بفخر واعتزاز، وصدق ومحبة، يحتفي الشعب السعودي كل عام، دون صخب وضجيج مفتعل، بالذكرى السنوية لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - مقاليد الحكم وتدشينه مرحلة جديدة مختلفة في تأريخ الدولة السعودية الممتد عبر أكثر من ثلاثة قرون. مرحلة يصعب حصر ملامحها البارزة البهية في عجالة، رغم أن عمرها لم يتجاوز عشر سنوات، لكن الإنجازات التي تمت خلالها لم تحققها دول في عشرات السنين. التحديات التي واجهتها المملكة خلال هذه الفترة كانت كثيرة وصعبة، لكنها لم تعطلها أو تجعلها تتباطأ في تنفيذ برامجها التي تضمنتها الرؤية الوطنية 2030، التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. لقد جعلت من التحديات حافزاً على مضاعفة العمل، وخلق المزيد من الفرص، وإشاعة روح التنافسية بين كل العاملين، مع تطبيق معايير دقيقة للأداء والتقييم والمراجعة والحوكمة، لا تستثني أحداً ولا تجامل أحداً، الكفاءة وحدها، ومستوى الإنجاز وحده هو الذي يحدد استمرار المسؤول أو رحيله، ولم يعد هناك إعفاء دون مساءلة ومحاسبة على التقصير، فقد انتهى الزمن الذي كان فيه المنصب وجاهةً وصلاحيات مفتوحة لا أحد يحاسب عليها مهما كان التقصير واضحاً وفاضحاً، لقد تغير مفهوم المسؤولية وتغيرت معايير اختيار أصحابها، ولم تعد المسألة اجتهادات شخصية بل عمل مؤسسي وفق خطط مدروسة وأدوات تنفيذ عملية وواقعية. الذي تحقق إلى حد الآن من مستهدفات برامج الرؤية يؤكد أننا نمضي في المسار الصحيح، نعم هناك مراجعات لبعض الأولويات وهذا شيء طبيعي وظاهرة صحية لأننا جزء من العالم، ومحكومون مثل غيرنا بالمتغيرات المفاجئة والأحداث السياسية التي تؤثر على الاقتصاد والإيرادات، وتُجبر الدول على تقديم وتأخير بعض المشاريع، ولكن المطمئن أننا لم نعد رهينة مصدر وحيد للدخل الوطني، ولم تعد علاقاتنا الدولية تتركز على اتجاه واحد أو كتلة واحدة، فقد أصبحت السياسة الخارجية السعودية أكثر حيوية وواقعية وأيضاً أكثر تأثيراً، لأنها تستخدم كل أوراق القوة المتاحة لها لتحقيق مصالحها، ولم تعد دولة تتأثر فقط، وإنما دولة تؤثر. الذي حدث في المملكة خلال السنوات العشر الماضية لم يكن يتخيله أحد، لكنها الإرادة السياسية الواعية لحكم رشيد استطاع تحقيق ما يشبه المعجزة.