اعتبر الشاعر زكي الصدير أن القصيدة «الحقيقة» على حد تعبيره «هي من تقدم نفسها بلا هيكل ثابت، أو هوة جاهزة»، داعياً الشعراء إلى «التجريب، من دون الوقوف عند معمار آبائه السالفين». ويزعم الصدير أن فسلفته تلك هي من قادته إلى أن يجمع بين التفعيلة والنثر، والقصة القصيرة جداً، في إصداره الأخير، المعنون ب«شهوة الملائكة» الصادر عن دار مسعى. وذكر الصدير ل«الحياة» أنه يحاول «ابتكار هندستي الخاصة في النص، والتي قد تتجاور فيه أكثر من معمارية واحدة وفق اشتراطاتها البلاغية في قائمة قصيدة النثر». وأوضح أن هدفه من وراء هذا التنوع في القوالب «الثورة على القالب الجاهز ومحاولة ابتكار اللغة في جسد جديد، وبصيغة تقنع القارئ بأنه ضمن مناخ لغوي ووجودي واحد داخل النص»، لافتاً إلى أن إصداره «استحوذ عليه الإيقاع لا النثر»، مرجعا ذلك إلى «أنني مازلت ابناً باراً جداً للإيقاع». من أجواء إصداره الجديد، نطالع نص بعنوان «ضابط يمرّن الحلم»، وفيه يقول: وبيني وبينَكَ هذا الجدارُ، وزنزانتانِ، وحلمٌ يمرّنُهُ ضابطٌ في الرّواقْ وبعضُ الدفاترِ: زرقاء، صفراء، خضراء! ما عادَ في محضرِ الضبطِ غيرُ الحكايا التي لم يقلْها الرفاق! خطىً ضائعاتٌ وأحلامُ جدّاتِنا في القرى! وبعضُ السجائرِ في نزهةِ الوقتِ! منْ غيرُنا ياصديقي سيروي الحكايةَ والوقتُ بين شموسٍ تغيبُ وبدرٍ محاقْ؟!». وأيضا نص آخر عنوانه «خوف» ونقرأ فيه: حينَ أخبرتني جدتي بأن «الجدران لها آذانٌ» تعلمتُ فوراً لغةَ الإشارة، وأتقنتُ الإمساك بالطباشيرِ، وصرت أخربش لعناتي عليها، لم تخبرني -أصلحها الله- أنها –أيضاً- لها أعين!». يذكر أن أول إصدار للصدير كان في العام 2006 بعنوان «حالة بنفسج»، ثم أصدر بعده «جنيات شومان» و«حانة».