في وقت أجرى رئيس المجلس العسكري الحاكم في مصر المشير حسين طنطاوي محادثات أمس مع رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن دمبسي، علمت «الحياة» أن قائد القيادة المركزية في الجيش الأميركي جيمس ماتيس سيزور القاهرة غداً، وأن وفداً من الكونغرس برئاسة السيناتور جون ماكين سيتبعه. وتأتي هذه الزيارات المتلاحقة في ظل التوتر الذي أصاب العلاقات بين القاهرةوواشنطن منذ دهم قوات الشرطة والجيش 17 مقراً لمنظمات غير حكومية في القاهرة، بينها منظمتان أميركيتان، وإحالة 43 شخصاً، بينهم 19 أميركياً، على المحاكمة الجنائية بتهمة «ممارسة نشاط من دون ترخيص وتلقي تمويل أجنبي». ولوحت واشنطن بتعليق المساعدات العسكرية البالغة 1.3 بليون دولار. وناقش طنطاوي ودمبسي أمس في مقر وزارة الدفاع في القاهرة «تخفيف حدة التوتر» بين البلدين. وأوضح مسؤول عسكري أن طنطاوي اجتمع لساعتين مع رئيس الأركان الأميركي الذي اجتمع بعدها بنظيره المصري الفريق سامي عنان لمدة ساعة. ولم يكشف المصدر ما تمخض عنه الاجتماع الذي أحيط بتكتم على تفاصيله. واكتفى بتأكيد أن النقاش تناول «ملف المواطنين الأميركيين المحالين على محكمة الجنايات على خلفية قضية التمويل الأجنبي، إضافة إلى ملف المساعدات العسكرية». وأشار إلى أن «الاجتماع تناول أيضاً تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية خلال المرحلة الراهنة، ومناقشة عدد من المواضيع والقضايا ذات الاهتمام المشترك في ضوء العلاقات الاستراتيجية التي تربط الدولتين، والالتزام بالاتفاقات والمعاهدات الدولية المشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، والتأكيد على عمق العلاقات الاستراتيجية بين الولاياتالمتحدة ومصر». وقال بيان رسمي مصري إن رئيس الأركان الأميركي «أكد حرص بلاده على متابعة عملية التحول الديموقراطي الذي تشهده مصر، وتقديرها لجهود القوات المسلحة في بناء مؤسسات الدولة ونقل المسؤولية إلى سلطة مدنية منتخبة». وألغى الجنرال دمبسي مائدة مستديرة كان مقرراً أن تجمعه في أحد الفنادق مع عدد محدود من الصحافيين عقب ختام محادثاته مع طنطاوي وعنان. وعزا المصدر الإجراء إلى «عدم رغبة المسؤول الأميركي في الخوض في تفاصيل المحادثات». من جهته، استبعد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب القيادي البارز في «الإخوان المسلمين» عصام العريان حصول توتر في العلاقات المصرية - الأميركية. لكنه لوّح بأن الحديث الأميركي عن خفض المساعدات المقدمة إلى مصر «يعني فتح المجال أمام تعديل اتفاق السلام». وقال ل «الحياة»: «لا أعتقد أن يؤثر ملف المنظمات في العلاقات بين البلدين، فالسلطات الأميركية حريصة على علاقتها بمصر، خصوصاً في هذه المرحلة، لكن عليها أن تفهم الرسالة بأن مصر تغيرت، وان ما كان مقبولاً قبل الثورة لم يعد مقبولاً الآن». وشدد على أن «ملف المنظمات في حوزة القضاء ونرفض في شدة أي تدخل سواء داخلي أو خارجي في شأن قضائي». وفي ما يتعلق بالتلويح الأميركي بالنظر في المساعدات المقدمة إلى مصر، قال العريان إن «المساعدات تأتي في إطار اتفاق كامب ديفيد الثلاثي بين مصر وأميركا وإسرائيل، وإذا أخل أحد الأطراف بالاتفاق، سيعني ذلك بالتبعية فتح اتفاق السلام أمام الجدال والتدقيق وإجراء التعديلات». في غضون ذلك، سلَّم قاضيا التحقيق في ملف المنظمات غير الحكومية سامح أبو زيد وأشرف العشماوي، رئيس محكمة استئناف القاهرة المستشار عبدالمعز إبراهيم أوراق وملف القضية. وطالبا بتحديد جلسة عاجلة للنظر في القضية أمام محكمة جنايات القاهرة. وشملت أوراق القضية قرار الاتهام وأسماء المتهمين وقائمة بأدلة الثبوت وأقوال الشهود، وعلى رأسهم وزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا. ويواجه المحالون اتهامات بينها «تلقي تمويل من الخارج وإدارة نشاط غير مشروع»، إضافة إلى «تأسيس مقار كفروع لمنظمات دولية بالمخالفة للقانون». وتصل عقوبة هذه الاتهامات إلى السجن خمس سنوات. وبدأ أبو زيد والعشماوي التحقيق في الجزء الثاني من القضية، المتعلق بتهم «التمويل الأجنبي غير المشروع» لعدد آخر من المنظمات الأجنبية والمصرية وعدد من الأشخاص. وينتظر أن يبدآ استجواب المسؤولين عن تأسيس وإدارة هذه المنظمات قبل نهاية الأسبوع الجاري.