يجد المقاتلون المعارضون الذين يعانون نقصاً في الاسلحة الثقيلة ووسائل الدفاع الجوي، صعوبة في السيطرة على مواقع قوة القوات النظامية في حلب: القلعة الكبيرة التي تشرف على المدينة القديمة، جامع الامويين والوسط الاداري لكبرى مدن شمال سورية. في ختام النهار، ينكب اربعة من قادة الكتائب المعارضة على خريطة كبيرة لحلب، وضعت على مكتب في المقر العام للواء عبد الله بن الزبير في جنوبالمدينة الضخمة. كما كل يوم، يشير هؤلاء الى مواقع على الخريطة، ويتناقشون في خطط الغد. ولا يتعلق الامر باستراتيجية كبرى، بل معارك من منزل الى آخر. يقول ابو ماهر، وهو قائد مجموعة من 50 رجلاً تابعة للواء التوحيد، الابرز في حلب، «نتقدم في اتجاه منزل جديد او مبنى، ونهاجمه». ويقر الرائد السابق في القوات الجوية السورية الذي انشق قبل شهر بأن «الامر يتطلب وقتاً طويلاً احياناً». ولا تبدو مهمة المقاتلين المعارضين اسهل مع محدودية الموارد المتوافرة لهم: بعض القذائف الصاروخية من نوع «آر بي جي» ورشاشات كلاشينكوف تختلف جودة نوعيتها وبعض القنابل اليدوية. في المقابل، تدفع القوات النظامية الى ميدان المعارك بالمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون والدبابات، واحياناً الطائرات المروحية. كما تلجأ بشكل دوري الى الطيران الحربي، وهو ما يخشاه المدنيون بشدة. ولاحظ صحافي في «فرانس برس» ان المقاتلين المعارضين يواجهون صعوبة في التقدم وسط أزقة المدينة. ويوضح ابو ماهر «نحاول السيطرة على الجامع (الاموي)، لكن جنود الاسد الموجودين في القلعة يحددون اماكننا بشكل جيد». عرفت القلعة تاريخياً بتحصيناتها ذات القدرة الدفاعية، ويبدو انها لم تفقد هذه الصفات الى اليوم. يضاف الى كل هذه العوامل النقص في السلاح والذخيرة وكلفتهما المرتفعة، اذ يبلغ سعر كل رشاش من نوع «آي كاي 47» ألفي دولار، بينما تباع كل طلقة بدولارين. «كلما كان في حوزتنا الفا دولار، نستخدم 300 دولار منها لشراء الخبز، والباقي ننفقه على السلاح»، بحسب «الحاج»، وهو قائد ميداني يأتمر بأمره 1270 رجلاً. ويؤكد هذا الخياط الذي اصبح زعيم حرب، ان كل المقاتلين يبتاعون اسلحتهم بأنفسهم، مبدياً اسفه لغياب المساعدة من الدول الغربية، اكان من الولاياتالمتحدة ام اوروبا، ولا سيما فرنسا. يضيف: «يقول البعض اننا على علاقة بالقاعدة لاننا نرفع العلم الاسود، لكن هذا هو علم الاسلام». ورغم ان الجماعات الاسلامية المتطرفة تشكل اقلية ضمن المجموعات المسلحة التي تقاتل النظام في سورية، الا ان وزرها بات ثقيلاً على المقاتلين المعارضين الساعين الى اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد، في نزاع مستمر منذ اكثر من 18 شهراً. فقد تبنت «جبهة النصرة» الاسلامية المتطرفة الانفجارات الضخمة التي هزت الاربعاء ساحة سعد الله الجابري في حلب، وأدت الى مقتل زهاء 50 شخصاً غالبيتهم من القوات النظامية. وفي غياب الاسلحة الثقيلة، يواجه المقاتلون المعارضون صعوبة في التفوق على القوات النظامية التي استقدمت تعزيزات اضافية الى حلب. وعلى خط التماس الذي يجمع حيي صلاح الدين وسيف الدولة، للمقاتلين مهمة واحدة: الحفاظ على المواقع. ويقول الملازم المنشق محمد المعضل ان «الاسد استقدم تعزيزات الى حلب. احضروا اربعة آلاف جندي اضافي في الايام الخمسة الاخيرة. منذ يومين، يسببون لنا الاذى». وتتخذ القوات النظامية من الظلام ستاراً لعملها الذي يمتد طوال الليل وحتى طلوع الفجر، مستفيدة من هامش التفوق الذي تمنحها اياه مناظير الرؤية الليلية. ومع ضوء النهار، يستأنف تبادل الرصاص واطلاق القذائف في شكل دوري في المنطقة التي اصبحت ساحة معركة تكثر فيها المنازل المدمرة والمباني التي اخترقها الرصاص.