عام 1425ه صدر قرار مجلس الوزراء (120) بشأن زيادة فرص مجالات عمل المرأة. عام 1426ه صدر قرار( 187) بأن وزارة العمل هي صاحبة الاختصاص بتطبيق ضوابط تشغيل النساء. في 1432ه صدر الامر الملكي( أ/120 )بشأن الموافقة على الخطة التفصيلية للحلول العاجلة والمستقبلية لمعالجة تزايد أعداد خريجي الجامعات. قرابة ثماني سنوات منذ صدور القرار الأول وتعسر تطبيقه، وبدء تنفيذه فعلياً في بداية العام الماضي عندما انتهت المهلة التي حددتها وزارة العمل لإيقاف خدماتها عن المنشأة التي لم تلتزم بتوظيف النساء في محال المستلزمات النسائية، والجدل «مستعر» من فئات ترفض تطبيق القرارات. مماطلات من بعض التجار، وقضايا رفعت بأن قرار الوزارة مخالف للأنظمة، وفتاوى تحريم، ومحاولات فردية لوقف توظيف الفتيات في نقاط البيع، وحملات إلكترونية طالت سمعة من يعملن في نقاط البيع في مطاعم الوجبات السريعة، واتهام الوزارة بأنها تسببت في تعرض النساء للتحرش، وصولاً إلى تهديد الوزير بالدعاء عليه إن لم يتراجع عن توظيف النساء، والسبب «الاختلاط». ولو نظرنا إلى مجالات عمل النساء المتاحة والتي لا يوجد بها اختلاط بالمعنى المراد تطبيقه سنجدها محدودة، لا تتوافر إلا في التعليم وبعض القطاعات الحكومية في أقسامها النسائية، وفكرة الفصل التام غير قابلة للتطبيق، فالمجتمع برجاله ونسائه وأطفاله يختلط في كل مناحي الحياة. في أداء مناسك الحج والعمرة، وفي المطارات، والأسواق، وفي الحدائق العامة والمتنزهات، وفي المستشفيات، وفي الشركات ومختلف قطاعات الأعمال بل ويختلي كلا الجنسين تماماً مع السائق أو العاملة المنزلية، ومع ذلك تروج بعض الفئات، بأن المرأة «الشريفة» من تعمل في التعليم، وتطال السعوديات العاملات في قطاعات أخرى هجمات على أخلاقهن، حتى الطبيبات والممرضات يتعرضن إلى هجوم لوصم عملهن الإنساني بالفاظ غير لائقة، وقد تكون قضية استشارية التمريض الدكتورة صباح أبو زنادة التي تنوي رفعها مع مجموعة من العاملات في القطاع الصحي على مغرد شكك في شرفهن، مثالاً بسيطاً على ما قد يطال المرأة التي تقبل بوظائف مماثلة. فالمحاولات مستمرة لمحاربة عمل المرأة الذي يخرج عن الإطار التقليدي سواء من خلال عرقلة قرارات صبت في مصلحتها بفتح مجالات عمل لها، أو من خلال ترهيبها بما قد يوصم سمعتها من عملها في بيئة تسمى «مختلطة»، وفي النهاية النتيجة واحدة وهي عرقلة تمكينها اقتصادياً واجتماعياً. مليون وسبعمائة ألف امرأة عاطلة عن العمل، وتخرج المدارس الثانوية 330 ألف باحثة عن عمل سنوياً، بحسب تصريحات وزير العمل الأخيرة. وتتكدس النساء في القطاع التعليمي، والصحي، والمصرفي، وبعض القطاعات الحكومية التابعة لوزارات الدولة، وتبقى أعداد أكبر تبحث عن عمل. تمكنت وزارة العمل من توظيف أكثر من 90 ألف سعودية خلال عام ونصف عام سواء في بيع المستلزمات النسائية أو محاسبة المبيعات، أو المتنزهات العائلية، أو تجهيز الأكل في مطابخ المطاعم، أو المصانع، ولا تزال خريجات الجامعات بحاجة لإيجاد فرص تتناسب مع مؤهلاتهن، ولا تزال البطالة النسائية مرتفعة بين النساء. العمل الشريف يحقق الاستقلال المادي للمرأة وبالتالي يمكنها من الحفاظ على كرامتها، ويجعل لها قيمة كإنسانة في مجتمعها سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة، أرملة أو مطلقة، بمعيل أو غير معيل، ويجعلها شريكة في البناء والتنمية، ولا يمكن لفئة مصرة على تقييد المرأة داخل المنزل أن تفرض ذلك على المجتمع بأكمله وتعيقه وتهدر طاقاته. لقد حقق الأمر الملكي (أ/120) إنجازاً للمرأة من خلال خلق فرص عمل جديدة، وإن كانت لم تشمل بعد خريجات الجامعات وحاملات الشهادات العليا، لكنها بلا شك شملت فئات كن في أمس الحاجة إلى عمل يتناسب مع مؤهلاتهن، ورفع مستوى المبيعات والحرج عن المتسوقات، وبكل تأكيد سيزيل حالة «الفزع» التي يعاني منها البعض لوجود المرأة كشريكة في الحياة العامة. [email protected] DaliaGazzaz@