دخل ملف الوزير والنائب اللبناني السابق ميشال سماحة مرحلة التحقيق القضائي أمس، ومعه التأويلات والتسريبات من نوع جديد، إذ استجوبه قاضي التحقيق الأول رياض أبو غيدا على مدى 3 ساعات ونصف الساعة، في حضور وكيلي الدفاع عنه. وذكر بعض وسائل الإعلام إثرها أنه تراجع عن إفادته التي أدلى بها أثناء استجوابه امام فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي يومي الخميس والجمعة الماضيين، فيما رجحت مصادر اطلعت على التحقيقات أنه «مهما كانت التسريبات عن تراجع سماحة فإن إفادته السابقة موثقة فضلاً عن وجود قرائن ملموسة على ما كان يخطط له تجعل من أي تراجع عن إفادته غير ذي قيمة». واستمر اتهام سماحة، ومعه رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي المملوك والعقيد السوري عدنان، «بتأليف عصابة مسلحة والتخطيط لأعمال إرهابية بواسطة المتفجرات واغتيال شخصيات سياسية ودينية في عكار»، في التفاعل على الصعيد السياسي أمس. فدعا رئيس حزب الكتائب الرئيس السابق أمين الجميل الى وقف العمل بالاتفاقية الأمنية بين لبنان وسورية فوراً وإلى الطلب من مجلس الأمن نشر قوات دولية على الحدود اللبنانية. وإذ حذر الجميل من أن الوضع في البلد «فالت والتهديدات تأتي من كل حدب وصوب»، مستنداً الى «ما كشف من مخطط بعد إلقاء القبض على وزير سابق»، هنأ المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي ورئيس فرع المعلومات العميد وسام الحسن. ورأى أن ما حصل «إنجاز ويأتي استكمالاً للانسحاب السوري من لبنان وإنجاز على الصعيد الإنساني لأننا وفرنا ضحايا بريئة كان يمكن أن تسقط». كما حذر «من أي ضغط أو تدخل في شؤون القضاء والأمن وسنكون بالمرصاد لأي محاولة لتسييس الموضوع أو طمس الحقائق». ورأى أنها «المرة الأولى التي تكشف فيها مخططات إرهابية لهذا النظام (السوري) وتهدف الى قتل الأبرياء». وطالب بانعقاد مجلس الوزراء ل «درس محاولة الاعتداء على لبنان»، وبإبلاغ الجامعة العربية، وسفراء الدول الكبرى «مخطط اعتداء النظام السوري». متهماً الاستخبارات السورية بالتآمر. وتطرق البطريرك الماروني بشارة الراعي، بطريقة غير مباشرة الى القضية، حين قال في كلمة له أثناء زيارته منطقة عكار إن «سيدة الانتقال حمت هذه المنطقة من تفجيرات كانت تهيؤها أيدي الشر والضمائر الميتة». وتطرقت الخطب الترحيبية بالبطريرك الراعي الى مخطط التفجيرات الذي كان يستهدف منطقة عكار بهدف الفتنة بين المسيحيين والمسلمين. وكان الوزير السابق سماحة مثل أمام القاضي أبو غيدا في حضور أحد محامييه يوسف فنيانوس، بعد أن كان وكيله الثاني مالك السيد قال إنه تقرر أن يحضر الدفاع جلسة الاستجواب إثر وعد من وزير العدل شكيب قرطباوي بالتحقيق في حصول التسريبات عن التحقيق الذي أجراه فرع المعلومات مع سماحة. وسيعيد القاضي أبو غيدا استجواب سماحة لاحقاً، فيما قال المحامي السيد إن التحقيق يأخذ مساره الجدي على رغم التسريبات. وقالت مصادر وكلاء سماحة إنه إذا استمر التحقيق على هذا النحو فهناك مفاجآت وقد تؤدي الى إخلاء سبيل سماحة. وتقدم المحامي فنيانوس بادعاء في حق اللواء ريفي والعميد الحسن بتهمة تسريب التحقيق. وردت مصادر رسمية تسنى لها الاطلاع على التحقيق على الأنباء عن تراجع سماحة عن إفادته أمام فرع المعلومات، أثناء استجوابه أمس، بالقول إن هذا التراجع «لا يؤخذ به وهو ضخ إعلامي، لأن الوزير سماحة نفى، رداً على سؤال النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود حين زاره في مبنى قوى الأمن لتفقده أكثر من مرة، أن يكون أدلى بإفادته تحت الضغط. وأجاب عن ما إذا كان اعترف بملء إرادته أو لا بالإيجاب كما سأله عما إذا كان يشعر بشيء ما على الصعيد الصحي واستدعى طبيبين لمعاينته. وكل هذا كان موثقاً في محضر وقّع عليه سماحة فضلاً عن الإفادة نفسها». وأضافت المصادر أن سماحة «يظهر في صور فيديو وهو ينقل العبوات من سيارته من نوع أودي المصفحة الى سيارة الشخص الذي كلفه التفجيرات». وقالت إنه «بعد ضبط السيارة كأحد الأدلة جرى فحص مخبري جنائي لها ولصندوقها، وأظهر هذا الفحص وجود آثار متفجرات في صندوقها، وهذه قرائن لا مجال لنفيها». إلا أن محطة «المنار» (حزب الله) أفادت بأن سماحة أوضح أثناء استجوابه أنه «قال ما قال في إفادته تحت الضغط النفسي وأن الهدف من المتفجرات وضعها على الحدود الشمالية لمنع تهريب المسلحين والسلاح عبر الحدود مع سورية». وفيما سمح القاضي أبو غيدا لسماحة باستقبال أفراد عائلته في مكتبه بعد انتهاء جلسة الاستجواب، أصدر اللواء ريفي تنويهاً بأعمال العميد الحسن واصفاً إياه بأنه «ضابط عام ذكي ومقدام ثابر منذ توليه شعبة المعلومات على بذل الجهود الحثيثة وإعطاء الأوامر والتوجيهات المناسبة لمرؤوسيه... وأدى ذلك الى تفكيك أكثر من 36 شبكة تجسس تعمل لمصلحة العدو الإسرائيلي وكشف هويات عدد من المخططين لأعمال إرهابية، آخرها مخطط لزرع متفجرات واغتيالات في لبنان الشمالي وتوقيف الرأس المدبر وإقامة الدليل على تورطه». كما نوه اللواء ريفي ب «المخبر السري الذي ساعد ولعب دوراً أساسياً في كشف مخطط خطير كان يرمي الى تنفيذ أعمال إرهابية»، مشيراً الى أن اسمه بقي طي الكتمان. ووصفه بأنه «مواطن صالح أدى واجبه الوطني من خلال تعاونه مع شعبة المعلومات ما أدى الى إفشال المخطط وتوقيف الرأس المدبر... وترك عمله الوطني أثراً طيباً ومشرفاً لدى الرأي العام مبرهناً عن عزة نفس وترفع عن المغريات (تخلى عن مبلغ مالي كبير عرض عليه) غير آبه بالمخاطر المحدقة به». على صعيد آخر ينتظر أن يلتقي رئيس كتلة «المستقبل» النيابية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة خلال الساعات المقبلة رئيس الجمهورية ميشال سليمان للتداول معه في موقف قوى 14 آذار من حضور جلسة هيئة الحوار الوطني بعد غد الخميس. وقالت مصادر مطلعة أن قوى المعارضة قد تتجه الى حضور بعض أقطابها الاجتماع، وأن يتغيب بعض رموزها الآخرين.