نعم... نتألم ونحترق من داخلنا مما نشاهده على قنوات التلفاز، وما نسمعه من أخبار من هنا وهناك عما يحدث في بلاد الشام، من دمار وخراب وقتل ودماء، وجثث تتناثر أشلاء، وعيون دامعة لأطفال ونساء ورجال وشيوخ، تتساءل عن هذا العالم غريب الأطوار، وسفينة تبحر في بحر الأحزان، تتلاطم أمواجها في بحر الظلمات، أصبحت فيها الأرواح لا حرمة لها ولا أمان، وأصبح القتل في كل مكان، وحصار بالمدافع والدبابات والموت في الأزقة والحارات يخطف الناس بالمئات، وعيون تدمع من ألم الفراق، وسؤال الحال: لماذا القتل وانتهاك الأعراض؟ وماذا ذنب الأطفال يروعون، وقلوبهم ترجف خوفاً من هدم الدور والبنايات؟! وبشار الأسد وبطانته في كل مكان يقتلون الناس من دون هوان، لأجل مُلك زائل، ودنيا حقيرة يتكالبون عليها كالفراش المتطاير كالهوام. نعم... الكل حزين على هذه الأوضاع، والعيون تبكي، والدموع تنهمر حزناً وألماً وغيظاً مما يجري على الإنسان في سورية، من عديم الضمير والأخلاق الذي استباح كل الأعراض، وتناسى رب الورى والأنام، وتناسى يوم الميعاد، فاللهم يا ذا الجلال والإكرام خذه وبطانته أخذ عزيز مقتدر جبار... وأقول لمن يبتسم زارياً ومستهزئاً غير مبالٍ بما يجري من أحداث، ولمن يصخب ويلعب وإخوانه يقتلون ويعذبون ويسحلون، ولمن تضحك ثناياهم وتلمع سنونهم في حفلات الرقص من دون اكتراث، اعلموا أن الله عزيز منتقم جبار، وأنه ليس بغافل عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار، فأين الأبطال الأمجاد لإنقاذ الشعب من يد الغادر المتكبر المختال؟ لهم العزة والكرامة على طول الزمان، ومحياهم ذكرى عطرة بين الأنام، وندعوا بالوحدة بين البلدان التي تجمعهم وحدة الدين والعرق والإسلام للقضاء على الطغيان، وندعو بالاعتصام بحبل الله لإنقاذ الأرامل والشيوخ والأيتام، فلماذا الانتظار؟ ألا يكفي ما يحدث من قتل ودمار وخراب واغتصاب، أم ننتظر الإبادة للشعب السوري المغوار، الذي يقف من دون سلاح أو طيران، وتنهال عليه القذائف كالأمطار لإسكات الحق وكتم الأفواه. فيا أمة الإسلام، ويا مجد العروبة، ويا إنسان، أين نحن من حديث النبي الأعظم «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً»، فأين رد الظالم عن ظلمه؟ فالقلوب تحجرت والعيون تسمرت والآذان صمت، فيا من نصرت الظالم ووقفت مدافعاً عن الظلم، اعلم أنه لا قلب لديك، ولا رحمة بين جنبيك، وسوف يسقيك الله من الكأس نفسها، فإن الله يمهل ولا يهمل، فالوعد قريب، والدعاء بإذن الله مستجاب، فما بالنا بدعوة المظلوم التي ليس بينها وبين الله حجاب، وما بالنا بقوله عز من قائل (وعزتي وجلالي لأنصرن المظلوم ولو بعد حين)، فسهام الليل لا تخطئ، ولكن لها أمد، وللأمد انقضاء، فإن غداً بإذن الله لناظره قريب. [email protected]