بعد مشاورات ماراثونية أجرتها أجهزة الدولة الحكومية مع القوى والكيانات السياسية، خصوصاً خصوم جماعة «الإخوان المسلمين»، لأسابيع عدة، أُعلن أمس عن مشاركة غالبية الأحزاب القومية واليسارية في الانتخابات النيابية المقررة مطلع العام المقبل بعد أن قاطعها «الإخوان» وحلفاؤهم، إضافة إلى عدد من الحراكات العشائرية، احتجاجاً على القانون الذي ستجرى على أساسه. وجاء هذا القرار الذي أشارت إليه «الحياة» قبل اعتماده رسمياً، مع توجه حكومة عبدالله النسور إلى حسم قرارها باتجاه رفع الدعم عن السلع الأساسية والمحروقات في غضون أيام، وفق مصادر حكومية أكدت ل «الحياة» أن الدولة تتجه إلى اعتماد مبلغ 80 ديناراً للفرد سنوياً، في محاولة منها لتهدئة أجواء الاحتقان الشعبي الرافضة لقرار رفع الأسعار. وتوقعت المصادر أن يتخذ قرار الرفع نهاية الأسبوع أو الأسبوع المقبل على أبعد تقدير. وأعلنت 5 أحزاب قومية ويسارية معارضة أمس مشاركتها بالانتخابات البرلمانية المقبلة، في موقف مشابه لموقفها في انتخابات عام 2010 التي حل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني البرلمان المنبثق منها الشهر الماضي. وقررت أحزاب الشعب الديموقراطي (حشد)، والشيوعي الأردني، والبعث الاشتراكي، والبعث التقدمي، والحركة القومية، المنضوية ضمن ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية، المشاركة في الانتخابات نهاية كانون الثاني (يناير) المقبل. في مقابل ذلك، أكد حزب الوحدة الشعبية الديموقراطي، أحد أحزاب الائتلاف، مقاطعة الانتخابات، وهو الموقف الذي كان حزب «جبهة العمل الإسلامي» المنبثق من جماعة «الإخوان»، اتخذه سابقاً إلى جانب عشرات الحراكات التي ولدت من رحم الربيع العربي قبل نحو عامين. وجاء موقف الأحزاب في اجتماع عقد في وقت متقدم من مساء السبت وشكل خروجاً على موقف الجبهة الوطنية للإصلاح برئاسة رئيس الوزراء السابق أحمد عبيدات، والتي تشارك فيها هذه الأحزاب. وكانت الأحزاب الخمسة حازت مقعداً واحداً في البرلمان الماضي، لكنها عبرت عن أملها بزيادة حصتها في البرلمان المقبل الذي خصص 27 مقعداً للتنافس على أساس القوائم من أصل 150 هي عدد أعضاء مجلس النواب المقبل. يأتي ذلك فيما اصطدمت محاولات شخصيات سياسية لتحريك «المياه الراكدة» في الانتخابات النيابية، بقانون الانتخاب وعزوف أركان الدولة البارزين عن المشاركة في العملية السياسية المقبلة. وتشير بيانات وأرقام متداولة في أوساط النخبة السياسية في عمان اليوم إلى أن غالبية القوائم الوطنية الفاعلة لن تستطيع الحصول على أكثر من 7 مقاعد، وفق قراءات علمية لدوائر القرار، وأن غالبية هذه القوائم ستتراوح ما بين 1-3 مقاعد. وعلى الطرف الآخر، تسعى شخصيات ونخب سياسية إلى اختبار فرصة تشكيل قوائم وطنية، أبرزها شخصيات محسوبة على «المتقاعدين العسكريين»، وأخرى محسوبة على ما يسمى ب «اليسار الوطني»، إلى جانب شخصيات قريبة من حركة «فتح» الفلسطينية. ويرى سياسيون ومحللون تحدثت إليهم «الحياة» أن هناك تشجيعاً رسمياً لبعض هذه الاتجاهات والشخصيات، لإضفاء النكهة السياسية على البرلمان، في ظل غياب المعارضة، خصوصاً الإسلامية التي تحظى بقاعدة عريضة في صفوف الأردنيين من أصل فلسطيني. ويبدو دور رجال الأعمال أكثر وضوحاً في الانتخابات المقبلة، فهناك من أسس حزباً ويحاول إقناع شخصيات بارزة بالمشاركة، وهناك من يريد الاكتفاء برعاية قوائم وطنية أو مرشحين. ويحذر المراقبون من أن تعتمد عملية تشكيل القوائم الخاصة برجال الأعمال، على أسس مصلحية «طبقية»، لا على أسس البرامج والاصطفافات السياسية. في هذه الأثناء، يترقب الأردنيون رفعاً وشيكاً للأسعار، وسط أجواء متوترة. وتؤكد مصادر رسمية تحدثت إليها «الحياة» أن الحكومة اتخذت فعلاً قرارات تتعلق برفع الأسعار على المحروقات، وإنها تنتظر توافقاً مع الجهات الأمنية (التي حذرت من اضطرابات قد تصل إلى حد الصدامات في بعض المناطق عند بدء تطبيق القرار) لتوقيت إعلانه المتوقع خلال أيام، وذلك تنفيذاً لاتفاق وقعته الحكومة السابقة مع صندوق النقد الدولي.