لم تمنح اسواق المال الحكومة الاسبانية الجديدة أمس فرصة، فهي لا تزال متشائمة من منطقة اليورو التي تبحث عن منقذ يحول دون تدهور الوضع. وحددت الاسواق ذلك المنقذ منذ زمن طويل في شخص ماريو دراغي، رئيس البنك المركزي الاوروبي، المؤسسة الوحيدة القادرة، حسب راي المتعاملين، إلى جانب بعض حكومات منطقة اليورو، على انقاذ العملة الموحدة. وأعلن وزير المال البولندي ياتشك روتوفسكي في مقابلة نشرتها أمس صحيفة «فرانكفورتر»: «اننا امام خيار رهيب، وفي ترتيب الامور المروعة الخيار هو التالي: إما تدخل مكثف من البنك المركزي أو الكارثة». وقال الوزير الذي توقع في ايلول (سبتمبر) نزاعاً مسلحاً في اوروبا اذا أدت ازمة اليورو الى تشتت الاتحاد الاوروبي، إنه «غير مطمئن أكثر مما كنت قبل شهرين». وحذر من «أخطار كارثة اقتصادية تاريخية قد تؤدي كأزمة انكماش الثلاثينات الكبيرة، الى الزج بأوروبا في الحرب». وفي هذا السياق لم يغير فوز اليمين في اسبانيا نهاية الاسبوع شيئاً. واستمرت البورصات الاوروبية في الانخفاض فيما تظل اسواق السندات متوترة في اجواء من الريبة لانعدام حل على الامد القصير. ولا يزال البنك المركزي الاوروبي يرفض القيام بدور آخر المقرضين للدول الاوروبية عبر شراء بلا حدود للسندات السيادية وفي السوق الثانوية حيث تتم اصلاً مبادلة السندات الصادرة سابقاً. البورصات وخسرت بورصة فرانكفورت اكثر من 2.5 في المئة قبل الظهر وبورصتا باريس ومدريد 2.7 في المئة على رغم فوز «الحزب الشعبي» (يمين) الذي سيشكل زعيمه ماريانو راخوي حكومة مدريدالجديدة، وحصل الحزب على الغالبية المطلقة مكبداً خصمه الاشتراكي افدح خسارة منذ عودة اسبانيا الى الديموقراطية. وفي سوق قروض الدولة ارتفعت مجدداً النسب الاسبانية لمدة عشر سنوات وبلغت قبل الظهر نحو 6.5 في المئة في مقابل 6.3 في المئة الجمعة. وفي ايطاليا التي كانت موضع قلق الاسواق الاسبوع الماضي، ظلت نسب العشر سنوات مرتفعة فوق 6.6 في المئة، وتراجعت بورصة ميلانو قبل الظهر بنسبة 2.6 في المئة. وتلقت بورصة باريس تحذيراً من وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني التي اعتبرت صباحاً ان ارتفاع نسب الاصول الفرنسية وآفاق النمو الاقتصادي السلبية قد تكون لها عواقب سلبية على تصنيف ديون البلاد. وخسرت بورصة اثينا أكثر من ثلاثة في المئة في انتظار نتائج اللقاء الذي كان متوقعاً في وقت لاحق أمس في بروكسيل بين رئيس الحكومة اليوناني الجديد لوكاس باباديموس ومسؤولين اوروبيين. وتنتظر اليونان من شركائها ان يمنحوها مساعدة حيوية بثمانية بلايين يورو بحلول منتصف كانون الاول (ديسمبر)، لكن وزراء مال منطقة اليورو طالبوا الحكومة اليونانية بضمانات خطية حول تطبيق اجراءات التقشف والاصلاحات الهيكلية قبل دفع هذه المساعدة لكن انطونيس ساماراس، زعيم حزب «الديموقراطية الجديدة» المحافظ المشارك في الائتلاف الحكومي اليوناني جدّد السبت معارضته تقديم هذه الضمانات كتابياً. السندات المشتركة بالتالي باتت السندات الاوروبية التي تريد المفوضية الاوروبية اقتراحها هذا الاسبوع في نظر البعض، بمثابة حل ممكن للأزمة لكن المستشارة الالمانية أنغيلا مركل بددت تلك الآمال صباح أمس. وقال ناطق باسم برلين ان الاصول الاوروبية ليست «البلسم السحري»، وذلك على رغم ان المفوضية الاوروبية اعتبرت في «كتاب اخضر» ان تقاسم القروض العامة لبلدان منطقة اليورو قد «يخفف سريعاً» من حدة الازمة الحالية. ولم ينفرد الاوروبيون بالتخبط في أزمة الديون. ففي الولاياتالمتحدة يبدو ان «اللجنة الكبيرة» في الكونغرس المكلف جمع 1200 بليون دولار من التقشف، ماضية نحو الاخفاق مع اقتراب انتهاء المهلة الممنوحة لها غداً، والتي إذا لم يتحقق اتفاق قبل نفادها، ستبدأ آلية تلقائية لحسم النفقات. وتوقعت صحيفة «واشنطن بوست» ان تتسبب الخلافات بين الديموقراطيين والجمهوريين في فشل تلك المفاوضات.