لندن، واشنطن – أ ف ب، يو بي آي، رويترز - أعلن رئيس هيئة أركان الجيش البريطاني المارشال جوك ستيروب أمس، ان حركة «طالبان» تخسر معارك في أفغانستان، في وقت أعلنت لندن ان عدد قتلاها في البلاد منذ نهاية عام 2001 والذي بلغ 184 جندياً تجاوز عددهم في العراق منذ عام 2003 (179)، وذلك بعد سقوط ثمانية جنود خلال الساعات ال24 الأخيرة، ما رفع الى 15 عدد القتلى خلال الشهر الجاري. وأقر ستيروب بصعوبة الوضع في أفغانستان، علماً ان الجيش البريطاني تعرض أول من أمس الى أسوأ حادث له منذ دخوله الى أفغانستان، اثر مقتل خمسة من جنوده في انفجارين منفصلين، ما جعل صحيفة «ذي صن» تصف الساعات الأخيرة بالأسوأ للقوات البريطانية في ميدان معركة منذ حرب المالوين عام 1982. وأوضح ستيروب ان الصعوبة ترتبط بتحديد حركة «طالبان» ولاية هلمند الجنوبية التي تنتشر فيها القوات البريطانية، الميدان الحيوي لتحركها، «فاذا خسروا هناك يخسرون في كل مكان، وبالتالي فهم يضعون كل قوتهم في الولاية، لكنهم يخسرون معارك». وتابع: «سيستغرق الحسم وقتاً، وللأسف سيقع ضحايا»، علماً ان معظم قتلى الأيام الأخيرة سقطوا بسبب تفجير قنابل أقوى باستخدام تكنولوجيا متطورة وأفضل على صعيد التمويه، فيما تستخدم بريطانيا تشكيلة متنوعة من العربات المدرعة الخفيفة في أفغانستان، والتي أثبتت صلاحيتها في الأراضي الصخرية والصحراوية لكن القنابل تدمرها بسهولة. ويقول خبراء دفاعيون ان بريطانيا تحتاج أيضاً الى توفير عدد أكبر من مروحيات النقل الثقيل في المنطقة للمساعدة في نقل أعداد كبيرة من الجنود عبر مسافات شاسعة. ولا تملك بريطانيا حالياً إلا حفنة من هذه المروحيات في مسرح العمليات. وأشار ستيروب الى ان المهمة في أفغانستان تتعلق بدعم إقامة إدارة حاكمة، من اجل خفض فرص تحرك مجموعات إرهابية متطرفة تهدد مباشرة المملكة المتحدة رعاياها ومصالحها». وكان رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون حذر أول من أمس من «صيف صعب جداً» في أفغانستان، مشدداً على أهمية إبقاء التزام المجموعة الدولية بعملية إرساء الاستقرار في البلاد. كذلك، دافع وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند أمس، عن استمرار الوجود العسكري لبلاده في أفغانستان، وقال ل «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي): «يجب أن يفهم الشعب البريطاني أهمية المهمة التي تنفّذ هناك»، لافتاً إلى ان القوات البريطانية تسعى إلى منع أفغانستان من أن تتحول إلى «مركز انطلاق لهجمات الإرهابيين». وأضاف: «تحتاج سلامة بريطانيا ومستقبلها إلى أفغانستان آمنة»، مؤكداً أن المنطقة التي يعمل فيها الجنود البريطانيون تحتضن الإرهاب الدولي. في غضون ذلك، أعلن مسؤولون أميركيون رفضوا كشف أسمائهم ان الولاياتالمتحدة والحلف الأطلسي (ناتو) ربما يحتاجان الى زيادة عدد القوات الأفغانية في شكل كبير من اجل تعزيز دعم الاستراتيجية الأميركية الجديدة لتحقيق الاستقرار في البلاد. وحددت قيادتا الجيش الأميركي وقوات الحلف الأطلسي الزيادة المطلوبة ب 134 ألف جندي أفغاني و86 ألف رجل شرطة بحلول 2010، لضمان إكساب المهمة الأمنية للقوات الأجنبية «وجه أفغاني». لكن المسؤولين أكدوا ان كبار ضباط الدفاع والجيش الاميركيين ناقشوا خططاً لزيادة هذا العدد الى الضعفين بالنسبة للجنود الأفغان، وصولاً الى حوالى 270 ألفاً، بهدف تحسين مكافحة التمرد وتفادي احتمال ان ينظر الأفغان الى القوات الغربية على انهم محتلون أجانب. ويدرس مسؤولو إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما احتمال زيادة عدد الجيش والشرطة الأفغانيين الى 400 ألف عنصر، لكنهم لم يتخذوا قرارات في هذا الشأن. وأفادت صحيفة «واشنطن بوست» أول من أمس، بأن القائد الأميركي الجديد في أفغانستان الجنرال ستانلي مكريستال أبلغ وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس ضرورة زيادة العدد المستهدف لقوات الأمن الأفغانية في شكل أكبر من الأهداف الحالية. ميدانياً، قتل محمد يان، القائد السابق للشرطة في ولاية لوغار المجاورة للعاصمة كابول خلال عملية نفذتها قوات التحالف الدولي التي تقودها الولاياتالمتحدة ليل الجمعة – السبت. وقال قائد الشرطة المحلية غلام مصطفى إن «ابناء يان تورطوا في نشطات تخريبية، لكننا لا نملك معلومات عن ضلوعه شخصياً فيها»، فيما ابلغت قوات التحالف الشرطة الافغانية أن يان وقف خلف تنفيذ عملية انتحارية باستخدام شاحنة مفخخة في لوغار الخميس الماضي، ما أسفر عن مقتل 25 شخصاً بينهم 21 مدنياً. واوضح مصطفى ان اثنين من ابناء محمد يان اعتقلوا خلال الهجوم. وقتل مدني وجرح سبعة آخرون في اطلاق نار حصل من قاعدة لقوات الحلف الاطلسي واستهدف منزلاً في ولاية كونار (شرق)، كما سقط اربعة حراس امنيين في هجوم شنه متمردون في ولاية غزني، فيما اكدت السلطات الافغانية مقتل ثلاثين متمرداً. على صعيد آخر، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» ان إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش حاولت مرات وقف تحقيقات حول مجزرة ارتكبت نهاية عام 2001، وأسفرت عن سقوط مئات من السجناء من «طالبان»، بسبب ضلوع زعيم الحرب الأفغاني القوي الجنرال عبد الرشيد دوستم الذي دعمته واشنطن حينها بالمجزرة. وأوردت ان مسؤولين أميركيين كبار تدخلوا لوقف تحقيقات اجراها كل من مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) ووزارة الخارجية الأميركية ووزارة الدفاع في هذه الأحداث، بعدما اتهمت تقارير عدة ميليشيات الجنرال دوستم بقتل مئات من سجناء «طالبان» الذين وضعوا في حاويات. وأوضحت ان إدارة بوش خشيت ان يسيء أي تحقيق حول زعيم الحرب الى الحكومة الجديدة للرئيس الأفغاني حميد كارزاي والتي انضم دوستم إليها. وقال بيار ريتشارد بروسبر، المبعوث السابق للولايات المتحدة المكلف شؤون جرائم الحرب للصحيفة: «لم يرفض أحد التحقيق في البيت الأبيض، لكن لم يوافق أحد عليه أيضاً». وأعيد دوستم الشهر الماضي الى مهماته رئيساً لأركان القيادة العليا للقوات المسلحة الأفغانية بعد تعليقها العام الماضي، اثر تهديده أحد خصومه السياسيين بالسلاح. ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الخارجية الاميركية ان وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون والمبعوث الاميركي الخاص الى أفغانستان وباكستان ريتشارد هولبروك ابلغا كارزاي معارضتهما هذا التعيين.