توقعت مصادر وزارية لبنانية عدول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن اصطحاب وفد وزاري في زيارته المرتقبة لباريس بين 9 و10 من الشهر الجاري، وعزت السبب الى إصرار وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور، الذي كان مقرراً أن يكون في عداد الوفد، على حضور اللقاء الثنائي الذي يجمع ميقاتي مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في قصر الأليزيه، إلا إذا أدت المداخلات الى سحب إصرار منصور. وكشفت المصادر نفسها ل «الحياة» أن قصر الأليزيه لحظ في البرنامج الذي أعده لزيارة ميقاتي باريس عقد لقاء ثنائي بين الأخير وساركوزي على ان يشارك أعضاء الوفد الوزاري في الاجتماع الموسع الذي يعقده مع نظيره الفرنسي فرنسوا فيون وفي المحادثات التي يجريها مع وزير الخارجية الان جوبيه الذي يقيم على شرفه مأدبة عشاء... اصرار منصور على حضور اللقاء ولفتت الى ان اصرار منصور على حضور لقاء ساركوزي - ميقاتي دفع ميقاتي الى التفكير في العدول عن اصطحاب وفد وزاري، خصوصاً أن أحد الوزراء في الوفد أبدى تضامناً مع وزير الخارجية على رغم ان الوفد الموسع يأخذ في الاعتبار تمثيل الكتل النيابية الكبرى المشاركة في الحكومة. وأكدت المصادر أن لقاء ميقاتي - ساركوزي، وهو الأول بينهما منذ تكليف الأول برئاسة الحكومة اللبنانية، يأتي تتويجاً لارتياح الحكومة الفرنسية لموقف ميقاتي من تسديد حصة لبنان من المحكمة الدولية، مشيرة الى ارتياحها أيضاً للسياسة التي اتبعها منذ اندلاع الأحداث في سورية والقائمة على النأي بلبنان عن مجرياتها لقطع الطريق على المحاولات الجارية لاستيراد الأزمة السورية الى الداخل اللبناني. ورأت ان ميقاتي لعب دوراً، بالتعاون مع رئيسي الجمهورية العماد ميشال سليمان والمجلس النيابي نبيه بري، في استيعاب الارتدادات السلبية للأزمة في سورية وتطويق انعكاساتها السلبية على الاستقرار العام في لبنان على رغم ان بعض حلفاء سورية لا يبدون ارتياحاً لمواقفه وراحوا يستهدفونه بحملاتهم الإعلامية والسياسية. وفي هذا السياق، قالت مصادر أوروبية ان فرنسا مهتمة بألا تشمل سياسة النأي بالنفس عن الأحداث في سورية الجوانب الإنسانية الواجب توفيرها للنازحين السوريين الى منطقتي عكار والبقاع وعدم الرضوخ للضغوط التي تمارس على الحكومة من هنا وهناك للتجاوب مع طلب الحكومة السورية من خلال حلفائها في لبنان بتسليم النازحين بذريعة انهم أصبحوا مصدر ارهاب وقلق ويقومون بالتحريض على النظام السوري خلافاً للاتفاقات المعقودة بين البلدين بموجب معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق. وأكدت المصادر الأوروبية ان الحكومة الفرنسية تتعامل مع التمديد لبروتوكول التعاون بين الحكومة اللبنانية والمحكمة الدولية على أنه خارج سياق البحث باعتبار ان التجديد له من صلاحيات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، لافتة الى ان الأخير أيلغ المعنيين بالأمر خلال زيارته بيروت بأن التجديد حاصل لمدة 3 سنوات نظراً الى ان المحكمة لم تنه مهمتها وهي في حاجة الى مزيد من الوقت. وأوضحت ان الحكومة الفرنسية تعتبر أن تجديد البروتوكول هو بمثابة خط أحمر لا يجوز العبث به أو الانقلاب عليه. وقالت انها تتوقع بدء المحاكمة الغيابية للمتهمين الأربعة في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في حزيران (يونيو) المقبل. بلمار لم يضع لوماً على السلطات اللبنانية وأضافت ان المدعي العام في المحكمة الدولية دانيال بلمار كان أبلغ الذين التقاهم في زيارته الوداعية للبنان بأن السلطات اللبنانية قامت بكل ما في وسعها لملاحقة المتهمين الأربعة وتوقيفهم وتسليمهم الى المحكمة. وهذا يعني ان بلمار الذي يستعد لترك منصبه في المحكمة الدولية في نهاية الشهر الجاري لم يضع أي لوم على السلطات اللبنانية في المسألة المتعلقة بملاحقة المتهمين وإبلاغهم وجاهياً بالقرار الاتهامي الذي صدر عن قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين وضرورة مثولهم أمام المحكمة لبدء محاكمتهم. لكن المصادر نفسها تؤكد أنه يعود للقاضي فرانسين اتخاذ القرار النهائي في شأن اجراء محاكمة واحدة للمتهمين في جريمة اغتيال الرئيس الحريري والجرائم الأخرى المتعلقة بمحاولتي اغتيال النائب مروان حمادة ونائب رئيس الحكومة السابق الياس المر واغتيال الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي، خصوصاً أنه وجد أن هناك أكثر من رابط بين هذه الجرائم. أما في خصوص المحادثات التي سيجريها ميقاتي في باريس، فقالت المصادر الأوروبية إن رئيس الحكومة اللبنانية نجح في تجنيب لبنان الدخول في اشتباك سياسي مع المجتمع الدولي على خلفية الامتناع عن تسديد حصته من المحكمة الدولية وأن موافقته على التمويل من خلال المخرج الذي ساهم به بري أتاحت له أن يثبت صدقيته أمامه، ما أدى الى فتح الباب أمام التواصل معه، وأن دعوته الى زيارة باريس جاءت لتؤكد ارتياح فرنسا لموقفه من التمويل. فرنسا متمسكة ببقاء «يونيفيل» وأكدت المصادر ان فرنسا متمسكة ببقاء قوات «يونيفيل» في جنوب لبنان لتطبيق القرار الدولي 1701 ولن تخضع لكل أشكال التهويل والابتزاز التي مورست ضد وحداتها في جنوب الليطاني، سواء من خلال الاعتداءات التي استهدفتها أو عبر المضايقات التي تعرضت لها. ورأت أن هناك ضرورة لرفع مستوى التنسيق بين الجيش اللبناني المنتشر في جنوب الليطاني و «يونيفيل» وأن الحكومة الفرنسية عازمة على دعم هذا الجيش. إلا ان المصادر نفسها تجنبت الإجابة عن سؤال يتعلق بموقف لبنان من دعوته الى حضور مؤتمر أصدقاء سورية الذي تعد له الحكومة الفرنسية بعد إخفاق مجلس الأمن في التصويت على صيغة معدلة للمبادرة العربية حول الأزمة السورية بسبب الفيتو الروسي - الصيني. واعتبرت ان من السابق لأوانه حرق المراحل وإقحام لبنان في موقف قبل ان تتمكن الحكومة الفرنسية من بلورة المشروع الذي سيناقشه مؤتمر أصدقاء سورية بدعوة من ساركوزي، وقالت ان معظم أعضاء مجلس الأمن فوجئوا برفض وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التعديلات المقترحة على المبادرة العربية مع ان سفير اتحاد روسيا في الأممالمتحدة كان وافق عليها. وقالت المصادر عينها ان ساركوزي لم يفاجأ بالفيتو الروسي وأنه ماض في التحضير لمؤتمر أصدقاء سورية، ليس لإحراج موسكو فحسب، وانما لتشكيل تكتل عربي - دولي - إسلامي للضغط على روسيا والصين وتحميلهما مسؤولية مباشرة حيال إخفاق مجلس الأمن في الإعداد لخريطة طريق تنهي الأزمة في سورية.