قتل عشرات الجنود وعناصر من الشرطة وأفراد من قوات «الصحوة» في العراق، في موجة هجمات استهدفتهم حديثاً الا ان هذه الاحداث، على رغم دمويتها، لا تقارن بتلك التي وقعت ابان موجة العنف الطائفي بين 2006 و2008. وقتل 49 عنصراً امنياً على الاقل في الايام الاربعة الاخيرة في نحو 18 هجوماً، كما اصيب العشرات في هجمات استهدفت دوريات او نقاط تفتيش للشرطة او الجيش او قوات «الصحوة» التي تقاتل تنظيم «القاعدة». وحاول مسلحون اختراق سجن في منطقة التاجي شمال بغداد الاربعاء، وسبق ذلك بيوم واحد هجوم مماثل استهدف مديرية الجرائم الكبرى في وسط بغداد، وأعلنت وزارة الداخلية انه كان يستهدف تهريب سجناء في التنظيم. وأفادت قناة «العراقية» شبه الحكومية في خبر عاجل السبت ان «القائد العام للقوات المسلحة يعفي الضباط المقصرين في حادث الاعتداء الارهابي على مديرية مكافحة الارهاب من مناصبهم ويوجه بسحب ايديهم من مهامهم واحالتهم على القضاء». وعلى رغم الخسائر التي سببتها هذه الهجمات، يروي عناصر في الشرطة وجنود يتمركزون في بغداد انهم عاشوا اياماً اكثر سوءاً. وأكد شرطي كان يتولى حماية مبنى دائرة النفوس في الكرادة في منطقة كراج الامانة (وسط) ان «هجمات مركزة شنت على قوات الامن في الايام الاخيرة». وتابع الشرطي الذي بدأ عمله قبل سبع سنوات «لا خوف لدينا لاننا عشنا اياماً اصعب في اعوام 2004 و2005 و2006 التي كان العنف خلالها اكبر والهجمات اكثر بثمانين في المئة». وأضاف وهو يقف مرتدياً ملابسه الداخلية فقط عند مدخل غرفة صغيرة خلف جدران اسمنتية مغطاة بقطع من الخشب ويحجبها عن الشارع والشمس بطانية نوم ان «الاوضاع الامنية الآن افضل بكثير مما كانت في الاعوام الماضية التي لم نكن نستطيع خلالها التجوال بالزي العسكري ابداً». وكان الشرطي وثلاثة من رفاقه المسؤولين عن حماية المبنى يجلسون داخل غرفة شبه مظلمة معزولين تماماً عما يحدث في الخارج حيث لم يكن هناك سوى علم عراقي مثبت على عمود بسيط. كما اعتبر شرطي آخر (33 سنة) رفض كشف اسمه ان «الاوضاع الامنية الان افضل بكثير مما كانت عليه عام 2007 مثلاً». وأضاف ان «الارهابيين يحاولون احداث ثغرات في قوات الامن لانها وجهت إليهم ضربات قوية عبر اعتقال الكثير منهم واستطاعت كسر شوكتهم في الفترة الاخيرة». وأكد وهو يضع منديلاً على رأسه ليقيه حر الصيف ان «لا خوف لدينا ونحن اقوى منهم». قال العريف في الجيش احمد حسين (30 سنة) عند نقطة تفتيش في ساحة الطيران (وسط بغداد)، ان «الهدف وراء ضرب قوات الامن هو استهداف البلاد التي طالما عانت اعمال العنف الطائفي والتهجير». وأضاف العريف الذي يخدم في مناطق متفرقة في بغداد ان «الارهابيين يستغلون الفرص مع هدوء واستقرار الاوضاع» الامنية النسبي. ورفض احد عناصر الشرطة الحديث في ما كان يتولى حراسة مدخل الطريق المؤدي الى مديرية الجرائم الكبرى، حيث قطعت الطريق باطارات قديمة وكراسٍ بلاستيكية وطاولة صغيرة واسلاك شائكة واثاث مستهلك. ولم يكن هناك سوى شرطيين يحمل واحد منهما فقط بندقية لحراسة هذا المدخل. في غضون ذلك، جلس رفيق لهما على بعد اقل من مئة متر داخل موقع مراقبة مكيف هرباً من حرارة الصيف الحارقة، بين جدران اسمنية يراقب ما يحدث. وجاءت الهجمات الاخيرة بعد دعوة تنظيم «دولة العراق الاسلامية»، الفرع العراقي لتنظيم «القاعدة»، الشهر الماضي «شباب المسلمين» للتوجه الى العراق بالتزامن مع «بدء عودة» التنظيم الى مناطق سبق ان غادرها، معلناً خطة تهدف الى اطلاق سراح معتقلين اطلق عليها اسم «هدم الاسوار». وقال المحلل الامني البريطاني الخبير في شؤون العراق جون دارك: «ربما يكون الهدف من التركيز على قوات الامن هو جعلهم يبدون ضعفاء في عيون العراقيين». وأضاف: «عندما يرى الناس ان الشرطة لا تستطيع حمايتهم سيتجهون الى جماعات اخرى لطلب المساعدة، مثل الميليشيا الشيعية او تنظيم القاعدة في بعض المناطق السنية».