يبرر المخرج التلفزيوني الفلسطيني السوري المثنى صبح عودته عن نفيه تصوير مسلسل عن حياة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في وقت سابق إلى خوفه من «أن تُسرق الفكرة في هذه الزحمة الدرامية التلفزيونية التي نقبل عليها كل عام، بخاصة أن مسلسلات السيرة الذاتية لا تزال مغرية لشركات الإنتاج والفضائيات التي تجد فيها فرساً رابحة لساعات الذورة الرمضانية، ولسوق الإعلانات». لكنّ المسلسل المزمع تصويره لن يبدأ قبل عام 2014، «حين تكون قد اكتملت صورة الزعيم الفلسطيني الدرامية، ليس السياسي المناور والمراوغ الكبير، بل ذلك الإنسان الذي لا يعرف عنه الشيء الكثير». ويقول صبح في هذا الصدد إنه تلقى اتصالاً من سهى عرفات، باركت فيه المشروع وأبدت سعادتها للنجاحات التي حققتها الدراما السورية في العقد الأخير، ومنها مسلسلات لصبح مثل «جلسات نسائية» و«القعقاع» و«ليس سراباً». ويضيف صبح أن الدافع الرئيس لإعلانه عن مسلسل عرفات يكمن في أن شخصية الرئيس الفلسطيني تمتلك مواصفات البطل التراجيدي على الصعيدين الإنساني والسياسي، خصوصاً أن المرحلة الأولى من المسلسل التي تمتد منذ ولادته عام 1929، وحتى تاريخ احتلال فلسطين عام 1948 ستكشف بجلاء أن طفولة عرفات مرت بمنعطفات درامية فلسطينية شهد عليها المجتمع الفلسطيني الذي «كان يعيش حياة مدينية شبه مكتملة، خصوصاً في المدن الكبرى مثل يافا وحيفا». مقارنات مسبقة ولا يخشى المثنى صبح من عقد مقارنات مسبقة كتلك التي حصلت مع مسلسل «في حضرة الغياب»، ويقول: «عرفات شخصية مختلفة، ففي حين يكون بوسعك أن تحصل على معلومات كثيرة عنه عبر محرك البحث غوغل بخصوص نشاطاته السياسية إلا أن حياته الشخصية التي ظلت بعيدة من الأضواء، هي التي تشدنا لإنجاز مسلسل عنه، من خلال الاستعانة بمذكرات المقربين منه، وشهادات بعض من رافقوه في مسيرته الطويلة. وأظن أن البحث في التفاصيل الإنسانية في شخصيته والغوص فيها سيخفف كثيراً من الإشكالات السياسية التي قد تنشأ عن معالجتها درامياً». بالبطع لا يفوت المشاهد هنا، أن شيئاً من هذا تكرر أثناء الحديث عن مسلسل محمود درويش الذي عرض في الموسم الدرامي الماضي، ولقي الكثير من الانتقادات والاعتراضات التي لم تتوقف حتى هذه الساعة، حين يؤتى على ذكر هذا المسلسل. لكنّ صبح يرفض فكرة أن «تعقيماً» درامياً آخر سيطاول شخصية عرفات باعتبار أن الرقابة التلفزيونية المسبقة قد تفرض قيوداً على نمو هذه الشخصية الإشكالية في حاضنة درامية لا يمكن تسويغها، ويقول: «سنغوص في عوالم عرفات الإنسانية لنكشف عن مدى ترابط القضية الفلسطينية وتلازمها مع شخصيته الكاريزماتية، وليس عن مدى تفرقها عنه في الانعطافات الكبرى». ويوضح صبح ذلك قائلاً إن «التناول النسبي لشخصيته وعلاقته بالآخرين من حوله، بمعنى أنه ليس ملاكاً بالكامل أو شيطاناً بالكامل، بل إنساناً يخطئ ويصيب، سيحل علينا هذه الإشكالية حين نقدم المسلسل». ولا يخفي صبح أن ورشة عمل قائمة منذ الآن تقوم بجمع الوثائق اللازمة لإعطاء إشارة البدء بالكتابة، لافتاً إلى أنه لم يكن مبكراً أبداً الإعلان عن المشروع «بسبب الخوف على الفكرة من الضياع في سوق درامية معقدة». على صعيد آخر، تدور كاميرا المثنى صبح الشهر المقبل مع مسلسل «سكر مالح» من كتابة النجمة السورية أمل عرفة وبلال شحادات، وهو «مسلسل اجتماعي ساخر يتناول المهمشين في المجتمع السوري الذين يعيشون في قلب العشوائيات». أجندات ويقول صبح إن النص المكتوب استهواه، ويضيف: «ليس لدي أجندة مسبقة أسير عليها، والنص لا يعبر عن مرحلة سابقة كما قد يخيل للبعض، وإن كانت أزمات هؤلاء المهمشين تتكرر دائماً، فما يحصل منذ مئة عام قد يحصل الآن، فهم مهمشون على الدوام». ويقول صبح: «ليس لدينا إحصاءات دقيقة حول نسبة المهتمين في الشأن السياسي ونشرات الأخبار أو المسلسلات الدرامية، فالمسألة متفاوتة، والعمل الدرامي في حاجة إلى صدقية وواقعية وكتابة، وهذا يحتاج إلى وقت لا يقل عن ستة شهور في شأن أي موضوع تتناوله، وبالتالي فإن القضية تصبح في مرمى الكتاب وليس في ملعبنا نحن كمخرجين».