أغلقت الاحتجاجات المطلبية أمس محيط مجلس الوزراء في شارع قصر العيني في قلب القاهرة بعدما توافد أصحاب المطالب الاقتصادية والاجتماعية على مقر الحكومة ربما يجدون صدى بعدما ضاقت بهم الحال. وتراصت عشرات من سيارات الأجرة أمام مقر الحكومة ورفع سائقوها لافتات تطالب الدولة بالتدخل لحل مشكلة سداد الأقساط المستحقة على سياراتهم بعدما تراجعت شركات الإعلان عن عقود كانت أبرمتها معهم، فيما وقف سكان مدينة برج العرب في محافظة الإسكندرية للمطالبة بتقنين أوضاع منازلهم. وعلى مقربة من مقر الحكومة تجمع عشرات العاملين في وزارة الإسكان للمطالبة بإقالة الوزير طارق وفيق. وفي المحافظات، تعددت احتجاجات عمال المصانع والموظفين في قطاعات ومؤسسات حكومية عدة لتنفيذ مطالب اقتصادية أو إدارية. وامتدت الاحتجاجات إلى قطاعات مهمة في الدولة، منها وزارة الداخلية التي تعددت الاضرابات فيها، واقتحم أمس عشرات من أمناء الشرطة مكتب مدير أمن المحافظة احتجاجاً على قرار وزير الداخلية أحمد جمال الدين بنقل عدد منهم، بعدما نظموا احتجاجاً أول من أمس بسبب عدم صرف مبالغ مالية يرون أنهم يستحقونها. وقال محمود شكري صاحب سيارة أجرة وهو يرفع لافتة كُتب عليها «مشروع التاكسي خرب بيوتنا»، إن الدولة حين تبنت هذا المشروع قبل الثورة تعاقدت مع شركات دعاية للإعلان على السيارات مقابل اشتراك شهري ثابت يساعد في سداد أقساط السيارة، «لكن هذه الشركات فسخت العقود الآن وبات لزاماً علينا سداد كل الأقساط بفوائدها رغم مخاطر العمل في ظل تردي الوضع الأمني وضعف الحركة في ظل الحالة الاقتصادية الصعبة للمواطنين». وأوضح أن «أصحاب السيارات تراكمت عليهم مديونيات بالغة ويطالبون الحكومة بالتدخل لدى البنوك لحل هذه الأزمة». وأمام وزارة الإسكان وقف موظفون يهتفون ضد وزيرهم، مطالبين برحيله ورفعوا لافتات انتقدت المحاباة داخل الوزارة وتدني الرواتب. واضطرت قوات الشرطة إلى إغلاق كل الطرق المؤدية إلى مقر الحكومة كي لا تسمح للمحتجين بالوصول إلى باب المجلس الذي اصطفت أمامه عشرات من سيارات الأمن المركزي تقل مئات الجنود. وتأتي هذه الاحتجاجات وسط تراجع أوضاع الاقتصاد وانخفاض قيمة الجنيه ووصول احتياط النقد الأجنبي في البنك المركزي إلى «معدلات خطرة»، وفق بيان للبنك. وسبب ارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه ارتفاع أسعار غالبية السلع، خصوصاً الغذائية بسبب ارتباط الاقتصاد المصري بالدولار بالأساس. وقال الخبير الاقتصادي عبدالمطلب عبدالحميد ل «الحياة» إن «الاحتجاجات الفئوية ستزيد من التأثيرات السلبية على الاقتصاد، خصوصاً لجهة هروب الاستثمارات وما يرافقها من ارتفاع معدلات البطالة»، لافتاً إلى أن «تخفيض مؤسسات دولية التصنيف الائتماني لمصر سبب تردداً لدى مستشمرين في دخول السوق المصرية». وقدر «المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» عدد الاحتجاجات على خلفية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية خلال العام المنصرم ب3422 احتجاجاً بينها 1381 احتجاجاً في القطاع الحكومي و410 احتجاجات في القطاع الخاص و222 حالة احتجاج في قطاع الأعمال. وذكر تقرير للمركز المعني بالدفاع عن حقوق العمال أن العام 2012 «شهد 851 وقفة احتجاجية، و561 حالة قطع طرق، و558 تظاهرة فئوية، و514 اضراباً عن العمل، و500 حالة اعتصام، و135 حالة إضراب عن الطعام، فضلاً عن عشرات الحوادث التي اقتحم فيها موظفون مكاتب رؤسائهم، ومئات المسيرات، وإغلاق مقرات حكومية، و13 محاولة انتحار أو إحراق للنفس». وأوضح المركز أن القاهرة احتلت المرتبة الأولى في هذه الأحداث الاحتجاجية، تلتها الغربية التي تضم قلعة صناعة النسيج في مدينة المحلة الكبرى ثم الاسكندرية. ولفت التقرير إلى أن عدد الاحتجاجات الفئوية ارتفع إلى أكثر من الضعف في النصف الثاني من العام الماضي متزامناً مع فترة حكم الرئيس محمد مرسي. وقال التقرير: «استمرت الرئاسة في عهد الرئيس مرسي في ما بدأه المجلس العسكري ولم يوقفه البرلمان من تجريم للإضرابات والاحتجاجات الاجتماعية، كما استمر مرسي وحكومته ووزيره للقوى العاملة خالد الأزهري في استخدام التعسف والعنف وإطلاق يد الشرطة، وعدم الوقوف ضد سطوة رجال الأعمال عليهم، بل وازدادوا شراسة في الانتهاكات ضد مطالب ثورة المصريين في الكرامة والعدالة الاجتماعية ومطالب العمال والموظفين والأهالي». من جهة أخرى، تفجر العنف في مدينة بورفؤاد بين مشجعي الناديين الأهلي والمصري لكرة القدم، بعدما رسم طالب جامعي من مشجعي الأهلي رسماً جدارياً على سور المدينة الجامعية اعتبر مسيئاً إلى مشجعي المصري، ما دفع مئات من مشجعي النادي البورسعيدي إلى التوجه إلى مقر المدينة الجامعية لإزالة الرسم واندلعت اشتباكات عنيفة بين الجانبين سقط فيها عشرات المصابين بعدما تبادل الطرفان التراشق بالحجارة والزجاجات الحارقة، ما استدعى تدخل قوات الشرطة للفصل بينهما. وينتظر أن تصدر محكمة جنايات حكماً في 26 الجاري في قضية «مذبحة بورسعيد» التي راح ضحيتها 73 قتيلاً من مشجعي النادي الأهلي بعدما هاجمهم مشجعون للنادي المصري العام الماضي.