في خطاب من المتوقع أن يعقد الجهود الديبلوماسية للحل في سورية، دعا الرئيس السوري بشار الأسد إلى «حراك وطني» في «حرب الدفاع عن الوطن»، واصفا المعارضين المسلحين ب»الارهابيين» و»عملاء» لقوى أجنبية يستحيل التفاوض معهم. وطرح الأسد مبادرة سلام ل «حل سياسي» تتضمن تهدئة ومؤتمر للمصالحة مع من لم «يخونوا» سورية يعقبه تشكيل حكومة ودستور جديد. ورفضت المعارضة السورية على الفور طرح الاسد، وأي مبادرة من شأنها «أن تعيد الاستقرار إلى نظام الأسد». كما انتقدت ما رأت أنه محاولة من النظام ل «إحباط» الحل الديبلوماسي. بينما دعا الأتحاد الاوروبي الرئيس السوري إلى التنحي. وقللت تركيا من أهمية «الوعود الجوفاء» للنظام السوري. وقال الأسد، في كلمته التي ألقاها في دار الأوبرا بوسط دمشق في أول ظهور علني له منذ حزيران (يونيو) الماضي وأول تصريحات علنية له منذ مقابلة تلفزيونية أجراها في تشرين الثاني (نوفمبر): «نحن الأن أمام حالة حرب بكل ما تحمله الكلمة من معنى. نحن الان نصد عدوانا خارجيا شرسا بشكل جديد... يستهدف سورية عبر حفنة من السوريين وكثير من الأجانب». وتابع «إذا كنا اخترنا الحل السياسي فلا يعني الا ندافع عن انفسنا، واذا كنا اخترنا الحل السياسي فهذا يعني اننا بحاجة لشريك للسير في عملية سياسية وراغب بالسير في عملية حوار على المستوى الوطني». وأضاف «اذا كنا لم نر شريكا، فهذا لا يعني اننا لسنا راغبين بالحل السياسي، لكننا لم نجد الشريك». وسأل «مع من نتحاور؟ مع أصحاب فكر متطرف لا يؤمنون الا بلغة الدم والقتل والارهاب... أم نحاور دمى رسمها الغرب وصنعها وكتب نصوص الرواية عنها؟»، مضيفا «من الاولى ان نحاور الاصيل وليس البديل... نحاور السيد لا العبد». وحذر الأسد من أن»هناك من يسعى لتقسيم سورية وآخرين يسعون لإضعافها». وخاطب الحاضرين أن «تسمعوه أو سمعتموه في الماضي من مصطلحات وأفكار وآراء ومبادرات وتصريحات عبر الإعلام ومن مسؤولين، لا تهمنا إذا كانت مصطلحات ذات منشأ ربيعي (في اشارة إلى ما يسمى «الربيع العربي»). فهي فقاعات صابون كما هو الربيع عبارة عن فقاعة صابون ستختفي». ولم يحد الأسد في خطابه عن المقولات التي يكررها منذ اندلاع النزاع وهي «مواجهة التآمر من الخارج»، و»المضي في مكافحة الارهاب»، والتحاور مع غير المتعاملين مع الخارج او «الارهابيين» و»المتطرفين». لكنه لم يأت على ذكر الانتخابات الرئاسية أو احتمال تنحيه عن السلطة، وهو الشرط الذي تضعه المعارضة السورية لاي حل. ورفض الائتلاف السوري المعارض اي مبادرة تعيد الاستقرار لنظام بشار الاسد، بحسب ما قال الناطق باسم الائتلاف وليد البني. وقال البني في اتصال هاتفي: «نحن قلنا عند تأسيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية باننا نرغب بحل سياسي، لكن هناك هدفا خرج السوريون من اجله، ودفعوا لاجله حتى الآن اكثر من 60 الف شهيد»، مؤكدا ان السوريين «لم يقدموا كل تلك التضحيات من اجل ان يعيدوا الاستقرار لنظام الطاغية». ورأت مصادر ديبلوماسية أن خطاب الأسد يعيد الأزمة إلى «المربع الأول» وأن الشروط التي يضعها للحوار ومعارضته المرحلة الانتقالية التي ينص عليها اعلان جنيف، ستعرقل بالتأكيد الجهود التي يبذلها المبعوث الأممي -العربي الأخضر الإبراهيمي. وقالت إن خطاب الأسد «جاء مخيبا للأمال على غرار اطلالته الأولي بعد اندلاع الاحتجاجات في سورية». ميدانيا، تعرضت مناطق واسعة في ريف دمشق لقصف من القوات النظامية تزامنا مع اشتباكات في محاولة للسيطرة على معاقل المقاتلين المعارضين، بينما قتل خمسة اشخاص في تفجير حافلة صغيرة في مدينة حلب. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القصف طاول مناطق عدة محيطة بدمشق، منها معضمية الشام وبيت سحم والزبداني ودوما (شمال شرق) وعربين. كذلك، دارت اشتباكات في بلدة عقربا وفي محيط بيت سحم المجاورة لها، وفي محيط ادارة المركبات بين عربين وحرستا. وأفاد المرصد ان «اشتباكات عنيفة» تدور في داريا التي تحاول القوات النظامية «منذ اسابيع فرض سيطرتها الكاملة عليها وعلى محيطها».