عشية مثوله أمام محكمة قصر العدل في القضية المرفوعة ضده بتهمة تشويه الممتلكات العامة برسومه الغرافيتية، تعرض الفنان والشاعر سمعان خوام للضرب على أيدي شبان عرّف بعضهم بأنهم من الأمن العام، كما قال. ووقعت الحادثة ليلاً في حديقة الجعيتاوي، منطقة الأشرفية (بيروتالشرقية) التي كان قصدها للتنزه وهو في طريق عودته إلى محترفه. وضربه الشبان ضرباً مبرحاً طوال نصف ساعة ثم تركوه مرمياً أرضاً ونصحوه بعدم العودة إلى الحديقة قائلين «لا نريد غرباء هنا». وسرعان ما تبين له أن لا علاقة لهؤلاء بالأمن العام. أما قضية هذا الشاعر والفنان، فكانت موزعة بين حريّة التعبير والعبث في الممتلكات العامة، إلى أن غدت أشبه بمعركة بين فنانٍ يرى نفسه حرّاً بالتعبير عن أفكاره حيثما يريد، وقضاء يصرّ على توقيفه واتهامه بتشويه الممتلكات العامة برسومه. قد تبدو المشكلة في ظاهرها أمراً خاصاً بين الفنان والقضاء، لكنّها تجسّد في الواقع أزمة حقيقية تُعيد إلى الأذهان أسئلة قديمة/ حديثة عن جدلية العلاقة بين الفنان والسلطة. ما هي حقوق الفنان؟ من يُحدّد سقف حريته؟ إلى أين تصل صلاحيات الرقابة؟ والأهم، هل يُمكن الفنّ أن يكون فنّاً في ظلّ تضييق رقابي يعيق دوره في التعبير عن الذات، فردية كانت أم جماعية؟ بدأت حكاية سمعان خوام مع القضاء اللبناني حين تمّ توقيفه قبل حوالى عام وهو يرسم جدارية على حائط عتيق في منطقة الكرنتينا. والمعلوم أنّ فنّ الغرافيتي منتشر حول العالم، وقد نما حضوره، عربياً، بعيد أحداث الربيع العربي. ومع أنّ رسوم الغرافيتي تزدهر على جدران مدينة بيروت، استفزّت جدارية سمعان خوّام «الرقباء»، فأوقف بتهمة تشويه الممتلكات العامة. علماً أنّ المشكلة، على ما يبدو، لم تكن نتيجة «التشويه» الذي سبّبه الرسم، بل في الرسالة الخفيّة التي يتضمنها. وفي حين اعتبر خوّام أنّ ثمة قمعاً معنوياً مارسته الرقابة عليه من دون أي وجه حق، أصرّ على رفض دفع الغرامة المالية التي ألزمه بها القضاء اللبناني، معتبراً أنّ جداريته لا تمسّ التابوات الاجتماعية والسياسية، إنما هي مجرّد تأريخ لحرب أهلية دموية شهدها لبنان على مدار خمس عشرة سنة. وقد لاقت قضية اللبناني سمعان خوّام مناصرة من كثير من الفنانين والرسامين والمبدعين الذين وجدوا أنّ هذه المسألة تخصّهم وتعنيهم جميعاً، لأنّ حبل الرقيب قد يصل إلى أعناقهم جميعاً.