استبعدت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر الدخول في صدام مع المجلس العسكري على خلفية خلافهما الذي أثاره تعيين الأخير مجلساً استشارياً كلّفه وضع الضوابط لتشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور الجديد، رغم كونها من صلاحيات البرلمان. وأكد الناطق باسم الجماعة محمود غزلان ل «الحياة» أن «الصدام مع الجيش محذوف من قاموس الإخوان»، لكنه حذر من أن «الشعب لن يسمح بالانقلاب على ثورته، وإن حدث سيكون في غاية السوء على الشعب والبلد والدولة كلها». وبدا أن غزلان يسعى إلى التقليل من التكهنات بمواجهة بين المجلس العسكري وجماعته التي تصدرت نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، على خلفية تصريحات لعضو المجلس العسكري اللواء مختار الملا قال فيها إن البرلمان المقبل «غير ممثل للشعب». ولاحظ أن قوى تنافسهم في الانتخابات أبدت ارتياحاً الى سيناريو المواجهة. وقال: «كلما رفضنا أياً من قرارات أو مواقف المجلس العسكري يكثر الحديث عن قرب الصدام مع الجيش... تكرر هذا الأمر حين رفضنا المواد الحاكمة للدستور، وبعدها معايير اختيار لجنة إعداد الدستور، وأخيراً بعد انسحابنا من المجلس الاستشاري. هذا الصدام يبدو أنه من أماني الخصوم، لكنه لن يتحقق لأن الصدام مع الجيش محذوف من قاموس الإخوان». ورأى أن سيناريو المواجهة الدامية بين الجيش والإسلاميين في الجزائر بعد إلغاء نتائج الانتخابات في مطلع التسعينات وتجربة العام 1954 في مصر حين دخل «مجلس قيادة الثورة» العسكري في صراع مع «الإخوان» بعد ثورة 1952، لن يتكررا. وقال إن «الظروف مختلفة تماماً، فمعطيات السيناريو الجزائري غير متوافرة في مصر، وكذلك الحال اختلف عن العام 1954... في 1952 قام الجيش بثورة ساندها الشعب، لكن الآن الشعب قام بثورة ساندها الجيش، والوضع المحلي والإقليمي والدولي لا يسمح بتكرار هذه التجارب». وأضاف أن «الشعب لن يسمح بالانقلاب على ثورته، وإن حدث سيكون في غاية السوء على الشعب والبلد والدولة كلها». وازداد الجدل في شأن حدود دور المجلس الاستشاري الذي يعقد أول اجتماع له غداً في ما يخص اللجنة التأسيسية لوضع الدستور. ومعروف أن الإعلان الدستوري الذي أقر بعض مواده باستفتاء شعبي في آذار (مارس) الماضي أوكل البرلمان المنتخب بغرفتيه اختيار لجنة المئة، وهو ما يصر الإسلاميون وقوى مدنية على التمسك به. وأكد عضو المجلس الاستشاري القيادي في «حزب المصريين الأحرار» أحمد خيري أن اجتماع غدٍ «سيناقش بعض التعديلات المطلوبة على الإعلان الدستوري في ما يتعلق بمعايير اختيار لجنة إعداد الدستور»، موضحاً أن «التعديلات المقترحة ستلبي مطالب جميع القوى السياسية ولن تسمح لتيار معين بالانفراد بوضع الدستور»، في إشارة إلى «الإخوان». وقال زميله في المجلس رئيس حزب «النور» السلفي عماد عبدالغفور ل «الحياة»: «ندعم أن تكون لجنة إعداد الدستور ممثلة لكل طوائف المجتمع وأن تُشكل من خلال البرلمان، لكن يجب مراعاة التنوع في الاختيار». لكنه شدد على أن المجلس الاستشاري لن يختار لجنة إعداد الدستور «لأننا لا نريد مزيداً من الانقسام». وأوضح عضو المجلس رئيس «اتحاد كتاب مصر» محمد سلماوي أن «المجلس لا يصدر تشريعات ولا قرارات ولن يحل محل البرلمان... فقط سيناقش الأحداث ويطرح توصيات حتى لا يتفرد أحد بصنع القرار... من حق الجميع أن يتحدث عن معايير اختيار لجنة إعداد الدستور، ومن حق المجلس الاستشاري مناقشتها، لكن لن يستطيع إصدار قرار في شأنها، فهو ليس سلطة تشريع».