عندما يطول السبات تكون اليقظة حلماً يداعب الجفون... وعندما يستأسد الصمت يكون النطق أمنية تهز عروش الألسنة. هكذا حالنا... طال صمتنا، وتغير سمتنا... أصبحنا نرى الخطأ ولا نعاقبه إلا بنظرة خاطفة... ونعايش الفساد وكأنه أخذ جنسيتنا... وأضحى من بني جلدتنا... هكذا هي أنقاضنا. وبين هذه الأنقاض، وفي معمعة السبات، استيقظ برنامج صاحي «يطبعون»... استيقظ ليتحدث عندما يصمت الجميع. وقابل الناس حديثه بفرحة واستبشار. لا لشيء... إلا لأنه لامس همومهم، وأظهر جروح المجتمع، وثغرات اللوائح والأنظمة والقوانين. صمت الكتّاب خوفاً من مقص الرقيب، فتكلم «صاحي». أغمضت القنوات أعينها خوفاً من محاسبة الرقابة، فأبصر «صاحي». تحدث عن قضايا الناس، وعن همومهم، وعن معاناتهم بتجرد. خاطب المواطن بلهجة يفهمها. بعيداً من الخطابات المطولة والعرائض المئولة. تحدث بصراحة، وعلق بحيادية، وأدخل السخرية الناقدة التي نفتقدها كثيراً في خطاباتنا المطالبة بعلاج الهموم والهواجس. حاول أن يصور الحياة بلا رسميات، ولا طوابير انتظار، ولا مواعيد مسبقة. فلكي تطرح مشكلة، أو تتحدث عن قضية في مجتمعنا، لابد أن تحصل على إذن حتى ولو على أقل تقدير من رقيبك الذاتي. «صاحي» ألغى كل هذه القيود. وحررنا من الأغلال التي كانت تلتف حول ألسنتنا عند الحديث عن مشكلاتنا. «صاحي» أصبح لسان المجتمع الناطق وعينهم البصيرة... وبعد هذا كله. تبقّى شيءٌ واحد وسؤالٌ يلجلج في أعماقي... من المسؤول الشجاع الذي سيخرج ويغير ويحل قضية، ويقول تفاعلاً وتجاوباً مع «صاحي»؟ أعتقد أنه لا أحد يجرؤ، وكم أتمنى أن أكون مخطئاً. إنني وبهذه الكلمات لا أروج لعمل، بقدر ما أصفق لمجهود فئة من أبناء الوطن، قطعوا رحم الصمت وصاهروا الحقيقة. نادوا وطنهم، ناشدوا قادتهم، ونحن في وطنٍ حي يسمع ويرى. hazem_algarni@