في هذا العام احتفلت المملكة بيومها الوطني 94 بشعار نحلم ونحقق، إنه يوم الوطن نعبر فيه عن فخرنا العميق بتراثنا وتفافتنا وتطورنا المستمر وتحقيق الإنجازات المتلاحقة على مر السنين، ولا شك بأن حبُّ وطننا الغالي غريزةٌ متأصِّلة في النفوس، تجعل الإنسانَ يستريح إلى البقاء فيه، ويحنُّ إليه إذا سافر وغاب عنه. وحب الوطن فطرة إنسانية فُطَر عليه الإنسان، وخلة يجبل عليها ويُعجَن بها، وطبيعة تولد معه وتوجد في البدن، يقول ابن الجوزي: وفطرة الرجل معجونة بحب الوطن، ثم إن الإبل تحن إلى أوطانها، والطير إلى أوكارها، وإذا كان حب الوطن قائماً في نفوس كل البشر، فكيف إذا كان هذا الوطن هو بلادنا المباركة بلد التوحيد والعقيدة، ومهد الرسالة والسنة ومهبط الوحي وقبلة جميع المسلمين.. لا شك بأن هذا الحب سيكون أشد وأغلى وأقوى لبلادنا الغالية حرسها الله. ويدل على عظم حب الوطن قول نبينا وحبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام حينما أخرجوه قومه من مكة (علمتُ أنك خير أرض الله، وأحب الأرض إلى الله عز وجل، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت). وقال على رضي الله عنه: عمرت الدنيا بحب الأوطان. الوطن قصة حب ونظرة أمل وتطلع بثقة نحو الأفق البعيد إلى مستقبل مشرق، والوطن شجرة نستظل بها، وأرض نحتمي بها، وهو القلب الذي ينبض فينا، والحب الذي لا ينتهي والوفاء الذي لا يتغير مهما طال الزمن. مرت 94 عاماً من المجد والرخاء والازدهار والأمن والأمان والتطور في كل المجالات فالحمدلله على ما أنعم الله به سبحانه على وطننا الغالي بهذه النعم المتتابعة والإنجازات الكبيرة على كافة الأصعدة. وجاء عن إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه أنه قال: ما عالجتُ شيئًا أشد من منازعة النفس للوطن و"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَأَبْصَرَ دَرَجَاتِ المَدِينَةِ، أَوْضَعَ نَاقَتَهُ -أي أَسْرَعَ بِهَا-، وَإِنْ كَانَتْ دَابَّةً حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا".. رواهُ البُخاريُّ. قالَ ابنُ حَجرٍ في "الفَتحِ": "فيهِ دَلَالَةٌ علَى فَضلِ المدينةِ وعلَى مَشروعيةِ حُبِّ الوَطَنِ والحَنينِ إليهِ". اللهم احفظ بلادنا الغالية من كل سوء وأدم عليها الأمن والأمان والرخاء والاستقرار والازدهار في ظل حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين. محمد الصالح