«ليس بالأمر السهل أن تشعر بالخذلان حين تعتقد أنك أوشكت على تخطي الصعوبات، وبدأت تلتمس طريقك نحو الشفاء، ثم تتراجع صحتك بعد أن لاح بصيص الأمل». بهذه الكلمات المؤلمة عبّرت رقية آل شيبان، البالغة من العمر 37 عاما، عن حزنها العميق بعد توقف علاجها التأهيلي للحبل الشوكي، عقب رحلة علاجية طويلة وصعبة بدأت بعد إصابتها بشلل رباعي في حادث مروري مروّع. حادث مأساوي قصة رقية بدأت في عام 2019، حين كانت تمر بكوبري أبها - خميس مشيط . في لحظة فارقة، اصطدمت رقية بسيارة مسرعة، لتصاب بكسر في الرقبة وخلل في الحبل الشوكي أفقدها الحركة وأدخلها في دوامة شلل رباعي. عراقيل في بداية الطريق نُقلت رقية إلى مستشفى عسير المركزي، حيث واجهت تأخرا في التدخل الجراحي، مما تسبب في مضاعفات صحية من بينها تقرحات من الدرجة الثالثة والرابعة بسبب قلة العناية السريرية اللازمة. تروي رقية: «ظللت طريحة الفراش دون حركة، تأخر إجراء العملية حتى اليوم التالي من دخولي المستشفى، وبعدها بدأت معاناة جديدة مع التقرحات ». إرادة لا تعرف الانكسار رغم ثقل الوجع، تشبثت رقية بأملها في تحسن حالتها، معلنة تحديها للشلل وسعيها للشفاء. بدأت رحلتها مع العلاج الطبيعي، حيث تشير التوصيات الطبية إلى أهمية التأهيل المكثف والمستمر لمثل حالتها. لكن العقبات لم تكن صحية فقط، إذ اصطدمت بعوائق إدارية ومالية كثيرة، فمراكز التأهيل بأبها لم تكن كافية، واضطرت للعلاج على نفقتها الخاصة في عز جائحة كورونا، بتكلفة وصلت إلى 6 آلاف ريال شهريا. من أبها إلى الأحساء.. رحلة الأمل تقول رقية: «لم أفقد الأمل، حتى وإن كان الطريق محفوفا بالعقبات». انتقلت إلى مستشفى الموسى بالأحساء، بعد أن صدر توجيه من وزارة الصحة بعلاجها عبر شركة تأمين خاصة. لكن حتى هنا لم تكن الأمور سهلة، فالنظام التأميني تطلب منها مطالبات متكررة للتغطية، إلى جانب مشقة السفر من أبها إلى الدمام جوا ثم إلى الأحساء برا. وتوضح: «كان أصعب من العلاج نفسه.. بين إجراءات معقدة، ومطالبات متكررة، وحجوزات طيران مرهقة، ومعاناة التنقل». تحسن ملموس.. وفرحة منقوصة ورغم كل شيء، حملت الشهور الأخيرة معها بوادر خير. من سبتمبر 2024، بدأت رقية تشعر بتحسن ملموس. «أصبحت أستطيع قبض الأشياء بيدي، وأتوازن أكثر.. نسبة التحسن وصلت إلى 80 % في التوازن». وتضيف: «كنت أخضع يوميا لجلسات تأهيلية مكثفة لمدة 4 ساعات، وعلى مدى شهر ونصف، وهذا ما صنع الفرق». عودة لنقطة الصفر لكن الفرحة لم تكتمل. فبعد 3 أشهر من التحسن المتواصل، توقفت جلسات العلاج بسبب رفض وزارة الصحة تمديد تغطية التكاليف. «قدمت طلبات جديدة، ورفعت خطابا لمقام إمارة منطثة عسير، وناشدت شركة التأمين ووزارة الصحة.. ولكن دون جدوى». تقول رقية: «ما زلت عاجزة أمام هذا الوضع، بحاجة ماسة لعلاج مستمر. التوقف مؤلم، ومرعب.. أشعر وكأنني سأفقد كل ما حققته، وسأعود من جديد لنقطة البداية». لخصت الشيبان مشكلتها بأربع نقاط 01 - ضرورة تحسين موقع الحادث. 02 - استمرارية العلاج دون انقطاع. 03 - إيجاد حلول للتكاليف المادية الكثيرة. 04 - توفير مراكز للتأهيل لمصابي الحبل الشوكي بالمنطقة الجنوبية.