إننا في زمن الفضاء الافتراضي حيث باتت فيه مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر بشكل كبير على وعي الأفراد والمجتمعات وأمن الأوطان واستقرارها، فأصبحت هذه المنصات ساحة جدلية تتشابك فيها الأفكار الصحيحة والسقيمة والرسائل الضالة والمشبوهة، مما أدى إلى تأثيرات عميقة، فمستخدموها يتنافسون بطريقة غير مسبوقة لكسب الانتباه، ما ينعكس سلباً على المعرفة العامة، تكون فيها هذه المواقع مصدراً لتغذية القلاقل وإشعال الفتن وزعزعة الأمن والاستقرار، لذلك، من المهم الإدراك العميق لتداعيات هذه الوسائل على الوعي، في هذه المعركة، يجب أن نتسلح برفع منسوب الوعي والمعرفة والتحليل الجاد للاستجابة للتحديات التي تواجهنا. أثبتت دراسات عديدة أن مواقع التواصل الاجتماعي لها القدرة على تشكيل الوعي العام بطريقة غير مباشرة، يتم تداول المعلومات بسرعة كبيرة، مما يسهم في تشكيل آراء ومعتقدات المجتمع، ولكن المشكلة أنه لا يتم دائماً التحقق من صحة المعلومات، مما يؤدي إلى ترويج الشائعات والأخبار المضللة، فالأمر يتطلب من الجمهور وعياً أكبر لاستيعاب المعلومات بشكل نقدي، لذلك يجب أن نكون حذرين من المعلومات غير الموثوقة التي قد تؤثر على قراراتنا، واتخاذ خطوات نحو تعزيز التحقق من المعلومات والمصادر. تتضمن الأخطار المحتملة للاستخدام غير المدروس لمواقع التواصل الاجتماعي انتشار الأخبار الزائفة والشائعات المغرضة وتمجيد العنف والترويج للكراهية ونشر التطرف. يمكن أن تساهم هذه الظواهر في تفكيك النسيج الاجتماعي وزيادة الانقسام بين الأفراد. الأفراد الذين يتعرضون لمعلومات محرفة قد يبدأون في تطوير آراء متطرفة وغير متوازنة. وبالتالي، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تأثيرات سلبية على التماسك الاجتماعي. مواجهة هذه المخاطر تتطلب فهماً عميقاً لآليات هذه الوسائل. لذلك، يحتاج المجتمع إلى إستراتيجيات فعّالة للتعامل مع هذه القضايا وتجاوزها. تظهر إدارة الانتباه كمفهوم رئيسي في معركة الوعي الإلكتروني، وتعد قدرة الأفراد على انتقاء المعلومات الدقيقة من بين بحر هائل من المعلومات أساسية لتعزيز الوعي، لذلك من الضروري تعزيز مهارات التفكير النقدي وتحليل المعلومات، ناهيك عن أن التعليم والتوجيه في كيفية استهلاك المعلومات يمكن أن يساهم في تحسين وعي الأفراد، ومن هنا كان لزاماً على المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية والمراكز الأمنية والمسؤولين المعنيين العمل على تطوير مهارات كافة أفراد المجتمع، والتركيز على الإستراتيجيات الناجحة على توجيه المستخدمين نحو معلومات موثوقة ومفيدة. من المهم أن تُعتبر معركة الوعي الإلكتروني أولوية وطنية تمس جميع فئات المجتمع، بل من الضروري أن نعمل جميعاً كفريق واحد لمواجهة الاستهدافات والفتن عبر تعزيز ثقافة وعي قائمة على المعرفة، والحوار المستنير، وإن ذلك يتطلب تضافر الجهود من كافة الأطراف المعنية لتحقيق الأهداف المنشودة، وعلينا جميعاً أن نكون مستعدين لمواجهة التحديات الفكرية التي تنشأ في العمل الجماعي، وهذا يتطلب أيضاً ابتكار أساليب جديدة لتعزيز الوعي الإلكتروني في المجتمعات. تواجه معركة الوعي مجموعة من التحديات الفكرية المعقدة. من بين هذه التحديات هو انقسام الآراء وغياب الحوار البناء. يمكن أن تتسبب الأفكار المتطرفة في زيادة الفتن بين الأفراد. المضامين الاجتماعية والنفسية تعقّد من فهم هذه التحديات، مما يتطلب دراسة دقيقة. أنظمة التعليم والمجتمع بحاجة إلى تطوير تفكير نقدي قوي. يحتّم علينا ذلك للتغلب على هذه التحديات والتركيز على التدريب الفكري وتعزيز الوعي. تتضمن أساليب تعزيز الوعي الإلكتروني استخدام برامج تعليمية وتوعوية مستدامة، كما ينبغي تحفيز المشاركة المجتمعية والمحاضرات التي تسلط الضوء على أهمية مصداقية المعلومات، إضافة إلى دعم المبادرات المحلية وتطوير محتوى تعليمي يهدف لرفع مستوى الوعي، كما يمكن استخدام الفنون والوسائط المتعددة كأدوات لزيادة التفاعل والتواصل، وكل هذه الجهود يمكن أن تساعد في بناء مجتمع واعٍ ومتيقظ للمخاطر المعلوماتية، لذا، يجب علينا النظر في هذه الأساليب وتنفيذها بفعالية. يعتبر «الذكاء السياقي» مفهوماً حيوياً في معركة الوعي الإلكتروني، وهو يعني القدرة على استيعاب الظروف المحيطة وكيف تؤثر على اتخاذ القرارات، بدوره، يمكن أن يقود هذا إلى ترتيب الأولويات وتحديد الأعمال المطلوبة، وهذا لا شك يتطلب من الأفراد التعلم من ماضيهم والتكيف مع تحديات الحاضر، كما أن القدرة على فهم السياق تعزز من فعالية الاستجابة للأزمات وفهم المشهد العام، لذلك، يجب تعليم هذه المهارة للأجيال القادمة لتعزيز وعيهم. يجب أن ندرك جميعاً أن ضرورة الاستعداد لمواجهة الفتن والاستهدافات الموجهة عبر الوعي، يكون من خلال تعزيز الثقافة الوطنية وتحفيز التفكير النقدي، وهنا يمكن للمجتمع مواجهة التحديات التي قد تطرأ، ولا ريب أن هذه استعدادات تشكّل درعاً وقائياً ضد التأثيرات السلبية، يتطلب الأمر تضافر الجهود من الأفراد والمجتمع، فبلورة السياسات والإجراءات التوعوية هي بداية الطريق نحو مستقبل أكثر أماناً، لذلك، ينبغي الانتباه إلى أهمية التحضير الجماعي لمواجهة هذه التحديات.