على رغم ارتفاع بعض السلع الرمضانية وندرة بعضها في عدد من المجمعات الغذائية وتلكؤ بعض أرباب المنازل في الخروج وقت الظهيرة بسبب حرارة الشمس لهذا العام في الشهر الفضيل، بدأت الأطباق الرمضانية تنطلق بين البيوت في أحياء الأحساء، إذ يعتبر تبادل الأطباق الرمضانية بين الجيران من العادات الشعبية القديمة التي كانت مزدهرة في الماضي داخل الأحياء والبلدات، ولا تزال العائلات الأحسائية محافظة على تلك التقاليد المتوارثة منذ زمن بعيد خلال شهر رمضان، على رغم اندثارها في المدن، وهذه العادات الشعبية تعزز روح التضامن الاجتماعي بين أفراد المجتمع كافة. وتروي أم مصطفى أن البيوت الأحسائية تشهد على مدار أيام شهر رمضان المبارك السهرات العائلية، التي يتم خلالها تبادل الأطعمة، خصوصاً الأكلات الشعبية، وتفنن النساء في صنع الجديد من الأطباق الرمضانية خصوصاً الحلويات، وهناك عدد من ربات البيوت يقمن بإعداد الأطباق منذ وقت باكر ليتسنى لهن توزيعها على الأقارب والجيران، وتكون غالباً من الأكلات التي يشتهر بها المطبخ الأحسائي في الشهر الفضيل، ولا بد أن تخرج أطباق الطعام بمظهر مغرٍ وشهي، لأنها تعكس حرص صاحبة المنزل على جودة الطبخ، ويتم التوزيع قبل أذان المغرب بدقائق قليلة، لافتة إلى أن الأطفال هم من كانوا يقومون بتوزيع الأطباق على الجيران في الماضي، إلا أن أطفالها يتهربون الآن من هذه المهمة. ويقول حسن الصايغ إن «المجتمع الأحسائي يحرص على هذه العادة سنوياً منذ أول أيام الشهر الفضيل، طلباً للأجر والثواب، وإزكاء لصفة التراحم التي حث عليها ديننا الحنيف في ظل أجواء رمضانية، فيتبادل الأهل والجيران أصنافاً متنوعة من الأطعمة، لاسيما تلك الأكلات المتصلة بالتراث الشعبي السعودي بشكل عام والأحسائي بشكل خاص، ويأتي في مقدم تلك الأكلات: الهريس واللقيمات والسمبوسة والجريش والرز الحساوي وغيرها». وتقول الحاجة أم عبدالله: «إن هذه العادات الشعبية التي تتوارثها الأحساء من جيل إلى جيل، لها نكهتها الخاصة بين عائلات الحي، إذ يقوم الأطفال بإيصالها لتبادل هذه الأطباق والمأكولات الشعبية بين الأهل والجيران، ولكن الأطباق مختلفة بحسب نشاط الأسرة، فهناك البلاليط وخبز الرقاق والخبيص واللقيمات، وغيرها من المأكولات من باب المشاركة المعنوية والاجتماعية». مؤكدة أن تلك العادة عند بعض الأحياء وعدد من العائلات لم تقتصر على شهر رمضان فقط، بل كانت طوال العام، ومع ازدياد مستوى معيشة الأسر تضاءلت هذه العادة، وأصبحت مقتصرة على شهر رمضان المبارك فقط؛ رغبة من الأهالي في الأجر والثواب المضاعف.