سعى عضو الكونغرس الأميركي السيناتور جون ماكين أمس إلى تأكيد «استراتيجية العلاقات» بين بلاده ومصر، مشيراً إلى أن العالم يترقب باهتمام «التجربة الديموقراطية المصرية». وشدد ماكين في مؤتمر صحافي في القاهرة عقب لقائه رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي، على أن واشنطن «متمسكة لأبعد الحدود بالشراكة الاستراتيجية مع مصر بل وتعتزم تعزيزها وتقديم الدعم الكامل للشعب المصري»، موضحاً أن زيارته للقاهرة تأتي من أجل هذا الهدف. وكان طنطاوي عقد جلسة محادثات مع السيناتور الأميركي والوفد المرافق له، استمرت لساعتين، أعقبها حضوره مؤتمراً نظّمته غرفة التجارة الأميركية في مصر، قبل أن يلتقي رئيس البرلمان المصري سعد الكتاتني. وفي المساء عقد ماكين مؤتمراً صحافياً في أحد الفنادق الشهيرة المطلة على نيل القاهرة في حضور عدد محدود من الصحافيين، وأكد «دعم الولاياتالمتحدة للتحول الديموقراطي في مصر»، وأعلن نية بلاده تقديم المساندة الممكنة بهدف تحقيق «مستقبل أفضل للمصريين». ونفى مزاعم عن «التدخل في الشأن الداخلي المصري»، في إشارة إلى الخلافات التي نشأت بين الولاياتالمتحدة ومصر على خلفية التحقيقات مع منظمات حقوقية وأهلية تتلقى دعماً من واشنطن «بطريقة غير مشروعة»، بحسب ما تقول القاهرة. وعلمت «الحياة» أن لقاء السيناتور الأميركي ورئيس المجلس العسكري تطرق إلى ضرورة الاتفاق على نقاط عدة أهمها الإفراج عن صفقة السلاح المجمدة والتي تعاقد عليها الجيش المصري أخيراً، وعدم المساس بالمساعدات الأميركية إلى مصر، إضافة إلى قيام واشنطن بتوجيه البنك الدولي بالموافقة على تقديم قروض لمصر، في مقابل إغلاق القاهرة ملف المنظمات الحقوقية المحالة على القضاء، واستصدار السلطات المصرية تراخيص عمل لتلك المنظمات لمدة عام بشكل مبدئي. وأفيد أن ماكين وعد قادة المجلس العسكري ب «عدم المساس بالمعونة الأميركية» الحالية، فيما اعتبرت مصادر مصرية مسؤولة تحدثت إلى «الحياة» أن اللقاء «يساعد في شكل كبير في تحديد شكل العلاقة بين القاهرةوواشنطن خلال الفترة المقبلة» عقب التوتر الذي نشب على خلفية قضية التمويل الأجنبي للمنظمات الحقوقية وما صاحبها من تلويح بخفض أو قطع المساعدات الأميركية لمصر. ويُعد ماكين من الأعضاء البارزين في لجنة القوات المسلحة، وهو رئيس مجلس إدارة المعهد الجمهوري الأميركي الذي يرأسه في مصر نجل وزير النقل الأميركي سام راي لحود الذي ورد اسمه على قائمة الممنوعين من السفر في قضية «التمويل الأجنبي». وأفادت مصادر مطلعة «الحياة» أن السيناتور الأميركي بحث مع المسؤولين المصريين في إمكان «عدم مثول المواطنين الأميركيين داخل قفص الاتهام» داخل المحكمة التي من المقرر أن تبدأ أولى جلساتها يوم الأحد المقبل. وعلمت «الحياة» أن القاهرة تتمهل في توقيع ما سُمّي ب «اتفاقية المقر» والخاصة بتقنين أوضاع المنظمات الأميركية العاملة في مصر والتي ستبرمها الخارجية المصرية مع المنظمات الأميركية إلى بعد ميعاد جلسة المحاكمة الأولى للنظر في قضية التمويل الأجنبي للمنظمات المتهم فيها 43 شخصاً بينهم 19 أميركياً، وذلك تحسباً لإمكان أن يقوم النائب العام باستخدام حقه في سحب الدعوى أو حفظها. وبعد اتضاح هذا الموضوع سيتم توقيع الاتفاقية التي تقضي بالتصريح بعمل المنظمات لمدة عام واحد فقط، وفي حال رفض المنظمات هذا الإطار ستكون مصر قد حصلت على صفقة الأسلحة وحققت مكاسب نوعية تستطيع بعدها تغيير أجواء التفاوض. وأفيد أن الجانب المصري لوّح للجانب الأميركي بأن «إيقاف المساعدات الأميركية سيتبعه رد من جانب القاهرة بسحب الامتيازات التي تحصل عليها واشنطن بعبور بوارجها قناة السويس وكذلك عبور بعض أنواع الطائرات الأميركية المجال الجوي المصري». وتعد زيارة ماكين الرابعة التي يقوم بها لمصر منذ الثورة. وهي تأتي بعد طلب الرئيس الأميركي باراك أوباما من الكونغرس إبقاء المساعدات التي تُقدّم إلى مصر على حالها (بليون و300 مليون دولار). وكان ماكين قال في افتتاح مؤتمر «فرص الشراكة بين الشركات المصرية والأميركية» والذي نظّمته غرفة التجارة الأميركية في مصر، إن الثورة المصرية «أهم حدث في منطقة الشرق الأوسط منذ إنهاء الخلافة العثمانية وحتى الآن»، مشيراً إلى أن التجربة المصرية تجاه الديموقراطية «تحظى باهتمام العالم حيث تترقبها الشعوب وتنتظر نتيجتها التي من الممكن أن تغيّر الكثير على سطح الكرة الأرضية». وتابع: «إن المنطقة العربية تمر الآن بلحظة حاسمة تقودها مصر والتي تعتبر المحرك الرئيسي في المنطقة»، مؤكداً أن الشعب المصري «قام بدور كبير في تغيير حياته والسير قدماً في اتجاه الديموقراطية والتي تعتبر الدعامة الرئيسية لتطوير الحياة الاقتصادية». وشدد على أن الإدارة الأميركية «متمسكة لأبعد الحدود بالشراكة الاستراتيجية مع مصر بل وتعتزم تعزيزها وتقديم الدعم الكامل للشعب المصري». وأقر ماكين بتغيير طرأ على طبيعة الشراكة بين مصر وأميركا «وعلينا جميعاً أن نواكب تلك التغييرات التي أحدثها الشعب المصري»، مشيراً إلى أن أميركا تدعم مصر وبشدة في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية كما تدعم القطاع الخاص الذي سيقود التنمية ويساعد على توفير الحياة الكريمة للشعب المصري من خلال المساهمة في توفير فرص عمل للشباب وتخفيض نسبة العاطلين.