ينحصر إيقاع العالم عموماً بلندن بدءاً من اليوم وحتى 12 آب (أغسطس) المقبل، حيث مسرح ألعاب الأولمبياد الصيفي ال30. دورة تجعل من العاصمة البريطانية «مدينة العالم» محتضنة 10490 رياضية ورياضياً من 204 بلدان يتبارون على 302 ميداليتين في 26 لعبة، ويخضعون ل5 آلاف فحص للكشف عن المنشطات. اليوم تفتتح الملكة إليزابيت الثانية، التي إحتفت بلادها أخيراً بيوبيلها الماسي على العرش، الألعاب في حضور معظم أفراد العائلة المالكة وحوالى 120 رئيس دولة وحكومة. وستقرع أجراس ساعة بيغ بن 42 مرة في غضون 3 دقائق إحتفاء باليوم الأول للدورة، وذلك للمرة الأولى منذ مأتم الملك جورج السادس، والد إليزابيت، عام 1952. وستنضم إلى أجراس بيغ بن آلاف الأجراس عبر بريطانيا. وأطلق مبتكر هذه التظاهرة الصوتية الموسيقار مارتن غرين عليها تسمية «العمل رقم 1197». كما تبدأ حفلة الإفتتاح (التاسعة مساء بالتوقيت المحلي) بصوت جرس يزن 27 طناً، وهو الأضخم في العالم. أما مخرج الحفلة السينمائي الشهير داني بويل فإعتبر أن المناسبة المتنوعة الفصول واللوحات «لن تكون حفلة موسيقية لأن النجوم الحقيقيين هم الرياضيون، وستلعب الموسيقى دوراً رئيساً». الأولمبياد في لندن للمرة الثالثة بعد عامي 1908 و1948. وقد كرّست المرة الأولى إعتماد قواعد المنافسات وظهرت أولى النتائج الفنية المتقدمة، وذاع صيت مقولة المشاركة أهم من الفوز التي إتخذها البارون الفرنسي بيار دو كوبرتان، محيي الألعاب الأولمبية الحديثة، شعاراً. وكانت وردت في عظة لأسقف بنسلفانيا. ومثلت المنافسات في المرة الثانية النهوض من أنقاض الحرب العالمية الثانية وويلاتها. وها هي «النسخة اللندنية الثالثة» تنطلق حيث إبتكرت الرياضة الحديثة وسط تحديات إقتصادية كبيرة يعيشها العالم وأوروبا خصوصاً، فضلاً عن تجاوز هاجسي الأمن والطقس إذ يخشى أن تكون أمسية الإفتتاح ماطرة. وتسعى العاصمة البريطانية إلى كسب الرهان، علماً أن الدورة التي يؤمل أن تنعش الاقتصاد وتؤدي إلى نمو تصاعدي في السنوات المقبلة، تجاوزت تكاليفها بما فيها إستثمارات تأهيل شرق لندن، 11،6 بليون يورو، أي نحو 4 أضعاف الكلفة التقديرية عند إختيار لندن للإستضافة عام 2005، وإعتبرت حينذاك ترشيدية بامتياز. ومن ضمن هذا الرقم كلفة أمنية كبيرة تتجاوز بليون يورو تراعي المتطلبات الراهنة، وعلى حدّ تعبير رئيس الوزراء ديفيد كامرون «الهم الرئيس هو إقامة ألعاب آمنة»، علماً أن المنظمين يفاخرون بتوفيرهم 563 بليون يورو. وسيسجّل أن «لندن 2012» هي الدورة الأولى التي تتضمن منافسات للسيدات في الألعاب كلها، وقد إرتفعت فيها نسبة مشاركة المرأة إلى 48 في المئة مقارنة ب44 في المئة في «بكين 2008». وأكد رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الدكتور جاك روغ في إفتتاح أعمال دورة الجمعية العمومية ال124 على ملاءة اللجنة الدولية من خلال وضع مالي «راسخ وسليم» بفضل تسويق حقوق النقل التلفزيوني للألعاب التي ستتجاوز 4 بلايين دولار في «العقد الأولمبي» المقبل، ما جعل الاحتياط الصافي يرتفع من 105 ملايين دولاتر إلى 558 مليوناً. وفي موازاة ذلك، لا تزال مسألة مراقبة كلفة الألعاب وتعقيدها تتطلب إجراءات عملية للحدّ من النفقات كما يشدد روغ، إذ يعتبرها من أولويات اللجنة الدولية على غرار مكافحة المنشطات والمراهنات غير القانونية. وسيسلّم روغ مقاليد السلطة في أيلول (سبتمبر) 2013، بعدما واكب رئيساً منذ عام 2001 ست دورات أولمبية صيفية وشتوية. ينشغل العالم حتى 12 آب بالأرقام القياسية المرتقبة وصراع الولاياتالمتحدة والصين على الصدارة بعد تفوّق «التنين الأصفر» في الدورتين السابقتين، وإن كانت آماله «متواضعة» هذه المرة. ومنذ دورة «أثينا 1896» حصدت الولاياتالمتحدة 2296 ميدالية بينها 929 ذهبية، يليها الاتحاد السوفياتي السابق (1010) ثم وريثته روسيا (317). وتتطلّع بريطانيا رابعة «بكين 2008» إلى المحافظة على الأقل على هذا الموقع. والموعد الأبرز في الألعاب، الأحد 5 آب تاريخ نهائي سباق ال100م للرجال إذ يترقّب العالم ما سيفعله «البرق» الجامايكي أوساين بولت حامل اللقب والرقم القياسي العالمي. وتوافرت للمناسبة 40 الف تذكرة في مقابل مليون طلب لشرائها. أما العرب، الذين حصدوا منذ دورة «أمستردام 1928» 82 ميدالية (21 ذهبية) أي 1،2 ميدالية في الدورة الواحدة، فيمنون النفس في شهر رمضان ب»ربيع أولمبي» يزيد من غلتهم وإن كانت التوقعات الفنية عادية عموماً. وما يحسب لأبطالهم وبطلاتهم أن نسبة كبيرة منهم تأهلت عن جدارة للمنافسات وهو عنوان تطور بارز في المستوى. ولن تغيب المرأة عن أي من بعثاتهم وبعضها مثل لبنان والمغرب والبحرين وقطر ستتقدمها رياضية حاملة علم بلادها في طابور العرض العام اليوم. كما سجلت أمس نقلة نوعية إدارية تمثلت بإنتخاب المغربية نوال المتوكل، أول رياضية عربية وأفريقية تحصد ذهبية في الألعاب (سباق ال400م حواجز في لوس أنجليس 1984) نائباً لرئيس اللجنة الأولمبية الدولية.