الحب، ذلك السر الأبدي الذي سكن القلوب، وأشعل خيال الشعراء ، لم يعد كما كان. لقد تغيّر العالم ، وتغيّر معه مفهوم الحب. لم يعد الحب ذلك الشعور الخالد كما تصوره الروايات والأفلام، بل أصبح حالة متبدلة تشتعل بسرعة وتخبو أسرع ما لم تجد ما يغذيها . في بداياته يبدو الحب كوهجٍ يملأ القلب بنشوة الانجذاب ، لكنه لا يستطيع الصمود وحده. يحتاج إلى رعاية وتفاهم وصدقٍ في التواصل. فبدون هذه العناصر يتحول الشغف إلى فتور وتبدأ العلاقة في الذبول. بل وقد ينقلب الحب إلى خيبة أمل أو حتى إلى غضب وكراهية إذا اصطدمت التوقعات المثالية بواقع الحياة المتغير . كثيرًا ما يكون السبب في انهيار الحب هو الاعتياد حيث يقتل التكرار الحماس ويختفي وهج البداية أمام الروتين. كما أن الناس أنفسهم يتغيرون مع مرور الوقت واحتياجاتهم العاطفية والمادية تتطور ، فتظهر الفجوات التي لم تكن واضحة في البداية . السينما والأدب خدعانا بصورة حالمة للحب كأنه إحساس لا يتغير ولا يموت بينما الحقيقة أن الحب الحقيقي هو الذي يستطيع أن يتجدد ويتحول من شغف إلى صداقة ، من لهفة إلى تفاهم ، من لهبٍ مشتعل إلى دفءٍ هادئ. الحب الذي يستمر ليس الأقوى شعورًا بل الأعمق فهمًا والأكثر قدرة على التكيّف . وفي النهاية لا يمكننا القول إن الحب انتهى تمامًا لكنه بالتأكيد لم يعد كما كان. لقد أصبح تجربة إنسانية تمر بتقلبات قد تترك فينا أثرًا جميلًا أو جرحًا عميقًا لكنها في كل الأحوال تظل جزءًا من نضجنا وتشكيل وعينا . الحب قد ينتهي، لكنه دائمًا يعلّمنا شيئًا عن أنفسنا وعن الحياة .