وفي يوم من الأيام، تقدمت بطلب الحصول على تأشيرة سفر إلى مصر ، بزعم تسجيل أبني في الجامعة، كي لا أثير الشك، دُرس الطلب وقمت بتوسيط بعض الأصدقاء، حتى تمت الموافقة ثم خرجت وابني معي فقط، حتى تكون الأمور رسمية، بعد وصولي، طلبت أسرتي، لتكون بجوار ابنها، ونجحت في الخروج بشكل عادي، لم يحسبوا أني سأنشق، لذا مرّ الأمر دون أن أتخيل. لأنهم في النظام كانت لهم ملاحظات علي، بسبب شكوكهم في أني أتضامن مع الثوار، ورفضوا اعطائي، ولدي الوثائق مرفوضة كتابياً، لكن حينما لما كانت مواقفي المعلنة قوية ضد الثورة، صدقوا وتمت الموافقة. جيدة وغير كافية *قبل أيام، كان هناك اجتماع لوزراء الخارجية العرب أخذ فيه قرار مهم، وهو إحالة الملف السوري لمجلس الأمن تقريباً، ما رأيك في تلك الخطوة. - تلك خطوة جيدة، طبعاً، مع علمنا أن مجلس الأمن به عقبات كثير ة مثل روسيا، التي تستخدم الفيتو ضد أرادة الشعب السوري لإبطال أي قرار دولي حتى بالإدانة وليس بالتدخل، القرار الماضي كان تحت البند السادس ولم يكن تحت البند السابع ومع ذلك تم إبطاله من قبل روسيا، التي أعتبرها عدواً للعرب بحكومتها، لا أقول الشعب، وهم بذلك للأسف الشديد يشاركون بشار الأسد في جرائمه، كمعظم مجرمي العالم.. لكني أرى أن هذه الخطوة غير كافية، يجب أن يقوم الأشقاء العرب جميعاً بالاقتداء بالموقف السعودي تحديداً، ومن ثمَّ الخليجي، الذي كان واضحاً وقوياً بدون مواربة أو مجاملة، فأعلن سحب السفراء، وطرد ممثلي الأسد، وأعلن رفضه أن يكون شاهد زور، بينما قبل آخرون أن يغمضوا أعينهم ويصمّوا آذانهم. عاتبون.. ولكن *أعلم أن لكم عتباً كبيراً على الجامعة العربية وبعض الدول الأخرى، ولكن أعتقد أن كلمة الأمير سعود الفيصل وخطاب خادم الحرمين الشريفين قبل أيام عندما ندد بالفيتو الروسي، نجح في نقل الملف السوري عربياً على الأقل إلى موقف أقوى.. ماذا تقولون؟ بالفعل، نحن عاتبون إلى درجة المرارة، على الجامعة العربية، وعلى أمينها العام شخصياً، وندرك أن الموقف السعودي بقيادة خام الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، هو الذي قاد الدفة، وتملك جناح التغيير فيما يحدث، وبصراحة، نعتقد أن المملكة قادرة بثقلها ووزنها التاريخي على أن ترفع عنا هذا العناء، وأملنا كبير في ذلك. خادم الحرمين الشريفين كان أول زعيم عربي، يندد بالممارسات القمعية لنظام بشار الهمجي، والأمير سعود الفيصل، كان أقوى المتحدثين علانية عن ضرورة التغيير والاستجابة لمطالب الشعب، بل إنه كان الأكثر وضوحاً حينما دعا في الاجتماع الأخير لمحاكمة القتلة في سوريا أمام محكمة جرائم الحرب الدولية. بؤرة التغيير *إشارة للموقف العربي تحديداً، هل تعتقد أن الموقف السعودي الذي حدث بداية من كلمة الملك عبد الله للرئيس الأسد، وبعدها خطوة تجميد السفير أو سحب السفير تابعها مجلس التعاون الخليجي سحبوا سفراءهم وطردوا السفراء السوريين هل تعتقد أن هذا الموقف كان هو بؤرة التغير؟ - طبعاً للمملكة دور كبير جداً في التغير الذي يحصل الآن في المواقع، طبعاً هذا الموقف ليس كبيراً على المملكة نحن نراهن على المملكة منذ زمن، هي الحاضنة الحقيقية للعرب، وهي الحاضنة للمسلمين، المملكة أذن هي الحاضنة الطبيعية بنظر السوريين للأمة العربية، الحاضنة الطبيعية للإسلام كنا نتوقع منها مواقف كبيرة جداً، ولم تخذلنا، بل كانت من أوائل الدول التي تعاطفت معنا، وأخذت موقفاً حاسماً. كانت أيران تبعث المقاتلين ليذبحوا شعبنا.. هل يصح أن تتفرج ا لمملكة بالطبع لا. آخر خليفة عباسي قالوا له: ضاعت الشام وضاع كذا وكذا، أجابهم: «بغداد تكفيني» في النهاية لم يسلم حتى على أبواب بغداد، ، إيران تدق أبواب الخطر، تحتل جزر الأمارات، وتثير الفتنة بالبحرين، وتسللت من تلك الأبواب للكويت واليمن وفي كل مكان ماذا ينتظرون أكثر ذلك؟ لا بد أن نقرأ التاريخ جيدا ونتعلم منه. أنت ترى في حمص حي الخالدية، حي خالد ابن الوليد، مات في حمص مات عن مائة ولد، كان له مائة ولد حين مات في حمص هذا للتاريخ، ربما أنه تمنى بقول هذه المشورة أن كنت في المعارك وها أنا أموت على فراشي كما يموت البعير، أحفاده حققوا له هذا الحلم، الآن يستشهدون دون أي خوف من الموت، كنت أتجول في حمص وكنت أرى الشباب يقفون في وجه الدبابة يخرجون من المسجد، الدبابة لا تبعد أكثر من 50 متراً ولا يخافون، ولا يخافوا نظاماً مجرماً وقاتلاً، جيش سوريا.. لأكن دقيقاً أنا كنت مفتش في الوزارة وأعرف من خلال سجلات الجيش السوري أن الجيش السوري تركيبته 86 بالمائة من ضباطه من الطائفة العلوية، إذا كانوا في مواجهة في حرب طائفية منذ بداية الثورة من قبل العلويين للسنة، أيضاً بابا عمرو هو مرقد عمر الزبيدي وهو صحابي جليل.. إذن هذه حمص مثلاً. شركاء في القتل *بِمَ تفسّر وجود أصوات عربية مؤيدة للنظام في دمشق وما دور إيران؟ - نحن نعلم ذلك، بعض حكومات العرب والمملكة في مقدمتها تقف إلي جانب الشعب السوري، بقية دول الخليج بجانبنا، أما دول عربية أخرى مثل الجزائر والعراق ولبنان، فكان غريبا منهم مساندتهم للنظام، العراق لم يصوت ضد القرار ولم يتحفظ ولكن للأسف لبنان، كانت الأغرب، البعض فيها يعملون بأجندات يمليها عليهم حزب الله، والجزائر لازالوا يعيشون في أوهام الستالينية والأشتراكية، وهم يخافون أن تصل آثار الثورة إليهم. في كل الأحوال، كان ننتظر من العرب اتخاذ خطوات عملية تنفيذية، خاصة عندما يعلمون أن إيران هي رأس الحربة ضدنا، إيران أقامت الدنيا ولم تقعدها، حينما دخلت قوات درع الجزيرة إلى البحرين، لحفظ الأمن، لأنها هي من تذكي أعمال الشغب والأحقاد الطائفية، نحو مشروعها التوسعي. أعلم شخصياً وبالوثائق، أن إيران وعميلها حزب الله يشاركان منذ بداية الثورة السورية في حملات الإبادة والقمع، كلاهما وجه واحد، للإرهاب، حينما نذكر إيران، نذكر أن حزب الله هو تابع لها؛ هو فرقة في المقدمة للجيش الإيراني ليس له دور أكثر من ذلك، كنا نتمنى طبعاً من العرب أن يكون لهم موقف أقوى موقف أشد، كأن العرب ينتظرون ما هو أكثر، إذا دخلت إيران، في الشام سوف تدخل إلى مصر وتدخل الخليج العربي، هي تحاول على كل الأحوال، هي تحاول الدخول عبر عدة منافذ، البحرين، اليمن، في كل مكان هي تحاول أن توجد موضع قدم لها. تجهيز إيراني *هل لديك أدلة على التدخل الإيراني في الوضع السوري؟ - طبعاً الأدلة كانت واضحة منذ بداية الثورة، وقبلها، كانوا يجهزون لهذا، اثناء الثورة المصرية عبرت بارجتان عسكريتان إيرانيتان قناة السويس، كنا نتمنى من السلطات المصرية إنذاك أن تفتشهما أو توقفهما طالما هي بوارج عسكرية، إسرائيل ادعت بأن هذه البوارج متجهة نحو إسرائيل وأثارت ضجة، ثم تبين لاحقاً أنها تتجه نحو ميناء اللاذقية، فأنزلت حمولتها من أدوات القمع والقتل؛ القنابل والغازات، على مرأى العالم، فأيران تتدخل بشكل مباشر وهي مرفوع الغطاء في ذلك، لماذا العرب لا يستطيعون، لماذ العرب عاجزون عن تزويدنا أو مساعدتنا مثلما يفعل الإيرانيون مع نظام الأسد؟ على الأقل شعبنا يقتل، العشرات يومياً ومع ذلك لا مساعدة إنسانية حتى على الأقل!. حجة نظام *أفهم من كلامك، أنك تلخص المواجهات بين النظام والشعب بأنها تعبير عن حرب طائفية؟ - النظام المجرم أرادها كذلك، لا يمكن التستر بعد ذلك على ما يحدث، لا يمكن السكوت على ذلك، ماذا تفعل إيران في سوريا، أن لم يكن مبدأ طائفياً فماذا تفعل، بحجة الطائفة تريد مصالحها، ما الذي جعلها قريبة من العلويين؟ ما الذي جعلها تدافع عنهم بكل هذه الشراسة والقوة وترسل آلات القتل والدمار، وترسل قناصين؟، وإذا ما اعتقل مقاتلوها تصدر بيانا بأنهم مجرد «حجاج»، ونحن علينا أن نصدق وعلى العرب أن يصفقوا لها، هذا ما هو مطلوب منهم أن على كل ما تفعله إيران في سوريا. خطأ طائفي *ولكن.. ألا توجد مخاوف لما بعد سقوط النظام، وأن تحدث عملية انتقام من الطائفة العلوية؟ سمعت أن النظام أجبر الطائفة على الأنخراط في الجيش، أفقر قراهم ليضطروا لدخول الجيش، وأفزعهم بأن نهايتهم القتل إن لم يساندوه.. هل معنى ذلك أن تقع حرب طائفية انتقامية؟ - يا سيدي كل شخص لديه عقل ويفكر، لا يمكن أن يجبره أحد، أنا كنت موظفا في هذه الدولة، لكن ليس اجباري علي أن أسير في منهجهم وكذلك على الطائفة، لا يمكن هم أن يسيروا بأيحاءات من أحد، يعرفون حقيقة ولكن مع ذلك هم يشاركون. دولة علوية *هناك مخاوف من أن الأسد ممكن ينزع لإقامة دولة علوية في جبال العلويين كحل أخير.. يحتمي بالطائفة مثلاً؟ - هو يحاول على ذلك طبعاً، لكن هذا الموضوع سيكون بعيداً عنه، هو يحاول أن يأخذ حمص هي وسط سوريا، كل هذا القتل والامعان في قتل أهلنا في حمص لتكون هي الممر له إلى إيران، هي وسط سوريا، لو أقام دولة في وسط حمص، هي الممر بين جبال علوية وبين إيران، وهو لذلك أكثر شراسة في حمص، يريد أن ينزح أهلها ليستولى عليها، هذا مفهوم لدي، نحن نعرف هذا المخطط، لكن ماذا نفعل؟ الناس تقاتل بشراسة واصبح الأسد عاجزاً عن اختطاف حمص. كان متوقعاً *هل تعتقد حضرة المفتش أن الذي حدث في سوريا كان متوقعاً، أم أنه تأثير للأمتداد لما يعرف بالربيع العربي؟ - هذا كان معروفاً منذ زمن، سبق أن قلت إن السوريين سكتوا لأنهم يعلمون الفاتورة الباهظة التي سيدفعونها، يعلمون بأن النظام في سوريا هو نظام احتلال، إسرائيل لم تقتل من السوريين مثلما قتل بشار، نظام احتلال حقيقي، جيّشه لخدمته، في سوريا يقولون الجيش عقائدي، ما معنى عقائدي؛ عقيدة الجيش كما قلت هو 86 بالمائة من الطائفة العلوية، عقيدته وإيمانه هو لحماية القائد حافظ الأسد قبلاً وبشار الآن، اذن لديه معتقدان حماية القائد وحماية البعث، البعث هو حزب البعث، الحقيقة أن الموضوع كله موضوع طائفي أختطف سوريا، سوريا وقفت ضد العراق في حرب إيران، سوريا دائماً مواقفها مضادة لمواقف العرب لأنها مختطفة، وبشار ما هو إلا موظف صغير لدى إيران، أنا أعلم ذلك أنا اتحدث واعلم، لأنه ينفذ كل أجندات إيران، أقام لها حزب الله في لبنان، وحزب الله من يدعمه ومن يموله ومن يشرف عليه كله إيران، ثم هو خُلق لإثارة المشاكل والفتن، وكانت النزعة هي لاحتلال لبنان، مسبقاً مثل ما تم احتلال سوريا من قبل إيران من خلال حزب الله فأفتعل حرباً في تموز 2006 ثم أهدى إليه النصر بأتفاق مع إسرائيل، هو ليس نصراً، ولكنه تدمير لبنان. لكن للأسف العرب هم من أعادوا بناء جنوب لبنان، ماذا ردت إيران؟ قامت بتصفية رفيق الحريري، لأنه كان يمثل اتجاهاً معيناً، ومضاداً لأطماعها، وبتصفية الحريري، تم تصفية المشروع العروبي، كان رفيق الحريري يمثل مشروعا عربيا لا يمثل شخصاً رأسمالياً، ولكن تم اغتياله وتصفيته، ثم تم تحييد الطوائف وضمها لحزب الله. أتهم إيران * إذا أنت رسميّاً تتهم إيران تحديداً بأنها وراء اغتيال رفيق الحريري؟ - طبعاً.. وأداتها حزب الله لا يتصرف بدون إيران، حزب الله وحسن نصر الله حجر صغير بيد إيران، ألا تعرف أن صبحي الطفيلي الذي اسس حزب الله، عندما قال أنا لا أعمل لدى إيران تمت إزاحته، والمجئ بهذا العميل حسن نصر الله، هذا معروف لدى كل من ينتمي للعروبة، الشيخ مهدي شمس الدين.. تمت أيضاً أزاحته لأنه دعا إلى العروبة، الشيخ علي الأمين كذلك، لأن مرجعيته عربية وليست في قم بينما حسن نصر الله يدعو إلى المشروع الصفوي الفارسي هذا كلام اعتقد أن الكل أصبح يفهمه، ويجب أن يفهمه. سوريا مشتركة *هذا حديث عام عن تورط إيران وحزب الله تحديداً في الجريمة، لكن المحكمة الدولية حتى الآن لم تعلن اتهاماً محدداً؟ هل أنت مقتنع باشتراك النظام السوري في الجريمة؟ - سوريا مشتركة للأسف بالقطع، ونظام الأسد شارك في اغتيال رفيق الحريري، قلت لك النظام السوري هو أداة تنفيذية بيد إيران وحسن نصرالله أيضاً أداة تنفيذية كلاهما أحجار بيد إيران. أي محكمة؟ *لو لديك معلومات عن تورط النظام السوري في الجريمة.. لماذا لم تقدمها للمحكمة الدولية ؟ - أي محكمة دولية محكمة دولية مضى عليها ست سنوات أو سبع سنوات من 2005 حتى الآن لم تتوصل إلى نتائج هذا كلام ضعيف، هم يعلمون كل شيء، لكن هذه المحكمة تحولت إلى موضوع إبتزاز لإيران لعبة دولية. لا يملك قرارا *بصراحة، على ماذا يراهن نظام بشار الأسد في حملة القمع ضد الشعب؟ هل يلعب على الوقت؟ أم هو خايف من مصير من سبقوه؛ مبارك في السجن، القذافي قتل، بن علي هرب، على عبد الله صالح تنحى؟ - لنكن واضحين في هذا الخصوص بشار قراره ليس بيده، وإنما بيد إيران، هو موظف صغير، أيضاً قراره بيد الطائفة لديه مجلس طائفي، أفتى منذ بداية الثورة في سوريا بعدم خروج أي فرد من أبناء الطائفة ضد بشار.. انظر مثلاً أكبر مثقف علماني أدونيس من الطائفة العلوية الآن يؤيد بشار الأسد مع أنه يكرهه! لكنها تعليمات الطائفة. *لكن هناك شخصيات علوية انشقت وأعلنت انشقاقها. ليس هناك شخصيات علوية انشقت، هذا كلام غير صحيح، لم تنشق أي شخصية علوية حتى الآن، نحن الآن يجب أن ندرك الواقع والحقيقة، لا أن نعيش في الأوهام، أنا لا أصدق مثل هذا الكلام، وحتى أن خرج فرد أو أثنان أو ثلاثة من طائفة كانوا، لا أصدق. ليس هناك طائفة واحدة انشقت. الجيش الحر *..وماذا عن انشقاق الضباط، الذين شكلوا الجيش السوري الحر؟ هل هم من غير الطائفة العلوية؟ هل تعتقد أن الجيش الحر قادر على إحداث تغيير على الأرض في الداخل؟ - طبعاً.. لو تلقى الجيش الحر قليلاً من الدعم ولو بشكل مستتر لأستطاع أن يكون أكثر قوة *وكيف سيصل الدعم والبوارج الروسية في البحر الأبيض المتوسط، والمالكي بالعراق مع بشار؟ يا سيدي لماذا روسيا تتدخل والعرب عاجزون عن تزويدنا بأي شيء؟ *ولكن اليوم هناك حديث عن محاولات تقودها المملكة لتحييد الموقف الروسي.. هذا صحيح، وإذا تم، فستنجح المملكة بحكم ثقلها وأهميتها، وكما قلت الموقف الروسي هو موقف في البازار.. موقف مادي، أنا فتشت في سجلات قوات الدفاع وأعلم ماذا أقول؟ روسيا ليس لها مصالح في سوريا هذا كلام كاذب لا حقيقة، هي تلعب على لعبة الاتحاد السوفيتي، ليس هناك عقود كما يقولون وليست هناك قواعد كبيرة تحافظ عليها والحكومة الروسية لا تتصرف كدولة تتصرف كعصابة مافيا يأخذون المال من تحت الطاولة، أما عن الصين فلا أعلم سببا صريحاً، قد تكون مصالحها الاقتصادية ولكن ماذا لديهم من مشاريع اقتصادية، أو استثمارية في سوريا؟ أعتقد أنها مراهنة دولية على توزيع مكاسب، ربما يعتبرون إن أمريكا استأثرت بالعراق وأن أوروبا أستأثرت بليبيا، أما روسيا لم يكن لها من الحصة. إذا كانت هذه اللعبة والصين كذلك نفس الوضع، أنا أعلم تماماً حقيقة المشاريع في سوريا، أو حتى العقود ليس هناك عقود بين سوريا والصين، ليس هناك عقود ما بين سوريا وروسيا، الموضوع هو موضوع تقسيم نفوذ والضحية هو الشعب السوري. كلام صحيح *باعتبارك الآن جزء من المعارضة، ما تقييمك لعمل المعارضة؟ وتفسيرك لحالة التفكك التي تحيطها ما بين مجلس وطني وما بين كتل وفصائل، أو مستقلين ما بين فصائل كثيرة جداً وهذا يؤخذ عليكم؟ - للأسف هذا كلام صحيح، أنما الكل اتفق على مسألة واحدة هي أسقاط النظام أولاً، لكن كل له رؤيته في تشكيل سوريا القادمة يختلفون على ذلك، أما مسألة أسقاط النظام فلا أحد يختلف عليها، أما في المرحلة المقبلة ربما يكون للمعارضة مكان في سوريا، الشباب السوري ليس براض عن هذه المعارضة؛ سيكون القول الثوار الذين دفعوا الدم فهم الثوار الحقيقيون، أولاً لم ولن يقبلوا مرة أخرى بأوصياء عليهم لا من المعارضة أو من غيرها، للأسف المعارضة لا تقدر مسئوليتها كما يجب. آخذ على المعارضة *هذا يعني أن لك مآخذ على المعارضة.. ما هي بالتفصيل؟ - المعارضة يجب أن تكون أقوى تفاعلاً وأشد تواصلاً مع الحراك في الداخل ومع تحقيق مطالب الشعب مع عمليات الأغاثة.. هذا هو المطلوب منها ليس المطلوب منها أن تكتفي بالظهور على الإعلام وتصرح وتتحدث، لا بدّ من دور أقوى، أما حين اسقاط النظام فستختلف الأوضاع كثيراً، الناس على الأرض لها رأي، هم الثوار الحقيقيون هم الذين تحملوا الدم والقتل والاعتقال، والتعذيب والجوع والبرد، الشعب السوري عاش حياة لا توصف، ليس من سمع كمن رأى، أنا لا أتهم المجلس الوطني ولا غير المجلس الوطني بأنهم غير أمناء.. لا، لكن ربما لضعف خبرتهم ربما، لا أدري ربما تكون تجارات داخل هذه المعارضة، غير نزيهة ربما. ربما يكون فيها عملاء لكن بدون تسميات. سينتهون بأعمال عشوائية *عفواً.. كلامك غامض إلى حد كبير، لقد سمعت اتهاماً مبطناً للأخوان المسلمين أنهم من عينوا المجلس الوطني، وأن المجلس الوطني ليس معبراً حقيقة عن الثورة السورية.. هل هذا صحيح؟ - حتى الآن.. وبكل تأكيد أعتبره لا يعبر حقيقة عن الثورة السورية، اولاً تم تشكيلة هو عبارة عن مجموعات بالتعيين، ودون انتخاب، ليس بالضرورة من الأخوان المسلمين، كان يجب أن يكون مؤسسة حقيقية، أن تبدأ ببناء حقيقي، ضروري جداً، لكنهم ببدأوا ببناء عشوائي، لذا سينتهون بأعمال عشوائية. تجميع الشتات *قدمت للتو من مؤتمر في اسطنبول بتركيا، بصراحة ماذا فعلتم؟ أم هي مجرد اجتماعات وصور؟ - كنت في تركيا، ليس في مؤتمر بنفس المعنى، ولكن كنت اجتمع بأطراف المعارضة، لتقريب وجهات النظر، يهمنا الآن سوريا لا يهمنا من اقترب ممن ومن هذا الذي يدعم هذا الفريق أو ذاك، يهمنا نجمع شتات هذه المعارضة، ولازلنا نعمل على ذلك. *بمناسبة ذلك، ما موقعك في المعارضة؟ - موقعي حيث أنا، لم أنضم لأي جبهة، طلب مني الكثير لكني لم أنضم حتى الآن، أنا أسمع من الكل وأرى مشاريع الكل وهمّي ان تجتمع تلك المعارضة فقط على كلمة سواء لا أكثر ولا أقلّ. رهان خاسر *كنت من المقربين من النظام إذا جازت التسمية، وأحد المسئولين في أخطر وزارة في سوريا، وزراة الدفاع، كثيرون بيراهنوا على انشقاق الجيش وأن الجيش هو الذي يمكنه الانقلاب على بشار، وبالتالي يحل المعادلة، ما مدى صحة هذا الكلام؟ - هذا الكلام منذ بداية الثورة، ولكنه نظري، لأن الجيش كله بيد الطائفة، وإذا لم تفق الطائفة وتتخلص من بشار، فستدخل في حرب طويلة مع الشعب السوري، وهم للأسف لم يفعلوا ذلك، ولكن الرهان على الجيش في هذه المرحلة مرحلة رهان خاسر، لكن هناك الكثير من عناصر الجيش، ملّت، ولم ينضموا بالضرروة إلي الجيش الحر مثلاً، لكن يهربون ويذهبون إلي بيوتهم.. وهناك الكثير منهم يبيع ما تيسر من اسلحة وذخائر الجيش.. أنا أعلم حالات كثيرة تفعل ذلك في الفترة الأخيرة. ..والشبيحة؟ *ولكن الجيش اسحلته قديمة فماذا يباع منها؟ هل الرهان على الشبيحة الذين يقتلون الناس في الشارع؟ - لا لا.. الجيش لديه أسلحة، أما الشبيحة فهم حثالة المجتمع، ونفايته من مهربين ومطلوبين للعدالة، ويتمتعوا بالحماية من رأس النظام، كانوا يقومون بعملية تهريب وغسيل أموال واختراق للحدود، باختصار سوريا كانت ولازhلت منذ بداية حكم حافظ الأسد، تعيش على التناقضات في العالم. *..كيف؟ سوريا تعيش بأيهام العالم بأنها دولة قوية وأنها وأنها، وهي في الحقيقة ليست كذلك، قوتها في أجهزة الأستخبارات والقمع، أيضاً تحاول أن تخلق دائماً الفتن والمشاكل في ما يحيط ما حولها من دول، أتفق أنا أعمال المخابرات العسكرية في العراق، المخابرات السورية كانت تقوم بتدريب الانتحاريين في سوريا وتجهيزهم وتمويلهم ثم ترسلهم إلى العراق، ثم يقوم بعمليات تفجير تحت مسمى القاعدة. كان الشيخ الذي يأتي بالشباب ويجندهم على أنهم مجاهدون ضد الأمريكان اسمه محمود جول اجاسي وهو من مدينة حلب يحمل الجنسية الأمريكية ايضاً كانت المخابرات تستخدمة في تجنيد الشباب ثم تدريبهم، أو تشرف هي على تدريبهم ثم إرسالهم إلى العراق ليفجروا ويقتلوا عبر عمليات انتحارية ثم يصدرون بيانات بأن القاعدة هي من تتبنى التفجيرات تلك. كذلك في لبنان موضوع فتح الإسلام وموضوع فصائل فلسطينية وفصائل لبنانية تدعمها في كل مكان هي تقوم بإثارة هذه المشاكل وحينما تتكشف تقدم من هذا الشيء في حلمه قضى عليه هذا الشيء ما كشف أمره تمت تصفيته النظام السوري يعتمد على المخابرات على أدارة الفتن والقلاقل في الدول المحيطة ربما لم تفعل الأنظمة الأخرى ما يفعله النظام السوري. الإرهاب سلاحه *على هذا الأساس بشار هدد بأنه سيشعل المنطقة؟ - نعم هذا السلاح الوحيد لديه، ماذا لديه ليشعل المنطقة غير التفجير والأرهاب، اعتقد الآن أسلحته أصبحت ضعيفة في هذا الخصوص، هو يعتمد على السفارات في تلك الأعمال، السفارات التي في الخارج عبارة عن أجهزة أمن، هي عبارة عن فروع للأمن وليست سفارات سفير سوريا في الأردن هو رئيس أخطر فرع أمن في سوريا، ثم أرسل سفير للأردن لماذا ليعمل كذلك في الكويت بسام عبد المجيد كان وزير داخلية في سوريا، أرسل للكويت سفيرا في الولاياتالمتحدة عماد مصطفى، في كل البلدان أذكر كما أقول لك كلهم مرتبطون بأجهزة الأمن سواء هم أم الموظفون الكبار.. فهو كان يعتمد على السفارات لتكون فروعاً أمنية في الخارج وبالتالي يمسك بهذا الملف بيده، ملف تفجيرات وملف اثارة المشاكل والفتن. جيش النهب *وماذا عن وجود تذمر في الجيش؟ - طبيعي في هذه المرحلة يوجد تذمر.. الجيش كان «مرتاح ومبسوط وكان شغال في النهب» بشار أطلق يده في النهب ليخفف من هذا التذمر لدى كبار الضباط، لأنهم حين يقومون باجتياح مدينة أو قرية، يقوم بنهب المحلات والبيوت وسرقة الذهب والمجوهرات، وكل ما يجدونه في طريقهم أثناء هذا الاجتياح، شخص أعرفه، استولى على تحف غالية في منطقة الزبداني، هم الآن لديهم ما يحفزهم على هذا الفعل، ليس هناك تذمر كبير، هم يقومون بالاحتلال والسلب والنهب على مبدأ الغزو وكسب الغنائم في التاريخ القديم، هذا ما يحدث الآن في سوريا. حكي فارغ! * ما صحة ادعاءات النظام في بداية الأحداث واتهامه إسرائيل بإرسال رسائل SMS للتحريض، مع علمنا أن إسرائيل يهمها بقاء بشار الأسد لحماية حدودها الشمالية على الأقل؟ - الموقف الإسرائيلي هو قطعاً مع بشار.. ليس هناك أحد يحميها مثل بشار، يعني أنا كنت اتفقد قطاعات الجبهة كوني المفتش الاول اتفقد قطاعات الجيش واتفقد الضباط، خاصة عند إقامة مشروع تكتيكي أو تدريبي مثلا، ضباط علويون، أخبروني بأن وقود تشغيل الآليات والدبابات «يُسرق» أذن هذه الدبابة ليس بها وقود لتعمل هم يعلمون أنها بحاجة لهذه الفترة لكن لها مخصصات من الوقود ولها مخصصات من كذا وكذا، ولكن للأسف، أكثر من ذلك الضابط الذي لديه 50 عسكريا كان يبعث 25 منهم إلى بيوتهم ويقبض راتباً يصل إلى 300 دولار شهريا من كل مجند مقابل إرساله إلى أهله.. هذا عدا من يرسلهم لخدمته في بيته؟ إذاً هو يقاتل عدواً في السماء، تركت حدودك مفتوحة، ولم تطلق رصاصة، ليس هكذا يكون الجيش، فأنت تمانع وتقاتل من، كل الكلام عن المقاومة والممانعة هذا كلام عار أن يسمعه أحد، أن تقاتل أو تمانع يجب أن يكون لديك جبهة قوية وجيش وتسليح وتدريب. ولكن ليس هناك أي شيء. ليست إسرائيل من قتل عماد مغنية، مخابرات الأسد هي التي صفته في إطار صفقة مع حزب الله، كانت إيران تهيئ مغنية ليكون خليفة لحسن نصر الله، لكن الأسد المتحالف مع نصر الله أمر بتصفيته، ثم أقاموا له جنازة مهيبة في لبنان.. لذا لا تتعجب من حماس نصر الله للأسد ودفاعه المستميت عنه، إنه يرد له الدين يا صديقي. ستنقشع الغمة *حضرة المفتش، ما توقعاتك للثورة السورية، ومتى ستنفك هذه الغمة؟ - سينتصر الشعب في النهاية، وسترتفع ضريبة الدم، قد تطول المدة قليلاً وربما يرتفع عدد القتلى، لأن النظام لم يستطع السيطرة على الشعب. سوريا تعاني الآن أزمات اقتصادية ومالية، وهناك انهيار كامل في كل مرافق الدولة، لم يعد هناك من يرغب بالعمل، الوضع أصبح سيئا جداً لذلك سينهار النظام بسرعة جداً لكن ربما يكون القتل أكبر بكثير. ولكن لن تطول المدة. .. والأكراد؟ *على ماذا تراهنون بالضبط؟ - يبدوا أن التاريخ سيسجل أن السوريين حينما رفعوا شعار «يا الله من لنا غيرك يا الله» ، ليس لنا سوى الله، نحن أيضاً مؤمنون بذلك، ايضاً السوريون رفعوا شعار «الموت ولا المذلة»، وهذا ليس بجديد، أنا عبر صحيفتكم في السعودية أقول: ليعلم الأخوة في الخليج أن «الموت ولا المذلة» شعار رفع قبل الإسلام رفعه العرب في ذي قار حين قال هانئ بن مسعود الشيباني في خطبته «المنية ولا الدنية».. كان شعاراً كبيراً واجتمعت قبائل العرب تحته، الآن العرب في سوريا يرفعون هذا الشعار. *قلت العرب، ولم تقل بقية الأطراف الأخرى هل تعني الأكراد مثلا وهل تعتبر أنهم خذلوكم؟ العرب هم الذين يدفعون الثمن الآن والمسلمون أيضاً هناك فئات أخرى تعيش داخل سوريا ترفع هذا الشعار، لكن الأكراد يحسبون حسابات أكثر أنا لا أتهمهم بأنهم مع النظام. ولكن لا أدري كيف يحسبون الأمور؟، الأكراد أخواتنا نحن لا نقول عنهم إلا أخوة في سوريا. *هذا كلام دبلوماسي، ولكنكم ترون أنهم لم يشاركوكم وكان حراكهم ضعيفاً، إذا عاتبون عليهم عتب الأخوة، وتذكرني بشاعر أمريكي اسمه جون بوكر قال قصيدة من سطرين؛ كلنا أخوة مثل قابيل وهابيل.. هل أنتم كذلك؟. قابيل وهابيل نحن في سوريا قد نكون كذلك.. للعلم قابيل وهابيل قتلا في دمشق، اقتتلا في جبل قاسيون ودفن هابيل في جبل دير قانون قبره هناك، وهذا موجود في برامج وثائقية أعدت في أمريكا. *أفهم بصراحة أنه من الممكن حدوث اقتتال في مرحلة ما بعد الأسد؟ نتمنى أن لا يحصل، الأمنيات شيء والواقع شيء، الشعب السوري شعب مثقف وحضاري وراق ويحب الحياة، نحن في سوريا سنسعى للقصاص من القتلة وحدهم، لا يمكن أن أقتص منك لأن أخيك قاتلي، أنا أقتص منك أذا كنت أنت قاتلي، والسوريون يعرفون من قتلهم جيداً. نعلم أن الأسد يراهن على حرب طائفية، ويستغل فزاعة الطائفة. *يعني ألا توجد مخاوف من قيام دولة سنية بعد انتهاء ما يسمى دولة علوية، قد تكون سببا في كل هذا القتال؟ويعيد التاريخ نفسه، مثلما حدث في العراق، وربما هذا يفسر أيضاً التدخل الإيراني؟ إيران لا تتحرك من مبدأ ديني أو طائفي، إنها تتستر بالدينية والطائفية، تتذرع بالمفهوم العام، ثم تنطلق لحماية خصوصية الطائفة، ونشر المعتقد ثم حمايته، لأن الإسلام لديهم طائفي فمن كان معهم فهو «المؤمن» وإلا فهو ليس بمسلم، هذه حقيقة لا يخفونها، على كل نحن في سوريا بعيدون عن تصفيات طائفية، القاتل يحاسب، إياً كان، ليس هناك فقط الطائفة العلوية هي من تقتل، هم أغلبية في القتل، لكن هناك من يشارك معهم من بقية الطوائف، أيضاً من السنة، هناك من يشارك لمصالح، بعينها. نظام حديدي *حضرة المفتش.. باعتبارك كنت في مركز مرموق داخل النظام ، لن نقول «أحد أركان النظام» هل لاحظت نزعات انشقاقية أو تذمر من نخبة كبيرة بداخل المؤسسة الحاكمة؟ - نعم، ولكن يجب أن تعرف أن في سوريا نظام أمني حديدي، أنا نفسي قد اقدر أنه حتى لو حتى بشار فكر في الانشقاق لا يستطيع، لأنه أسير مؤسسة أمنية متكاملة، سأحدثك مثلاً.. نبدأ برئاسة الحكومة، رئاسة مجلس الوزراء مبنى لرئيس الوزراء طابق في هذا المبنى، الطابق الذي يليه لفرع مخابرات اسمه الفرع الخاص، تخيل فرع خاص في مجلس الوزراء، رئيس مجلس الوزراء لا يستطيع التنقل بدون علم هذا الفرع، ولا يستطيع التوقيع على نقل موظف صغير لديه بدون موافقة هذا الفرع، بالتالي هذا ينسحب على كل الوزارات الأخرى. أحدثك الآن عن الجيش.. هناك الفيلق ثم فرقة، ثم اللواء، ثم كتائب وسرايا وهكذا، في كل وحدة من هذه الوحدات معين ضابط أمن من المخابرات العسكرية، هل تتخيل أن قائد الفيلق لا يستطيع أن يحرك دبابة من مكانها إلا بعلم ضابط الأمن، وهكذا، ثم لا تنس الخوف من التنكيل بالأسرة، عائلة وأولاد وظروف صعبة جداً. لا يعلمها إلا الله. ماهر يحكم *وماذا عن تكتلات النظام.. أسرار توزيع الأدوار مثلاً؟ - هذه تركيبة معقدة للغاية، نظام العائلة، كالعصابة.. عندك آصف شوكت، ماهر الأسد، بشرى الأسد، هم النظام، بشار حقيقة لا يحكم، ثم لديهم مجلس طائفي، هو من يحدد أو يحدد آليات العمل، هم لديهم توزيع بين عائلاتهم، كطائفة ما بين عشائرهم هم أيضاً عشائر، العشيرة الفلانية لها 50 ضابطا وهكذا، الموضوع ليس اعتباطياً، أنه ضمن نظام حصصي، يعني كل منهم يوزع البلد، ويتحكم فيها، ماهر هو من يحكم الجيش، بفرقته القوية هي الفرقة الرابعة مجهزة بأحدث الأجهزة العتاد والمدربة والتي لها لون طائفي واحد فرقة ليس فيها أي عنصر أخر غريب عن الطائفة، هذا هو من يحكم فعلاً. *في ظرف كهذا.. هل يمكن أن ينقلب أحد من داخل الطائفة؛ أو من داخل الأسرة لمحاولة حماية الطائفة، ألا توجد معلومات أن أي حاجة مثل تلك ممكن تحصل؟ - حتى لو حاول البعض، النظام أخبث بكثير من ذلك الكلام، هم يعلمون كل واحد منهم يراقب الأخر ولا أحد يعلم من يراقبه، غازي كنعان كان من الطائفة نفسها لكن حينما أراد أن يأخذ منحى أخر تمت تصفيته، محمود الزغبي ليس من الطائفة لكنه قتل وقيل أنه انتحر، لأنه تحدث في حقائق، هذا النظام أعتقد أنه من الصعوبة الخروج عن النص. *ما رأيك بعبد الحليم خدام، مع أنه يعتبر أول مسئول سوري رفيع ينشق؟ - خدام، ليس ثقة لدى السوريين، نتمنى أن يساهم بدعم الثورة السورية، لكن ليس لديه ما يساهم به.. هو رجل محسوب على النظام، وهناك فرق كثيرة جداً من التيارات المعارضة ترفضه، نحن لا نرفض أي شخص يدعم الثورة، نحن نقبل به وبغيره على أن لا يكون له دور في المستقبل. تفريغ دمشق *نلاحظ أن الثورة السورية بدأت من الجنوب من درعا، بسبب شرارة صغيرة، لكنها مهينة لأهل درعا، ومع ذلك أتأخرت في الوصول للعاصمة، لماذا برأيك؟ - بالعكس الشرارة وصلت مبكراً، أول مظاهرة خرجت في دمشق قبل درعا، أول مظاهرة في سوق الحميدية أكبر سوق تجاري في دمشق. *لكن العاصمة لم تدفع الثمن التي دفعته حمص مثلاً؟ من قال لك ذلك، دمشق دفعت ما دفعت حمص، حافظ الأسد حينما جاء من الجبل بعد فترة قصيرة اصدر مرسوماً بتمليك كل مستأجر للبيت الذي يستأجره، وكان هذا لمصلحة طائفته، فسلب بالتالي الكثير من بيوت الدمشقيين أهل المدينة، ثم بدأ بمضايقتهم فخرجوا إلى دومه، المحاذية لدمشق؛ مع حراسته والمعضمية والقدسية هذا الطوق حول دمشق، كانت عملية تهجير ممنهجة ومخططة مدروسة مائة بالمائة، منذ سنين طويلة، هناك بالإحصاء أكثر من 28 ألف منزل سلبت من أهلها في دمشق، هذا واقع، لم يعد السكوت ممكن أبداً. نهاية القذافي *أي نهاية تتوقع لبشار؟ - ولا الله لا أتوقع له نهاية، غير نهاية القذافي، لن يفلت من الشعب السوري، إذا كان الشعب السوري قد أدرك جرمه، ما كان مجرم المسكين، لن يفلت من القتل، لو وضع في قلب إسرائيل لن يفلت من القتل، ولو وضع في قلب إيران لن يفلت من القتل. تخاذل دولي *كيف تبرر التخاذل الدولي في التعامل مع الملف السوري؟ - هناك مصلحة لإسرائيل بكبح الموقف الأمريكي، هي من تساهم في الضغط على أمريكا بعدم أتخاذ موقف وإلا لو أرادت أمريكا والدول الغربية أن تتخذ موقفا حاسما. لم يحدث مثل هذا القتل إلا في سوريا، عندما قتل مئات في رواندا هاجت الدنيا؟ حتى في فلسطين لم يحدث مثل هذا القتل.. الفلسطينيون يقدرون قتلاهم بثلاثة ألاف تقريبا، في سوريا وصل 15 ألفاً أو أكثر.. أقول لك الآن ولم يتحرك العالم، أدانات كلمات خجولة كل ما يتحدث في الإعلام من العالم يتحدث بكلمات خجولة، للأسف، لكن سوريا سينتصرون، والعرب يتفرجون. نداء للأشقاء *هل من نداء تحب توجه للعرب؟ - طبعاً، أقول للعرب، إن ما يحدث في سوريا يمس العروبة، ويمس الإسلام، هو عملية قتل ممنهج، حرب تاريخية ما بين الفرس والعرب، هذه الحرب كانت قبل الإسلام وبعد الإسلام، عليهم أن يتحركوا ويبتعدوا عن الأحاديث الدبلوماسية أن يتحركوا ويسارعوا بخطوات عملية فعلية لأنقاذ الشعب السوري. شبعنا من الكلمات والبيانات والتنديد هذا لا يخدم كثيراً. وأقول، إن أملنا في الله أولاً، ثم في المملكة العربية السعودية وأشقائنا في الخليج، وهم حقيقة قادوا عملية التغيير في التغيير من النظام السوري، نحن نناشد أخوتنا في المملكة بما حملهم الله من أمانة، خادم الحرمين الشريفين حمله الله أمانة بخدمة مقدساتنا، لأن يواصلوا الوقوف بجوارنا، وحمايتنا من هذا العدوان وهذا المجرم الذي يستبيح أعراضنا ودماءنا وكل ما نملك.
المفتش الأول في وزارة الدفاع السورية محمود سليمان الحاج حمد