من القيادة بسرعة جنونية إلى الاستهتار بالمشاة والدراجين، ومن غياب الانضباط المروري إلى استمراء استخدام الجوال أثناء القيادة، يفصح البعض عن استهتار متواصل بأنظمة المرور، وعدم إدراك لخطورة ذلك عليه وعلينا! ليس من الجديد القول إن هناك فجوات في ثقافة السواقة لدينا، وعدم إدراك الكثيرين لخطورة ما لا يلتزم به! قد تكون هناك أسباب اجتماعية واقتصادية لذلك، سواء من توفير السيارات بسهولة، وبالذات الرياضية منها، وعادة السواقة في عمر مبكر، أو عدم التزام السائقين الشباب بالأنظمة، لأنهم يعتقدونها أنها مقيدة لهمَ مثل ربط حزام الحزام، أو تجاوز السيارات وعدم إعطاء الأولوية. من المهم أن نعيد تفعيل ما نجحنا فيه سابقاً، من تعزيز الثقافة المرورية، ورفع الوعي المجتمعي، مثل البرنامج التلفزيوني الخليجي للتوعية المرورية "قف"، الذي بث في محطات تلفزيون الخليج العربي قبل أربعين عاماً، شريطة أن تكون متوافقة مع متغيرات العصر الحاضر من اجتماعية وتقنية، مع تعزيز دور المؤثرين في نشر ثقافة القيادة المسؤولة، ناهيك تكثيف معلومات وأهمية وتطبيقات السلامة المرورية في المناهج الدراسية. غير أن الأهم هو ضرورة تشديد الأنظمة وتطبيقها بصرامة، مع فرض غرامات مرتفعة على المخالفات الخطرة، مثل قطع إشارة المرور، والتجاوز الخطر، وهذا يشمل تكثيف رقابة الكاميرات الذكية في أهم المحاور والطرق. وقد يساعد تبني مفهوم تسجيل نقاط المخالفات لمن يحمل رخصة السواقة، ذلك أن تفعيل النقاط التي تؤدي إلى سحب الرخصة عند تكرار المخالفات، سوف يمنع الكثيرين من المخالفة، ويقودهم نحو الالتزام الصارم، وتكثيف الرقابة باستخدام الكاميرات الذكية والدوريات المتنقلة. الرائع أن المستقبل يحمل تطوراً هائلاً في تطبيقات التقنية لتحسين السلامة، مثل انتشار استخدام المركبات ذات أنظمة الأمان المتقدمة مثل الفرامل التلقائية والتحذيرات الذكية، وتطوير تطبيقات تساعد السائقين على تحسين سلوكهم، مثل تطبيقات تحد من استخدام الهاتف أثناء القيادة، واستغلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومن ذلك تطوير أنظمة ذكية للمخالفات تربط بين المركبة والهاتف المحمول. ورغم أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتقنا نحن السائقين أنفسنا، إلا أن تحسين ثقافة السواقة يحتاج لجهد مشترك بين الجهات المنظمة وأفراد المجتمع، والجهات ذات العلاقة، وهو ليس ترفاً، بل ضرورياً للحد من الحوادث وحماية الأرواح.