ينجز ملتقى الوعد الثقافي في الدمام خطوة أكثر تحدياً، بتنظيمه أسبوعاً ثقافياً جديداً في الكويت، تضمن فعاليات متنوعة ما بين عرض مسرحي وأمسية شعرية إلى ندوة نقدية، مع مشاركة حية للموسيقى، في تماهٍ وانسجام بين أنماط التعبير. أقيمت الفعاليات بالتعاون مع ملتقى الثلثاء في الكويت، خلال الفترة من 18 إلى 22 من نيسان (أبريل) الماضي، أولى فعاليات الأسبوع كان عرض ميلودامي بعنوان «كسر حاجز الصوت» من تمثيل وإخراج حسين يوسف، عرّ العرض الذات الإنسانية ( السجين المحطّم ) في أحلامه، والذي ينشد مثاله فلا يراه، يبعثر أوراقه ويعبث في أشيائه ليستعيد ذكراه، ومن ذاكرة الهزيمة التي لا تسعفه الحقائق إلا بما توفره من عذابات مريرة تحيلنا إلى كيانات بشرية محطمة وناقمة. ثم ورقة نقدية حول الفن التشكيلي للكاتبة ضياء يوسف، إلى جانب معرضٍ تشكيلي للفنان زمان جاسم الذي رافق الملتقى طوال فترة المهرجان، وتألق زمان بمعالجاته الفنية لقضايا تقترب كثيراً من روح البياض والفتنة، والتي يستشعرها المتلقي في شفافية ألوانه وقربها بصرياً من القلب. سبق ذلك كله ترحيب من الروائي إسماعيل فهد إسماعيل الذي نوه بالتعاون بين الملتقيين الأهليين لفتح نافذة بين التناص السعودي الكويتي الحديث، مشدداً على أن هذا التعاون يعد بادرة تقرب وتجسر العلاقة بين المثقفين بشكل إنساني رفيع. وتضمنت الفعاليات الثقافية أيضاً أمسية نقدية حول رواية «ترمي بشرر» لعبده خال الذي تغيب عن الحضور، وشارك فيها كل من الدكتور أيمن بكر والناقدة سماهر الضامن بورقتين نقديتين. ولم تكن الأوراق المقدمة من بكر والضامن أكثر أهمية من المداخلات، التي أشعلت فتيل النقاش لأكثر من نصف ساعة، واتفق عديد من المثقفين الكويتيين مع السعوديين على أن الرواية «تحتاج إلى كثير من الجلد والصبر، لتحمل سوداويتها التي تربك القارئ، وتوصله إلى مناطق من الألم غير المحتمل». وشارك ثلاثة شعراء هم محمد الفوز ومحمد الخباز وزكي الصدير في أمسية شعرية، شكلت النصوص التي ألقيت فيها، أمزجة تتفارق في مناخاتها، وتتقاطع في الإبداع والاشتغال على المختلف، عبر نص جيد يعلن حضوره بجدارة وقوة وفرادة. الأمسية كان لها شريكان في الإيقاع، إذ صاحب الشعراء الفنانان الموسيقيان محمد سلمان على الجيتار وعماد عبدالباقي على العود ليهبا الأمسية فضاء جديداً من الألحان والموسيقى، التي لم تكن بأقل فتنة من الشعر نفسه. يذكر أن «ملتقى الوعد الثقافي» أقام معرضاً مصغراً للكتاب على هامش الفعاليات، واحتوى على إصدارات شعرية وأدبية حديثة لكتاب وشعراء سعوديين، ومنها: المجموعة الكاملة لمحمد الثبيتي. هواجس في طقس الوطن لعبدالله الصيخان. ونساء بلا أمهات لسماهر الضامن. تغني الأرض لأحمد الواصل. رغبة للقاص حسين الجفال. جنيات شومان لزكي الصدير. ليل القرامطة لمحمد الفوز. ومسند الرمل لمحمد الماجد، وإصدار الوعد الثقافي الأول لمجموعة المسرحي الراحل نضال أبو نواس « تاويل». وفي حفلة الختام للفعاليات شارك شعراء وفنانون سعوديون في أمسية شعرية هم حسين آل دهيم ومحمد عيسى محمد سلمان وعماد عبدالباقي وقدمها الشاعر الكويتي محمد النبهان قائلاً: «في حضرة الشعر يصمت العالم لينصت لأسئلته، وليتماها مع أحلامه وآلامه وأمانيه، لذا نحن موعودون الليلة بغارة إبداعية أخيرة لنختم بها فعاليات أسبوع سعودي مدهش بكل ما قدم من جمال وألق» . وفي ختام الأمسية قرأ رئيس «ملتقى الوعد الثقافي» القاص حسين الجفال بكلمة شكر فيها الحضور ورحب بجسور الامتداد بين البلدين والمثقفين «عليهما أن يتواصلا ببياض الثقافة التي هي جسر لربما ستقدم ما لم تستطع أن تقدمه المؤسسات الرسمية ذاتها». بعدها تناوب الملتقيان توزيع الدروع التذكارية لتكون لهذه الفعاليات ذاكرتها الخاصة الباقية معهم.