تباينت التقويمات في شأن مدي صحة الخلافات في التيار الأصولي الحاكم في إيران، وحقيقة الخلاف بين «الجبهة المتحدة للأصوليين» المعارضة للحكومة، و «جبهة استقامة الثورة الاسلامية» القريبة منها، اذ ان نتائج الدورة الثانية من الانتخابات النيابية، والتي نُظمت الجمعة الماضي، أتاحت مجدداً لكل جانب التباهي بانتصارات انتخابية حققها في هذه المدينة أو تلك. وأفاد موقع «رجا نيوز» القريب من «جبهة استقامة الثورة الاسلامية» المقربة من رجل الدين محمد تقي مصباح يزدي، بحصول أعضاء الجبهة علي 16 مقعداً من اصل 30 في طهران، معتبراً أن ذلك «يؤشر الي دلالات واضحة لا يمكن نكرانها». في المقابل، أكد موقع «جهان نيوز» المقرّب من «الجبهة المتحدة للأصوليين» أن الانتخابات عكست «فوزاً قاطعاً لخطاب الوحدة»، مشيراً الي نيل الجبهة 11 مقعداً خاصاً بها، بين 25 مقعداً شهدت تنافساً في العاصمة، في مقابل 8 مقاعد لمرشحي «جبهة استقامة الثورة الاسلامية»، مع وجود أسماء مشتركة بين القائمتين فازت في الجولة الثانية. وستهيمن الجبهتان على البرلمان الجديد، مع نيل «الجبهة الموحدة للأصوليين» 65 مقعداً، و25 مقعداً ل «جبهة استقامة الثورة الإسلامية»، إضافة إلى 61 مقعداً لنواب ترشحوا عن الكتلتين. وانتُخب 98 نائباً بوصفهم «مستقلين»، لكن 10 منهم على الأقل محافظون. وكتبت صحيفتا «دنيا الاقتصاد» و «اعتماد» الاقتصاديتان: «لم تحصل أي مجموعة محافظة على الغالبية، لكن جميع الكتل المحافظة تنادي بالفوز». وبرزت ظاهرة لافتة في الانتخابات، اعتُبرت سابقة، تمثلت في امتناع الناخبين الذين كانوا غالباً من أنصار التيار الأصولي، عن الالتزام بالقوائم الانتخابية وبدعوات رجال دين بارزين، لانتخاب هذه القائمة أو تلك، ما حدا بأصوليين الي الاستفادة من هذه التجربة، اضافة الي ابتعاد الناخبين عن الشخصيات والأحزاب التقليدية، مثل «حزب المؤتلفة الاسلامي» الذي لم يفز أمينه العام نبي الله حبيبي ومساعده في الانتخابات، علي رغم وجودهما علي قائمة «الجبهة المتحدة للأصوليين»، في وقت اتجه الناخبون الي قائمة «صوت الشعب»، وانتخبوا اثنين من خمسة أسماء فقط كانت تضمها، بينهما النائب المحافظ البارز علي مطهري، فيما فشل 200 نائب من البرلمان المنتهية ولايته، في الترشح أو الفوز في هذه الاقتراع. الانتخابات وخطة رفع الدعم ويعتقد مهتمون بالشأن الانتخابي في ايران، بأن نتائج الانتخابات النيابية لن تؤثر في الحكومة، بمعني أنها لن تساعد الرئيس محمود أحمدي نجاد في تنفيذ برامجه الحكومية، كما لا تستطيع ان تحول دون تنفيذ تلك البرامج، مهما كانت قريبة او بعيدة من توجهات النواب في مجلس الشورى (البرلمان) الجديد، وذلك بسبب قرب انتهاء ولاية نجاد وانشغال البرلمان بمناقشة الموازنة السنوية المُرّحلة من نهاية السنة الإيرانية الماضية. وستنتهي ولاية البرلمان الحالي، بنهاية مناقشة الموازنة، اذ يستعد البرلمان الجديد للانعقاد، وسينشغل بتشكيل اللجان الفرعية، ما لن يشكّل عبئاً علي نجاد وحكومته التي تعيش مرحلتها الأخيرة، خصوصاً ان البرلمان الحالي يتجه للطلب من الحكومة تعليق تنفيذ المرحلة الثانية من برنامج رفع الدعم عن سلع أساسية، بسبب مناشدات مرجعيات دينية واجتماعية لمعالجة ظاهرة التضخم وزيادة البطالة، اذ تعتقد بأن هذا البرنامج سبّب زيادة المشاكل الاقتصادية للمواطنين، أياً تكن النيات وراء تنفيذه. وأوردت وسائل إعلام إيرانية أن لجنة برلمانية رفضت خطة الحكومة لرفع الدعم عن سلع أساسية، مشيرة الى انها أقرت من البرنامج فقط 560 تريليون ريال (نحو 44 بليون دولار)، أي أقل من نصف المبلغ الذي طلبته الحكومة. والمبلغ الذي يعادل ما أُقرّ عام 2011، يقل 50 بليون دولار عما تريده الحكومة. وأياً تكن النيات والتقويمات، لا شك في وجود خلافات ستنعكس علي انتخابات الرئاسة المقررة العام المقبل، ليس بين الإصلاحيين والمحافظين، بل بين أحزاب أصولية.