تحبس أوروبا أنفاسها في انتظار نتائج انتخابات اليونان اليوم، وتتهيأ في الوقت ذاته لاحتمال أن يصوّت اليونانيون ضد خطط التقشف وما سينتج منها من تداعيات، أهمها التخلي عن اليورو. وتحسباً للسيناريوات المختلفة، يبحث خبراء منذ مدة سلسلة إجراءات منها تحديد سقف العمليات في أجهزة السحب الآلي في اليونان، وتقييد التحويلات إلى الخارج. وحذر زعيم «الديموقراطية الجديدة» أنطونيس ساماراس الناخبين، من أن الاقتراع يتركز حول «الخيار بين اليورو والعودة إلى الدارخما التي تمثل حلماً مزعجاً». وربما يعيش اليونانيون حقيقة إفلاس البلاد في غضون الأسابيع المقبلة، حيث كشفت مصادر ديبلوماسية أن الخزانة العامة فارغة و «ما يتوافر فيها لا يكفي لتسديد رواتب موظفي القطاع العام والمتقاعدين». وقال ساماراس إن الأمر يتعلق «بوجود اليونانيين كأمة». وأشارت عمليات استطلاع الرأي الأخيرة، إلى احتمال حصول «الديموقراطية الجديدة» على 30 في المئة من أصوات الناخبين، يليها حزب اليسار الراديكالي (سيريزا) بنسبة 25 في المئة تقريباً. ويهدد زعيم سيريزا بتعليق خطة التقشف والتفاهم الجاري مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، والذي حصلت اليونان بمقتضاه على حزمتين من القروض. وبينما يدعو زعيم المحافظين في اليونان، إلى البحث في تحسين شروط تنفيذ خطة التقشف، فإن الزعيم الراديكالي يطالب بمعاودة التفاوض حول الصفقة. وتثير الأزمة السياسية في اليونان مخاوف من أثرها السلبي على العملة الأوروبية وأسعار فائدة الديون السيادية، خصوصاً بالنسبة إلى كل من إسبانيا واليونان والمصارف الأوروبية التي يمكن أن تواجه مزيداً من الصعوبات في تأمين سيولة. وتحسباً للأخطار المحدقة، من المقرر أن يجري وزراء المال في مجموعة اليورو مشاورات ليل الأحد - الاثنين، فور انتهاء الاقتراع في اليونان، تمهيداً للقرارات العاجلة التي ربما تقتضيها نتائج الاقتراع اليوناني، والتحضير أيضاً للمطالب التي ستعلنها الأحزاب اليونانية الفائزة. وهدد زعيم سيريزا اليساري «بوجوب معاودة التفاوض بين اليونان والاتحاد وصندوق النقد الدولي حول الاتفاق المالي (240 بليوناً) «لأنه أصبح لاغياً». وتتهيأ المصارف المركزية الأميركية والأوروبية واليابانية، للتدخل في حال هبّ الذعر في أسواق المال. ووجد بعض دول منطقة اليورو صعوبات في التزود بالسيولة. وأكد رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، الاستعداد «للاضطلاع بدور حاسم». وأجرى قادة ألمانيا وإيطاليا وفرنسا مؤتمراً من طريق الفيديو نظمه رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي. وأكد رئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكير، ضرورة «التسلح تحسباً لأي احتمال». وتحدثت مصادر مطلعة في بروكسيل عن سيناريوات يعدها الخبراء منذ أيام، تحسباً لاحتمال فوز مناهضي العملة الأوروبية في اليونان. وتحتد الأزمة في وقت تشهد العلاقات بين فرنساوألمانيا توتراً واختلافاً حول مقاربة حل أزمة الديون السيادية وصعوبات النظام المصرفي والركود. وشددت المستشارة الألمانية انغيلا مركل قبل نهاية الأسبوع، على وجوب «التمسك بخطة التقشف وتنفيذها بالكامل للخروج من الأزمة». وأكدت في اتجاه الرأي العام الأوروبي، أن «لإمكانات ألمانيا حدودها، ولا يمكنها تقديم مساعدات إلى ما لا نهاية». وتراقب فرنسا جارتيها، إسبانيا وإيطاليا، وتعي أن وضع الخزانة الفرنسية ربما يدفعها أيضاً إلى طلب مساعدة الاتحاد. وتختلف مقاربة الرئيس فرانسوا هولاند عن وجهة نظر مركل في وسائل تنشيط النمو في المرحلة الراهنة. وستبحث القمة الأوروبية المقبلة في 28 و29 الجاري وسائل استعادة النمو. وتقترح فرنسا «خطة النمو في أوروبا»، حيث تتركز حول زيادة الاستثمار في المشاريع الكبرى وزيادة رأس مال البنك الأوروبي للاستثمار ومواصلة تنفيذ خطة خفض العجز العام، وتعزيز الاتحاد النقدي. وبينما يرشح الرئيس الفرنسي البنك المركزي الأوروبي للاضطلاع بدور مراقبة المصارف، تفضل ألمانيا مدعومة من المفوضية الأوروبية، تعزيز سلطة «هيئة مراقبة البنوك». كما تعترض المستشارة على اقتراح إصدار «سندات أوروبية» مشتركة، لتخفيف عبء الديون السياسية على كل من الدول الأعضاء منفردة. ويمكن أن تتغير المقاربات وفق نتائج الاقتراع في اليونان. ... وتحذّر اليونان عشية الانتخابات من التخلي عن اليورو فيينا، أثينا – رويترز، أ ف ب - حذّر رئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر، اليونانيين من «إعطاء ظهورهم لليورو». واعتبر في مقابلة صحافية مع صحيفة «كوريير» النمسوية، أن فوز يساريين راديكاليين يعارضون خطة الإنقاذ في انتخابات اليوم «ستكون له تداعيات لا يمكن التنبؤ بها» بالنسبة إلى الوحدة النقدية. ويخوض حزب ائتلاف اليسار الراديكالي (سيريزا) منافسة شرسة مع الحزب الديموقراطي الجديد المحافظ، في الانتخابات التي قد تقرر بقاء اليونان في منطقة اليورو. ويهدد زعيم ائتلاف اليسار أليكسس تسيبراس، برفض شروط برنامج إنقاذ بقيمة 130 بليون يورو (164.15 بليون دولار) يحول دون إفلاس اليونان. وقال يونكر، «لا يمكن التنبؤ» بالعواقب بالنسبة إلى الوحدة النقدية، «في حال فاز اليسار الراديكالي، وعلينا التحدث مع أي حكومة». وحذّر من «مغادرة الوحدة النقدية». وأشار إلى أن «تداعيات الخروج من العملة الاقتصادية والاجتماعية لن يقتصر على اليونان نفسها، بل يمكن أن يضرّ الاتحاد النقدي». إلى ذلك، اتهم رئيس الوزراء الاشتراكي اليوناني السابق جورج باباندريو الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، ب «تعطيل مشروعه لإجراء استفتاء حول خطة التقشف، ما أدى إلى الأزمة السياسية في اليونان. وأعلن باباندريو، خلال مقابلة في برنامج على شبكة «سوبر بي» في باتراس، أن «الشركاء الأوروبيين لليونان والمستشارة الألمانية انغيلا مركل شخصياً «وافقوا» على هذا المشروع في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، «لكن حصل رد فعل من الرئيس ساركوزي أدى إلى نسف المشروع في نظر الشعب اليوناني». وأوضح أن «العرقلة الفرنسية ظهرت في قمة أوروبية مصغرة حول الأزمة في مدينة كان في الثاني من تشرين الثاني».