يتجه «شهر العسل» بين «الإخوان المسلمين» والمجلس العسكري الحاكم في مصر إلى نهايته، بعد تبادل الطرفين أمس اتهامات شديدة اللهجة، فيما تواجه الجماعة عزلة من القوى السياسية المدنية التي انسحب معظمها من الجمعية التأسيسية للدستور احتجاجاً على «استئثار» التيار الإسلامي بتشكيلها. وبدا أن صداماً محتملاً بين جنرالات الجيش وجماعة «الإخوان» التي شن حزبها «الحرية والعدالة» هجوما عنيفاً على المجلس العسكري على خلفية تمسكه بحكومة كمال الجنزوري، وحمله في بيان أمس «المسؤولية الكاملة عن عرقلة التحول الديموقراطي، وعن الأثار السلبية المتزايدة جراء بقاء هذه الحكومة، التي نري أنها تقوم بافتعال الأزمات وتصديرها لأي حكومة قادمة، وهو ما يمثل خطورة على الثورة وأهدافها». واعتبر أن المجلس العسكري «يضع العراقيل امام نواب البرلمان لحصر دورهم في مجال الكلام والتشريع، أما التنفيذ والعمل فيبقى في أيدي أولئك الفاشلين وأيدي الكارهين للثورة». ورأى أن «هناك خطة لإغراق البلد وتيئيس الناس من إمكان تحقيق أهداف الثورة، وان عليهم أن يقنعوا بإعادة إنتاج النظام السابق بوجوه جديدة». ودعا «المخلصين للوطن» إلى «أن يتصدوا لمخطط إجهاض الثورة عبر الإضرار بمصلحة الوطن». وشكك في نية العسكر إجراء انتخابات رئاسية نزيهة، مشيراً إلى أنه «يتابع الخطوات التي شهدتها مسيرة الانتخابات الرئاسية حتى الآن، والسلبيات المرصودة فيها، ما يدعونا للقلق حول نزاهة هذه الانتخابات، وهل يمكن أن يتم تزويرها لمصلحة مرشح بعينه يريد البعض فرضه على الشعب المصري». وأكد أن «الشعب الذي قام بثورته لن يسمح بأن يتم تزوير إرادته مرة أخرى أو أن يفرض عليه أحد أياً كان رأياً أو مرشحاً». ولم يستبعد طرح مرشح من قيادات «الإخوان» للرئاسة «نظراً إلى المستجدات الكثيرة التي تشهدها الساحة الداخلية والخارجية». ولم ينتظر المجلس العسكري طويلاً، فبعد أقل من ساعة من بيان «الحرية والعدالة» أطلق الجيش بيانين هاجم فيهما جماعة «الإخوان» في شدة وان لم يسمها، داعياً قادتها إلى «أن يعوا دروس التاريخ لتجنب تكرار أخطاء ماضٍ لا نريد له أن يعود»، في إشارة واضحة إلى صدام الجيش و «الإخوان» الذي انتهى بحل الجماعة العام 1954. وطالب ب «النظر إلى المستقبل بروح من التعاون والتآزر، وان المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار». وأعرب المجلس العسكري عن «بالغ الاستياء» من «بيانات صدرت من إحدى القوى السياسية بما يطعن في نزاهة قصد القوات المسلحة ومجلسها الاعلى، وينال من اداء ووطنية الحكومات، ويشكك في استقلال المحكمة الدستورية العليا، والتأثير على حيدتها في احكامها»، في إشارة إلى قضية بطلان الانتخابات البرلمانية التي تنظرها المحكمة الدستورية. واعتبر أن «الإيحاء بخضوع هذه المحكمة الجليلة للسلطة التنفيذية أسلوب غير مقبول يستهدف الإساءة إلى القضاء المصري العريق واستباق أحكامه، والسعى إلى تحقيق مصالح حزبية ضيقة على حساب قدسية القضاء». واستنكر «التشكيك في النيات ازاء نزاهة الانتخابات الرئاسية المقبلة والاستفتاء الشعبي على الدستور»، معتبراً ذلك «محض افتراء لا أساس له، ويتناسى ان القوات المسلحة ومجلسها هم من خططوا ونفذوا الانتخابات التشريعية السابقة بشفافية ونزاهة شهد بها الجميع وأفرزت القوى السياسية الحالية في مجلسي الشعب والشورى». وأضاف: «لقد توهم البعض أن بمقدورهم الضغط على القوات المسلحة ومجلسها الأعلى بغرض اثنائه عن المضى في مهمته الوطنية لإدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية والسعي إلى تقويض سلطاته الدستورية من دون النظر إلى مصالح الجماهير». وإذ أقر بأن «الأداء الحكومي قد لا يرضي طموحات الجماهير في هذه المرحلة الحرجة»، شدد على أن «مصلحة الوطن هي شاغلنا الأول، وأننا لن ندخر جهدا، وأن نتوالى في إتخاذ ما يلزم من إجرءات وقرارات في مصلحة الوطن والمواطن حتى نجتاز جميعاً هذه المرحلة الصعبة من تاريخ أمتنا». ودعا إلى «الاحتشاد والتكاتف حتى نستطيع أن تواصل مسيرتنا نحو الانتقال الديموقراطي الآمن للسلطة في ظل مناخ يحترم القواعد والأعراف الدستورية، ويحافظ على الفصل بين السلطات ويلتزم بإحترام القضاء وينصاع لقدسية أحكامه، وأن نعمل جميعاً كي يكون الدستور المقبل معبراً عن آمال وطموحات جميع فئات الشعب المصري العظيم».