وسط زحمة برامج التسلية والمنوعات والمسلسلات المدبلجة ذات المواضيع المكرورة عبر الشاشات اللبنانية، يطل بين الفينة والأخرى فيلم وثائقي ممتع يضع المشاهد على تماس مع أحداث تاريخية مؤثرة. ومن هذه الأفلام الفيلم الوثائقي الذي عرضته قناة «إم تي في» حول الكاتب والمفكر ميشال شيحا. واللافت أن هذه القناة وعلى رغم تميزها بكونها من الشاشات ذات البرامج العصرية والمقابلات القصيرة القابلة للهضم السريع، فإنها لا تبخل ببعض البرامج الجادة مثل، «بموضوعية» و «تحقيق» و «جنرال فيو». من هنا، أهمية الفيلم الوثائقي الذي عرضته لمناسبة عيد الاستقلال حول ميشال شيحا الذي يعرف عنه اللبنانيون أنه كان وراء الدستور اللبناني. لكن الفيلم لم يكتفِ بهذا بل أعطى المشاهد صورة بانورامية عن هذا الرجل، وشخصيته وأفكاره ومدى أهميتها. والأهم أن صانع الوثائقي ماريو أبو حمد، قصد عائلته، للوصول إلى حميميات شيحا. كما لجأ إلى الكاتب والمؤرخ خليل رامز سركيس الذي عاصره مع أنه كان في العاشرة من العمر ويتذكر جيرته بالمبنى ذاته مع صهر شيحا، الرئيس اللبناني بشارة الخوري. كذلك، توفق الشريط بالأكاديمي نديم شحادة الذي شرح معظم أفكار شيحا، والتي بدت أنها لبنانية ومشرقية وغير مستوردة كما يروّج كثر. فهو كان وراء نظرية الكيان اللبناني المستقل المنفتح على كل الثقافات ويؤمن بالتنوع وتعايش (العائلات الروحية) الطوائف. وسلط الفيلم الضوء على ميشال شيحا اللبناني الذي يؤمن بالقيم الإنسانية والانفتاح على العالم كما هو الشرق في زمن كانت أوروبا تتعارك وتتحارب بقومياتها النازية وعنصريتها. وتميز الشريط باستعانته بأرشيفه الغني من خلال أفلام قديمة عن بيروت خلال الانتداب الفرنسي، وبخاصة استعراض الجنرال غورو في ساحة البرج. كما تضمن صوراً نادرة لميشال شيحا وزوجته وللرؤساء اللبنانيين وللبطريرك الحويك في باريس... والأهم من كل ذلك اختياره موسيقى شوبان على البيانو أثناء عرض هذه الأفلام والصور الوثائقية القديمة. يذكر أن مخرج الوثائقي خريج جامعات بريطانيا لصناعة الأفلام ولديه مجموعة أفلام قصيرة، أحدها يتناول الاعتقال السياسي.