دأبت الفضائية الفلسطينية خلال الفترة الماضية على إعداد احتفالية خاصة في الذكرى السابعة لرحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. بدا واضحاً، أن هناك حنيناً وفقداً ونعياً في غالبية ما قدم، من فقرات وأغنيات وتغطيات وندوات أقيمت بهذه المناسبة، ولم يوفر تلفزيون فلسطين جهداً، في سبيل انجاح ما صبا إليه. في السياق ذاته، قدمت الفضائية الفلسطينية مجموعة من الأفلام الوثائقية، كلها تحكي سيرة الرئيس الراحل، وتتذكر سجاياه وصفاته، كزعيم قال عنه محمود درويش إنه صاحب الفصل الأطول في حياة الفلسطينين. والفصل يعني هنا، أنه الأطول درامياً، بما يعني ذلك. كما أشار درويش أيضاً، إلى أنه اللاعب التراجيدي الكبير الذي كان يلعب دائماً من خارج الخشبة، وهذا لا يؤثر بالطبع، في طريقة لعبه، بل ويضفي عليها قوانين جديدة لم تكن معروفة قبله. قد تبدو التغطية ضرورية في سياق تلفزيوني لا يمكن أن تتجاهله فضائية فلسطين تحديداً، لكنها قدمت مجموعة من الأفلام مثل «العاصفة مرت من هنا»، «عرفات»، «العرش المخملي»، وربما أفلام أخرى لم تتسن لنا فرصة مشاهدتها في هذه الزحمة الفضائية التي لا يراد لها أن تنتهي أبداً. وباستثناء فيلم «عرفات» الذي يختلف عن الفيلمين الآخرين لجهة السرد، فإنه ليس هناك ما يوحي بولادة فيلم وثائقي اشكالي، يحاكي شخصية اللاعب التراجيدي الأكبر في حياة كل الفلسطينيين، وجاء الفيلمان، وكأنهما يقفان عند اللحظة التي رحل فيها عرفات، قبل سبع سنوات. ربما لا يعود مهماً هنا في هذا السياق التوصيفي للحالة والمناسبة، التأكيد، وربما من قبل الشخصيات المستضافة في هذه الأفلام، على الصفات الشخصية للرئيس الراحل، وبعضها أوغل في تفاصيل، انتهت عند طريقة تقشيره للبيضة. العرش المخملي الذي جلس عليه عرفات من خلال طريقة اللعب المبتكرة التي أشار إليها درويش، تكتسب أيضاً نوعاً من الاشكالية، كان ممكناً لبعض هذه الأفلام، أن تستفيد منها، وتبحث فيها باعتبار، أنها تقدم شيئاً من طريقة اللعب على الخشبة، وإن بدت الكاميرا، أنه بإمكانها أن تقدم حلولاً أكثر ابتكاراً، وتنويعاً وفرادة، وهذا ما لم نلمسه في المواد المعروضة علينا. ولولا هذا السرد المختلف قليلاً الذي استند إليه المخرج جاد أبي خليل في فيلمه «عرفات» لقلنا إن ثمة اشكالية أكبر هنا، في طريقة توثيق حياة «اللاعبين الكبار»، لا تقل عن اشكالية عمل مسلسل درامي أو فيلم عنهم. بهذا المعنى يقدم – ربما – الشاب (الفلسطيني – البريطاني) مهدي فليفل في فيلمه الروائي القصير «أنا وعرفات» (2008) مادة أكثر اشكالية للسرد عبر الصورة، وإن كنا رأينا فيه من قبل اشكالية في الرواية من طرفه. ولكن بالمقارنة مع هذه الأفلام، التي عرضت علينا، يمكن القول، إن العرش سيظل اشكالياً، حتى حين يجري تقديم شخصية مثل ياسر عرفات في فيلم وثائقي يعرضه التلفزيون أيضاً.