يبكي بحرقة طفل فقد للتو أحد والديه، خلال ظهوره التلفزيوني الأول بعد أكبر كارثة كروية عرفتها بلاده، يقول قائد المنتخب البرازيلي ديفيد لويس: «نعرف أن هذا الشعب يعاني الكثير في مختلف جوانب الحياة، كنا نتمنى أن ننجح في إهدائهم فرحة لا يعرفونها إلا من خلال كرة القدم، لكننا فشلنا في ذلك فشلاً ذريعاً»، تستمر دموعه حتى بعد نهاية حديثه، المدافع الأغلى في تاريخ كرة القدم لخص كل ما ينتظر البرازيل في الأيام المقبلة بعبارات بسيطة. في اللقاءات التي أجرتها «الحياة» مع الجماهير البرازيلية بعد الخسارة المريرة مباشرة كان غالبهم يردد عبارة ثابتة تقول: «خروج البرازيل من المونديال يعني وقوع الكارثة»، لكن أحداً منهم لم يتخيل يوماً أن تأتي النهاية كارثية بهذا الحجم، البرازيل التي سقطت بسباعية تاريخية أمام المنتخب الألماني، ترنحت كثيراً طوال مسيرتها في البطولة، لكن السقوط جاء أقوى حتى من خيال أكبر المتشائمين. ماذا يعني هذا السقوط أو كيف سيتعاطى معه الشعب البرازيلي؟ سؤال لا تبدو إجابته صعبة، ذلك ما تقوله ردود الفعل السريعة، بعد الهدف الألماني الرابع تناقلت القنوات البرازيلية سريعاً أخباراً لأعمال شغب واسعة في ريو دي جانيرو وساباولو، بل إن بعض المراسلين المحليين أكدوا وقوع ضحايا لتلك الأعمال، ذلك كله لم يكن أكثر من رد فعل سريع على نتيجة كارثية لم تنته المباراة عليها، شرطة ساوبالو نفت تلك الأخبار وأكدت أن مشاهد حرق الأعلام البرازيلية كانت تصرفات فردية بعيدة عن أعمال شغب جماعية. لن يتعاطى البرازيليون كافة مع حدث البارحة بالمنطق ذاته، جلهم بالتأكيد يعتبر السقوط المدوي كارثة تمس تاريخ وطن أكبر من أن يسقط كروياً بهذه الطريقة المذلة، لكنهم في الغالب سينقسمون على أنفسهم في لحظة التعاطي مع الكارثة، المعارضون لاستضافة المونديال الذين قلت أعدادهم بعد انطلاق البطولة، وباتت مظاهراتهم تحتاج إلى شغب واسع لإثبات الحضور، كانوا يقولون دوماً إنهم ينتظرون سقوط البرازيل المنتظر ليلتفت لهم العالم، وهو ما حققته لهم ألمانيا وبنتيجة تفوق طموحاتهم، في المقابل المهتمون بكرة القدم بشكل عام بعيداً عن القرار السياسي المتسبب في استضافة المونديال سيصبون جام غضبهم باتجاه مدرب الفريق ولاعبيه من دون مظاهر شغب تلامس الشارع، أما الغالبية بين من تبقوا فسيختارون أحد الجانبين لينضموا إليه، أو سيلوذون بالصمت من هول المفاجأة.