بيروت، دمشق، لندن - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - سمع أمس دوي انفجارين في دمشق وثالث في حلب، فيما خرج آلاف الأشخاص في حيي كفرسوسة والتضامن الدمشقيين لتشييع قتلى تظاهرات الجمعة في العاصمة السورية، بحسب ما أفاد معارضون، فيما أعلنت السلطات السورية «التصدي لمحاولة تسلل مجموعة إرهابية مسلحة من الأراضي التركية»، مضيفة أنه «أطلق 265 موقوفاً لم تتلطخ أيديهم بالدماء». وذكر الناشط في اتحاد تنسيقيات دمشق أبو قيس و «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «حي كفرسوسة شهد (السبت) تظاهرة حاشدة شارك فيها آلاف الأشخاص لتشييع الشهداء الذين سقطوا الجمعة برصاص الأمن السوري أثناء تظاهرات» الجمعة. وأشار «المرصد» إلى أن قوات الأمن «أطلقت القنابل المسيلة للدموع (...) وأغلقت ساحة كفرسوسة بالحاويات والإطارات المشتعلة». وبحسب تنسيقيات دمشق، فان قوات الأمن أطلقت النار لتفريق المتظاهرين ما أسفر عن إصابة عدد منهم، واعتقلت عشرات آخرين. وأظهرت مقاطع بثت مباشرة على الإنترنت آلاف المتظاهرين في حي كفرسوسة يهتفون «واحد واحد واحد، الشعب السوري واحد» و «ما منركع إلا لله». ورفعت لافتات «كل سورية ستقف بوجه النظام المجرم». ولدى وصول جثامين القتلى، علت زغاريد الشابات المشاركات في التظاهرة، وهتافات «أبو الشهيد ارفع راسك» و»أين الإسلام (المسلمين) والله حرام»، فيما ظهرت على أحد جدران المكان شعارات تحيي الجيش السوري الحر. وفي حي التضامن، خرج آلاف الأشخاص للمشاركة في التشييع الذي انطلق ظهراً، بحسب ما أفاد المتحدث باسم مجلس الثورة في دمشق ديب الدمشقي. وأفاد أبو قيس من تنسيقيات دمشق بأن «قوات الأمن عملت على تقطيع أوصال حي التضامن من خلال إقامة الحواجز الأمنية». وسبق التشييع انفجاران هزا دمشق صباحاً، تبين أن «الأول وقع في أطراف العاصمة أثناء مرور حافلة عسكرية وأدى إلى إصابة ثلاثة جنود بجروح، والثاني ناجم عن عبوة وضعت تحت سيارة عسكرية في شارع الثورة التجاري» الحيوي من دون أن يبلغ عن وقوع ضحايا، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وشاهد صحافيون من «رويترز» حافلات صغيرة مدمرة وسيارة أجرة صفراء محطمة تم إبعادها في وقت لاحق عن منطقة الانفجار. وقال ساكن في حي سوق ساروجة القريب: «سمعنا دوي انفجار كبير. وتحاصر قوات الأمن المنطقة». وقال عماد، وهو ناشط يقيم بالقرب من شارع الثورة اكتفى بذكر اسمه الأول خوفاً من الاعتقال: «نريد أن نوضح للصحافيين الأجانب في سورية أن دمشق ليست صامتة». وقال الناشط مازن الصفدي (اسم مستعار) لوكالة «فرانس برس» إن «هذه محاولة من النظام لترويع الناس وثنيهم عن المشاركة في تشييع الشهداء التسعة الذين سقطوا في تظاهرات» الجمعة. وهذه الحصيلة الأكبر لقتلى يسقطون في تظاهرات وقمع في العاصمة السورية منذ اندلاع الاحتجاجات منتصف آذار (مارس) من العام الماضي. وشهدت بساتين حي برزة في دمشق صباح السبت إطلاق نار في قبل القوات النظامية التي تنفذ حملة مداهمات واعتقالات، ما أسفر عن سقوط جرحى، بحسب «المرصد السوري». وفي حلب (شمال) ثاني أكبر المدن السورية، ذكر رامي عبد الرحمن أن «خمسة أشخاص على الأقل قتلوا بانفجار استهدف مغسلة للسيارات في منطقة تل الزرازير في مدينة حلب»، مشيراً إلى أن الحصيلة مرشحة للارتفاع. وأضاف عبد الرحمن: «تزامن انفجار العبوة مع مرور حافلة لم يعرف ما إذا كانت مدنية أو عسكرية». وأعلن «الجيش السوري الحر» المعارض المسؤولية عن الانفجار، وأبلغ علي الحلبي وكالة «رويترز» اسم صاحب محطة غسيل السيارات واتهمه باغتصاب امرأة أمام زوجها، وقال: «وضعنا قنبلة داخل سيارة»، وأضاف «ذهبت إلى المنطقة بعد ذلك وشاهدت سبع جثث والكثير من الجرحى. وقالت الناشطة نور الحلبية في مدينة حلب في اتصال عبر «سكايب» إن «أصوات إطلاق رصاص تلت صوت الانفجار فيما عملت قوات الأمن على قطع الطرقات». وتوجهت سيارات الإسعاف إلى المكان، بحسب الناشطة. ومنطقة تل الزرازير في حلب هي من أفقر الأحياء في المدينة التجارية التي تقطنها غالبية من الطبقة المتوسطة. وأعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أمس سقوط ثلاثة قتلى بينهم طفل وجرح 21 شخصاً ب «انفجار سيارة مفخخة وضعها إرهابي أمام مغسل للسيارات في حي السكري في حلب». وأوضحت الوكالة أن «الإرهابي» وضع السيارة أمام المغسل و «غادر خلسة» قبل تفجيرها، مشيرة إلى أن «الانفجار أدى إلى استشهاد كل من المدنيين عبد الهادي الشامي ( 25 سنة) وحسين حاج مسطو (30 سنة) والطفل اكرم محبك بن عبد الباسط (10 سنوات) وإصابة 21 آخرين بجروح حالة اثنين منهم خطيرة». إلى ذلك، ذكرت «سانا» أن عناصر مخفر حدودي تابع لقوات حرس الحدود «تصدى أمس لمحاولة تسلل مجموعة إرهابية مسلحة من الأراضي التركية قرب قرية العلاني التابعة لمدينة سلقين في إدلب» في شمال غربي البلاد، مشيرة إلى أن «الاشتباك أسفر عن استشهاد وإصابة عدد من عناصر المخفر ومقتل وإصابة عدد من الإرهابيين الذين فروا باتجاه الأراضي التركية ناقلين جرحاهم وقتلاهم معهم». وأضافت الوكالة الرسمية أن جثامين 11 من عناصر الجيش وحفظ النظام شيعت أمس بعدما «استهدفتهم المجموعات الإرهابية المسلحة أثناء تأديتهم لواجبهم الوطني» في مناطق مختلفة من البلاد. وكانت السلطات السورية أعلنت أمس «إخلاء سبيل 265 موقوفاً ممن تورطوا في الأحداث الأخيرة ولم تتلطخ أيديهم بالدماء» ذلك بعد إخلائها في بداية العام سبيل 552 شخصاً في ظروف مماثلة. في مدينة الرستن في ريف حمص (وسط) التي تعد أحد معاقل «الجيش السوري الحر» والتي زارها قائد بعثة المراقبين الجنرال النرويجي روبرت مود الجمعة والتقى فيها قيادة المجلس العسكري للجيش الحر بحسب ما أظهرت مقاطع بثها ناشطون، دارت اشتباكات عنيفة على المدخل الشمالي بين القوات النظامية والمنشقين، بحسب «المرصد» الذي أعلن أيضاً سقوط قتيل وثلاثة جرحى في قرية الغنطو بريف حمص. وفي إدلب (شمال غرب) التي كانت مسرحاً في الأسابيع الأخيرة لعمليات عسكرية واسعة النطاق للقوات النظامية قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، أفاد «المرصد» بمقتل مسؤول في حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سورية برصاص «مسلحين مجهولين». وكان «المجلس الوطني السوري» المعارض طالب المراقبين الدوليين «بالتوجه إلى حيي التضامن وكفرسوسة حيث سيشيع الشهداء «التسعة الذين قتلوا برصاص الأمن السوري في تظاهرات الجمعة. وأضاف المجلس الوطني في بيانه «كالعادة واجه النظام الحناجر بالرصاص، والمطالب بالقمع الدموي، وخص عاصمتنا الخالدة دمشق الشام بنصيب وافر من الرصاص في عدد كبير من أحيائها وبخاصة حيي التضامن وكفر سوسة». واعتبر المجلس أن تظاهرات دمشق «تثبت للنظام أن زعمه بأن دمشق مدينة محايدة مجرد زعم سقط في دمشق، وقبل ذلك في ريفها، منذ وقت طويل، كما سقط زعم مماثل في مدينة حلب القطب السكاني والاقتصادي والحضاري الآخر في سورية». وخلص بيان «المجلس الوطني» إلى اعتبار أن التظاهرات التي شهدتها سورية الجمعة «دليل قاطع على أنهم (السوريين) يؤمنون بالتظاهر السلمي كأسلوب أساسي للتعبير عن الرأي، ووسيلة للتغيير الديموقراطي ودليل على أنهم ما زالوا يدعمون المبادرة الدولية العربية على رغم عدم تنفيذ النظام أي من بنودها». وتنص خطة المبعوث الدولي العربي كوفي أنان الى سورية على وقف إطلاق النار بإشراف دولي، وسحب الأسلحة الثقيلة من المدن، والسماح بدخول المساعدات، والسماح بالتظاهر السلمي، والبدء بحوار سياسي حول مرحلة انتقالية». وتشهد دمشق وحلب (شمال) ثاني أكبر المدن السورية، تصاعداً في الحركة الاحتجاجية والتظاهرات والتحركات الطلابية والنقابية منذ أشهر. والخميس، قتل أربعة طلاب في جامعة حلب برصاص الأمن السوري الذي اقتحم الجامعة عقب تظاهرات ليلية تنادي بإسقاط النظام. وقد علقت جامعة حلب دروسها منذ ذلك الحين «بسبب الأوضاع الحالية». وقتل في سورية الجمعة 34 شخصاً، بينهم تسعة متظاهرين سقطوا برصاص الأمن في حيي كفرسوسة والتضامن في العاصمة، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».