دمشق، بيروت - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - خرج الآلاف في دمشق امس السبت لتشييع 9 قتلى سقطوا في التظاهرات التي خرجت أول امس الجمعة تحت شعار «إخلاصنا خلاصنا»، فيما هز العاصمة السورية انفجاران في شارع الثورة ووقع انفجار آخر صباحاً في حي تل الزرازير في حلب استهدف محطة لغسل السيارات. وأعلن عضو في «الجيش السوري الحر» المسؤولية عن الانفجار وقال إن صاحب المحطة متهم باغتصاب امرأة أمام زوجها. وأسفر هذا الانفجار عن سقوط خمسة قتلى. وتأتي هذه التطورات الأمنية في الوقت الذي يحشد النظام السوري إعلامه للترويج للانتخابات التشريعية التي دعا إلى المشاركة فيها غداً الاثنين ووصفها بأنها أول انتخابات «تعددية» في ظل الدستور الجديد الذي ألغى المادة الثامنة السابقة التي كانت تعتبر حزب البعث «قائداً للدولة والمجتمع». لكن المعارضة نددت بما وصفته بأنه «مهزلة انتخابية» وأصرت على مطلبها بإسقاط النظام. ونقلت وكالة «فرانس برس» من حمص انه في الوقت الذي تضيق الجدران في شارع الحضارة ذات الغالبية العلوية باللافتات الانتخابية وصور المرشحين لن يتوجه احد في حي البياضة إلى صناديق الاقتراع، فهذا الحي مقفر تماماً ويحمل كل منزل آثار العمليات العسكرية التي شنها الجيش منذ آذار (مارس) الماضي. ولا يصادف الداخل إلى حي البياضة ذي الغالبية السنية سوى القطط وطيور الحمام التي تنقر ما خلفه السكان خلال فرارهم. ويتنافس في محافظة حمص اكثر من 450 مرشحاً على 23 مقعداً برلمانياً. ونصف هؤلاء يمثلون أحزاباً فيما يخوض النصف الآخر المعركة كمستقلين. وتشكل محافظة حمص قلب سورية الصناعي وتعد 2.3 مليون نسمة يقيم اكثر من مليون منهم في حمص. وعلى غرار العاصمة دمشق، هناك غالبية سنية وأعداد كبيرة من العلويين والمسيحيين. لكن هذا النسيج الطائفي المتعدد تعرض للتمزق مع اندلاع الحركة الاحتجاجية ضد النظام في آذار 2011. ويقر محافظ حمص الضابط المتقاعد غسان عبد العال بأن المشاركة ستكون «ضعيفة جداً في مدينة حمص لأن كثيراً من سكانها غادروها». ويلفت إلى أن «عدداً كبيراً ممن لا يزالون فيها يعيشون في ظروف صعبة، والانتخابات ليست أولوية». وبلغ عدد القتلى في سورية امس 25 توزعوا على حلب وريف حمص وإدلب فيما شهدت بساتين حي برزة والقابون اقتحامات من قوى النظام التي قامت بإغلاق ساحة السبع بحرات في دمشق. وانتشرت الحواجز والآليات العسكرية على الحواجز في حماة وعند مداخلها، بينما تعرضت منازل كفرنبودة في سهل الغاب بمحافظة حماة للقصف بقذائف الهاون. وسبق تظاهرات التشييع انفجاران هزا دمشق صباحاً، وقع الأول في أطراف العاصمة أثناء مرور حافلة عسكرية وأدى إلى إصابة ثلاثة جنود بجروح، ونجم الثاني عن عبوة وضعت تحت سيارة عسكرية في شارع الثورة التجاري الحيوي من دون أن يبلغ عن وقوع ضحايا. وقال ناشطون في تنسيقيات دمشق إن «الآلاف خرجوا في حي كفرسوسة لتشييع الذين سقطوا برصاص الأمن السوري أثناء تظاهرات الجمعة». وأطلقت قوات الأمن النار لتفريق المتظاهرين ما اسفر عن إصابة عدد منهم، واعتقلت عشرات آخرين. وأظهرت مقاطع بثت مباشرة على الإنترنت آلاف المتظاهرين في حي كفرسوسة يهتفون «واحد واحد واحد، الشعب السوري واحد» و»ما منركع إلا لله». ورفعت لافتات كتب على بعضها «كل سورية ستقف بوجه النظام المجرم». وفي حي التضامن في العاصمة، خرج الآلاف للمشاركة في التشييع الذي انطلق ظهراً، وقامت قوات بحملة اعتقالات. وخرجت امس تظاهرة طالبية في دير الزور احتجاجاً على قمع السلطات لطلاب جامعة حلب. وأعلن العميد غازي جابر العبود قائد الفوج 147 للإنزال الجوي في الجيش السوري انشقاقه امس عن جيش النظام. من ناحية ثانية ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان «أن قوات الأمن السورية داهمت منزل المحامي والناشط الحقوقي سعد مصطفى الخش في مدينة مصياف بمحافظة حماة واعتقلته وصادرت سيارته وجهاز الكمبيوتر الخاص به واقتادته إلى مكان مجهول». ووصف المرصد في بيانه المحامي المعتقل بأنه من «داعمي الحراك السلمي في سورية» داعياً إلى «الإفراج الفوري وغير المشروط» عنه. ودعا «المجلس الوطني السوري» المعارض المراقبين الدوليين إلى التوجه إلى هذين الحيين لحضور تشييع القتلى، ولم ترد أنباء عن حصول ذلك فعلاً. واعتبر المجلس أن تظاهرات دمشق «تثبت للنظام أن زعمه بأن دمشق مدينة محايدة مجرد زعم سقط في دمشق، وقبل ذلك في ريفها، منذ وقت طويل، كما سقط زعم مماثل في مدينة حلب القطب السكاني والاقتصادي والحضاري الآخر في سورية». في مدينة الرستن في ريف حمص دارت اشتباكات عنيفة على المدخل الشمالي بين القوات النظامية والمنشقين. وسقط قتيل وثلاثة جرحى في قرية الغنطو بريف حمص. وفي إدلب التي كانت مسرحاً في الأسابيع الأخيرة لعمليات عسكرية واسعة النطاق للقوات النظامية قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل مسؤول في حزب البعث برصاص «مسلحين مجهولين».