بروكسيل، أثينا - أ ف ب - تواجه أوروبا مجدداً هذا الأسبوع ضغوطاً شديدة، وتجد نفسها مرغمة على إنجاح قمتها المقررة الخميس والجمعة المقبلين في بروكسيل، لتجنب عقوبات المضاربين واستياء بقية العالم. ويُعدّ اجتماع رؤساء دول وحكومات الدول ال27 الأعضاء «حاسماً»، فيما اعتبرته «فايننشال تايمز» «الأهم حتى الآن»، مؤكدة أن الضغط المُمارس على القادة الأوروبيين للتحرك «أكبر من أي وقت مضى»، ولا يأتي فقط من الأسواق بل أيضاً من مجموعة العشرين وصندوق النقد. وحذّر رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي، من «ازدياد الاستياء الشعبي من أوروبا»، في حال لم تبرز أي خطة تتمتع بصدقية للخروج من الأزمة. ونبّه إلى «أخطار المضاربات التي تزداد في شأن وضع بعض الدول». الموقف الألماني وعلى عكس رأي معظم الخبراء والمراقبين السياسيين والاقتصاديين الذين سجلوا أخيراً تراجعاً ملموساً في نهج المستشارة الألمانية أنغيلا مركل المتشدد إزاء أزمة الديون في منطقة اليورو، وفرضها شروطاً شديدة من التقشف على الدول المتعثرة إلى حدّ الاختناق، خرجت صحيفة «فيلت أم زونتاغ» الأسبوعية الألمانية بعنوان رئيس في عددها الصادر أمس يؤكد أن نهج مركل «فرض نفسه في أوروبا». وفي تلميح إلى القمة الرباعية، التي عقدت في روما الخميس الماضي، لاحظت الصحيفة أن مركل «تمكنت من فرض مفهومها لمعاهدة النمو التي اتُفق عليها، والمتمثل في إجراء إصلاحات قاسية في البنيتين الاقتصادية والاجتماعية في الدول المعنية بدلاً من تمويل النمو بواسطة ديون جديدة». وأوضحت أن نص المعاهدة التي حصلت على نسخة منها، يلزم الدول ال27 في الاتحاد الأوروبي، ب «ممارسة الضغط الجماعي» على الأعضاء الضعفاء فيه، لتنفيذ إصلاحات بنيوية وتقوية أداء إدارات الدولة والقضاء، خصوصاً في مسائل جمع الضرائب وملاحقة الممتنعين عن دفعها «بهدف فتح أبواب النمو الذاتي». ورأت الصحيفة أن هذه هي «مطالب مؤيدي ضبط حازم لموازنة الدولة»، لكن اعترفت في المقابل بأن مشروع معاهدة النمو المتفق عليها في قمة روما «لم يشر بوضوح إلى مصادر ال130 بليون يورو المخصصة لتمويل النمو». واكتفت بالقول إن رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي، أكد في مقابلة أجرتها معه حول القمة الأوروبية التي ستعقد هذا الأسبوع، أن المبلغ المخصص «لن يمول بديون جديدة»، من دون أن يحدد كيفية التمويل. واعترف بأن الإصلاحات المطلوبة من الدول المتعثرة «تسير في شكل بطيء، ولا بد من تغيير هذا النهج مستقبلاً». ودعا إلى إعطاء بروكسيل «صلاحيات أوسع لفرض قرارات غير شعبية تتخذها دول الاتحاد». وبعدما أعلن أنه سيطرح على القمة اقتراحات في هذا الصدد، أكد أن أوروبا «لا تحتاج إلى تلقي نصائح واقتراحات على أن يتصرف كل واحد كما يريد، بل إلى أن تكون ملزمة لها». ورأى أن المطلوب أيضاً «الحصول على حقوق التدخل في مسائل الموازنات العامة والأنظمة الاجتماعية، ما يعني الدخول في مرحلة جديدة من الوحدة الأوروبية». وأوضحت الصحيفة الألمانية أنها حصلت أيضاً على نسخة من رسالة وجهها 50 مسؤولاً من كبرى المؤسسات الاقتصادية في أوروبا إلى قادة دول القمة، اعتبروا فيها أن الإجراءات التي ستُبحث لمواجهة أزمة اليورو «غير كافية». وطالب المسؤولون الاقتصاديون الذين يشكلون هيئة «الطاولة المستديرة للصناعيين الأوروبيين»، بوقف فوري لأي توجيه حكومي لم تثبت منفعته المباشرة للنمو. ومن ألمانيا وقع الرسالة رؤساء شركات «سيمنز» بيتر لوشر. إعادة التفاوض على التقشف اليوناني وعشية عقد القمة، أعلنت اليونان أنها تريد «إعادة التفاوض في خطة التقشف التي فرضها الاتحاد الأوروبي». وستشارك أثينا ممثلة بوزير الخارجية ديميتريس إفراموبولوس الذي يترأس الوفد اليوناني يرافقه وزير المال بالوكالة جورج زانياس، وفق ما أعلن ناطق باسم الحكومة اليونانية أمس، نظراً إلى خضوع رئيس الوزراء اليوناني الجديد أنطونيس ساماراس لجراحة في العين، ولن يتمكن من تمثيل اليونان في القمة الأوروبية. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن محللين أن نتيجة المفاوضات الجديدة حول خطة التقشف التي تنوي اليونان إجراءها مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، ستحدد مصير حكومة الوحدة الوطنية الجديدة في أثينا. وحدد التحالف الجديد بقيادة المحافظ أنطونيس ساماراس، أولوية إعادة التفاوض حول خطة التقشف التي أُقرت مقابل مساعدة كبيرة، لكن من دون أن يهدد انتماء اليونان إلى منطقة اليورو. وأوضح أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة اليونان مانوليس أليكساكيس، أن «ليس في اليونان ثقافة حكومة وحدة»، مستبعداً أن «تكون الحكومة مستقرة». في المقابل، أبدى محللون آخرون «تفاؤلاً أكبر» بفرص نجاح الحكومة. إذ لاحظ كاتب الافتتاحية في صحيفة «كاثيميريني» الليبرالية باسخوس ماندرافيليس، أن «التصويت تحول لمصلحة الأحزاب المؤيدة للوحدة الأوروبية، لكن إذا كان يوجد ثمن يتوجب دفعه فهذا يؤدي إلى حكومة أكثر استقراراً». وفي أزمة إسبانيا، يُتوقع أن تقدم الحكومة الإسبانية اليوم رسمياً طلباً لإنقاذ مصارفها التي تحتاج إلى 62 بليون يورو، وهو رقم أدنى مما اقترحته منطقة اليورو المقدر ب100 بليون.