يتوجه المصريون المغتربون اليوم إلى السفارات والقنصليات للتصويت على مشروع الدستور الجديد، وسط انقسام حاد في المشهد السياسي، فيما لم تفلح مساعي الرئيس محمد مرسي في تأمين مشاركة واسعة للقضاة في الإشراف على عملية الاقتراع في الداخل التي تنطلق السبت المقبل، بعدما أوصى «نادي قضاة مصر» أمس بعدم إشراف القضاة على الاستفتاء إثر رفض غالبية نوادي القضاة في المحافظات الإشراف بسبب «إهانة القضاء وحصار المحكمة الدستورية». لكن اللجنة القضائية المشرفة على الاستفتاء تحركت للبحث في خيارات دمج لجان الاقتراع وإجراء التصويت على يومين أو أكثر، بحيث يتم تقسيم المحافظات. وفي موقف لافت يشير إلى رفض القضاة الإعلان الدستوري الجديد الذي أصدره مرسي قبل يومين، رفضت محكمة جنح الأزبكية أمس النظر في دعوى قضائية محالة من قبل النائب العام طلعت عبدالله الذي عينه الرئيس، وعزت قرارها إلى أن «الدعوى تمت إحالتها من غير ذي صفة، والمحكمة لا تعترف بشرعية النائب العام الجديد لتعيينه في ظروف غامضة». وكان مرسي التقى مساء أول من أمس عضو «جبهة الإنقاذ الوطني» رئيس حزب «الوفد» السيد البدوي الذي خرج ليؤكد أنه لم يجد «الاستجابة المأمولة» للمطالب التي تطرحها قوى المعارضة، كما التقى مرسي أمس الصحافي البارز محمد حسنين هيكل والكاتب الإسلامي فهمي هويدي، فيما كان نائبه محمود مكي يلتقي قيادات في حزب «مصر القوية» الرافض الدستور الذي يقوده الإسلامي المعتدل عبدالمنعم أبو الفتوح. وتحسم «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تمثل قوى المعارضة الرئيسة اليوم خياراتها بين المقاطعة والحشد لرفض الدستور. لكن قيادات في الجبهة استبقت القرار ودعت مؤيديها إلى التصويت برفض مشروع الدستور. وشدد رئيس «نادي قضاة مصر» أحمد الزند في مؤتمر صحافي أمس على موقف القضاة الرافض الإشراف على الاستفتاء، مؤكداً أنه «لا يستطيع أحد أن يفرض شيئاً على قضاة مصر». وأعلن أن نحو 90 في المئة من قضاة مصر رفضوا الإشراف على الاستفتاء، قبل أن يتلو حوالى عشرين من رؤساء نوادي القضاة في المحافظات المختلفة، بيانات أظهرت أن غالبية واسعة في صفوف القضاة ترفض المشاركة في الاستفتاء. وقبل بضع ساعات من بيان نادي القضاة، أعلنت هيئة مستشاري قضايا الدولة موافقتها على الإشراف على الاستفتاء، واعتبرت أن الإشراف «واجب وطني بالأساس لا يجوز التخلي عنه في الظروف التي تمر بها البلاد، يمثل ضمانة للمواطن تحمي حقه في التصويت». لكنها شددت على أن «هذا ليس أمراً أو إشارة لمن لا يرغب في المشاركة فهو أمر متروك للسادة المستشارين». وطالبت الهيئة التيار الإسلامي بسحب جميع المعتصمين من أمام المحكمة الدستورية العليا ومدينة الإنتاج الإعلامي، «وتغيير لغة الخطاب إلى ما يجمع ولا يفرق»، كما دعت القوى السياسية إلى «أن يكون لها دور فعال في السعي إلى إنهاء الاعتصام وتحديد المواد المختلف عليها في مشروع الدستور الجديد وتقديمها للرئيس». وتعقد «جبهة الإنقاذ» اجتماعاً اليوم للبحث في موقف موحد تجاه الاستفتاء على الدستور الذي وصفته ب «الباطل». وقالت في بيان أمس إنها «وبعد التأكد من توافر الضمانات اللازمة، وأهمها قاض لكل صندوق، ستعلن قرارها النهائي في شأن موقفها من الاستفتاء (صباح اليوم) بالطريقة التي تستجيب لمطالب جماهير الشعب المصري». وأوضح الناطق باسم الجبهة حسين عبدالغني أن «أعضاء الجبهة جميعاً ملتزمون قرارات الجبهة، ولا يمكن اختراق صفوفنا لمصلحة أي تيار أو جهة، ولن ننقسم على أنفسنا». لكن عضو الجبهة عمرو موسى قال في بيان إن موقفه وموقف «جبهة الإنقاذ» لا يزالان «منحازين إلى إلغاء أو تأجيل موعد الاستفتاء على الدستور»، موضحاً أن «تأجيل الاستفتاء شهرين يحل مشاكل كثيرة، إذ يسمح بإعادة النظر في المواد المختلف عليها في الدستور وإعطاء الفرصة لفئات المجتمع لدراسته وتقديم الاقتراحات على مواده». لكنه أردف: «في حال الإصرار على الاستفتاء وموافقة القضاء على الإشراف، فإنني أدعو المواطنين بالتصويت بلا، إذ إن مشروع الدستور يحتوي على مواد غامضة قابلة لتفسيرات لا تتماشى مع المصالح المصرية ولا تخدم أحوال الزراعة والفلاحين، أو الصناعة والعمال، أو التأمينات والعدالة الاجتماعية». وأمام تمدد دعوات المقاطعة، دخلت وزارة الأوقاف على خط الأزمة. وطالبت في بيان أئمة المساجد ب «دعوة الناس إلى المشاركة الفعالة في الاستفتاء على الدستور». وشددت على أن «نعم أو لا على الدستور لن تدخلك الجنة بل هي شهادة أمام الله لبناء وطن»، مضيفة أن «المشاركة في الاستفتاء على الدستور واجب شرعي ووطني لبناء مؤسسات الدولة، ويجب على الإمام أن يدعو الناس إلى الخروج للاستفتاء للانتقال من مرحلة هدم النظام السابق إلى مرحلة بناء مؤسسات الدولة». في غضون ذلك، قال مسؤول عسكري إن الجيش سيتسلم مقار لجان الاستفتاء مساء الجمعة المقبل على مستوى المحافظات «للتعاون مع الشرطة المدنية في تأمين المواطنين أثناء إدلائهم بأصواتهم في مختلف اللجان، على أن يستمر تأمين القوات المسلحة للجان حتى صباح الأحد المقبل». وزاد ل «الحياة» أمس أن «مسؤولية الجيش فقط هي تأمين لجان الاستفتاء من الخارج».