كشف الناطق باسم جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر الدكتور محمود غزلان ل «الحياة» أن حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية للجماعة، كلّف لجنة قانونية إعداد مشروع للدستور الجديد للبلاد من أجل طرحه للنقاش على اللجنة التأسيسية المقرر أن يختارها البرلمان الجديد الذي ضمنت جماعة «الإخوان» الغالبية فيه. لكن غزلان أكد أن هذه الوثيقة ستكون «استرشادية» لمجرد طرحها للنقاش على اللجنة. معتبراً أنها تحل معضلة الخلاف بين القوى السياسية حول صوغ الدستور الجديد، وتجنبهم الدخول في معارك جديدة لأنها «تضم أكبر قدر ممكن من التوافق». وحدد غزلان أهم ملامح هذا المشروع في منح الجيش نوعاً من الخصوصية في ما يخص الشؤون الحربية والعسكرية، وإلغاء مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان)، وإلغاء نسبة ال 50 في المئة المخصصة للعمال والفلاحين في مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان)، وكذلك إلغاء ما هو منصوص عليه في الدستور من اعتبار الصحافة سلطة رابعة. وقال غزلان: «إذا استبعدنا ال 34 مادة التي أقحمها حسني مبارك على دستور العام 1971 فسوف لا يحتاج (الدستور الجديد المقترح) إلا إلى تعديلات طفيفة للغاية». وأشار إلى أن برنامج حزب «الحرية والعدالة» يتبنى النظام البرلماني لكن بعد نقاش متعمق «تبدّى لنا أن طبيعة المصريين لا تفضل أن يكون الرئيس رمزاً، ورأينا أنه من الأفضل توزيع المسؤوليات على الرئيس والبرلمان، ومن ثم سنتبنى النظام البرلماني الرئاسي المختلط». وأضاف: «نرى أنه يجب إلغاء نسبة العمال والفلاحين المنصوص عليها في الدستور الحالي، فالأفضل أن يشكل العمال حزباً والفلاحون حزباً وكل الفئات المهمشة من حقها تشكيل أحزاب لخوض غمار الحياة السياسية. أما هذه الكوتة فلم تفدهم في نيل حقوقهم، فضلاً عن أنهم يُفترض أنهم شبّوا عن الطوق. وكذلك نرى أن النص على أن الصحافة سلطة رابعة لا داعي منه فهذه مسألة متكلّفة تبناها (الرئيس الراحل أنور) السادات لإرضاء فئة معينة». وعن مدنية الدولة، قال غزلان: «نراها مدنية مقيدة... العلمانيون عرفوا أن العلمانية باتت سيئة السمعة فاستعاضوا عنها بالمدنية، ونحن لا نمانع في النص على مدنية الدولة، ولكن بمعنى ألا تكون الدولة عسكرية ولا دينية ثيوقراطية. نفضّل النص على أن الدولة مدنية ذات مرجعية إسلامية، حتى لا تكون مدنية في إطار من العلمانية». وعن وضع الجيش في الدستور الجديد، أشار غزلان إلى أن رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي أكد بنفسه أن وضع الجيش في الدستور الجديد سيظل كما كان في الدساتير القديمة أي أن «الجيش ملك الشعب ولا يجوز لأحد أن ينشئ ميليشيا عسكرية». وشرح: «أما بالنسبة لقضية الموازنات، فلا شك في أن لها خصوصية، ونوافق على أن يكون جزء منها سرياً ... هم (العسكر) كانوا يتطلعون لأن تكون الموازنة كلها سرية، أي يخصص لهم رقم معين وفي نهاية العام يقدمون ما يفيد بإنفاقه، وهذا الأمر وارد أن يفتح أبواب الفساد»، مضيفاً: «نحترم الحفاظ على سرية الإنفاق المتعلق بالشأن العسكري والحربي وشؤون التسليح، أما ما يتعلق بالأمور الخدمية والمصانع التابعة للجيش التي تنتج سلعاً استهلاكية فلابد من مراقبتها إعمالاً لمبدأ الشفافية وتجنباً للشبهات». وقال غزلان «إن هذه الأفكار ستطرح على اللجنة التأسيسية لمناقشتها، وإن حصل خلاف حولها ستكون الكلمة الفصل للشعب من خلال الاستفتاء على الدستور». من ناحية أخرى، يبدأ المجلس الاستشاري اليوم مناقشة الصلاحيات السياسية والدستورية لرئيس الجمهورية وفقاً لما جاء في مشروع المرسوم بقانون انتخاب رئيس الجمهورية الذي أحاله المجلس العسكري على المجلس الاستشاري قبل أسابيع. وقال الناطق باسم «الاستشاري» محمد الخولي إن المجلس انتهى من مناقشة الجوانب الموضوعية المتعلقة بمؤسسة الرئاسة والتي تضمنت كيفية تحويل منصب الرئيس من فرد إلى منظومة تتضمن مستشارين لرئيس الدولة وتدخل في شراكة مع السلطة التشريعية والتنفيذية، لتصدر عنها في النهاية قرارات مؤسسية بحيث لا ينفرد رئيس الدولة بالقرار، مستفيدين في ذلك من التجربة الفرنسية.