المشهد الدرامي التلفزيوني العربي غني هذا العام، بعد عودة الدراما المصرية بقوة، وثبات الأعمال السورية بذات الجودة، رغم تأثير الأزمة السورية التي كان من حسناتها "درامياً" التخلص من كثير من المسلسلات الدخيلة على الإنتاج الدرامي. أما في الدراما الخليجية فعلى ما يبدو لا تزال لعبة الحنين النفسية "الناستالجيا" تستهوي منتجي الأعمال الكويتية من خلال عدد من المسلسلات مثل: (كنة الشام) و(ساهر الليل) وبدرجة أقل (شارع 90) من خلال التركيز على الأزياء والمكياج الذي يعود إلى حقب الستينيات كما في (كناين الشامية) أو التسعينيات كما في مسلسل (ساهر الليل وطن النهار) وكذلك مسلسل (حلفت عمري) لهدى حسين. بينما تعود نجمات الشاشة الخليجية حياة الفهد وسعاد عبدالله وهدى حسين إلى الدراما الاجتماعية الآنية في أعمال: (حبر العيون) و(خوات دنيا) و(خادمة القوم) إلى جانب المسلسلات "البناتية" والكوميديا الخليجية. من مسلسل «عمر» مسلسل عمر.. جمال الصورة والحوار يلتقي جمال الصورة البصرية، بجماليات الحوارات الدرامية السمعية، بشكل مبهر، في مسلسل (عمر) بن الخطاب رضي الله عنه. حيث يضعنا المخرج حاتم علي مباشرة مع الشخصية التي تجسد الخليفة الثاني مباشرة ودون مقدمات من المشهد الأول. هكذا إذن يظهر وجه الممثل الذي يجسد "عمر"، وكذلك بقية الصحابة في خطوة شجاعة تحسب للدراما العربية لأول مرة، بعد أن أصاب المخرج الفلسطيني الأصل اختيار الممثلين، وأيضاً بعد أن حصل على موافقات من الأزهر وأكثر من مرجعية دينية. وفيما يخص الحوارات التي يتحدث بها شخوص المسلسل التاريخي فقد سجلت إعجاباً ولقيت تذوقاً خاصاً من قبل الجمهور؛ حيث استطاع مؤلف المسلسل الدكتور وليد سيف أن يستعمل لغة سهلة ممتنعة لا تصعب على الفهم ولكنها أيضاً ليست من اللغة الفصيحة المتداولة بسهولة (الصحفية)، ضمن تراكيب جملٍ حفلت في كثير من الأحيان بموسيقى تعود بنا إلى لغة النثر الجاهلية. الدراما السورية.. والكوميديا المتألقة المشهد الدرامي السوري هذا العام متطور.. لا أحد يمكن أن يصدق أن البلد الذي يشهد كل هذه المحن والمآسي يمكن أن يعود بأعمال اجتماعية وتراثية وتاريخية وكوميدية بذات الجودة العالية، كمسلسل النجمة أمل عرفة (رفة عين) ومسلسل (المصابيح الزرق) عن رواية (حنا مينا) ضمن أجواء تذكر بمسلسل (نهاية رجل شجاع) إلى جانب عدد من الأعمال التراثية ومن بينها مسلسل (طاحون الشر) بطولة بسام كوسا وأيضاً (زمن البرغوث) بطولة أيمن زيدان. كوميدياً – وهي المفارقة- يعود مسلسل( بقعة ضوء)بجزئه التاسع ولكن بجرعة نقدية لاذعة ضد الوضع السياسي القائم ولكن من زاوية الكوميديا الاجتماعية. الميزة الأهم لمسلسل بقعة ضوء كحالة إنتاجية، أن السلسلة لا تعترف منذ بدايتها بالبطل الأوحد، وإنما على كوميديا الحكاية نفسها وبطولة القصة والشخوص لا النجوم؛ خلافاً للكوميديا المصرية القائمة بشكل أكبر على النكتة الشفهية( عادل إمام وفرقة ناجي عطاالله ) وبدرجة أقل الكوميدية الخليجية القائمة على التعليقات والسخرية اللسانية!. ومن الأعمال الكوميدية أيضاً هذا العام، مسلسل: ست كاز ل"أيمن رضا" وهو حول مشكلة الديزل ويتطرق لحياة مجموعة عاملين في محطة بنزين. وكذلك مسلسل( ابو جانتي في دبي ) لسامر المصري الذي يعد جزءا ثانياً عن مسلسل أبو جانتي (2010 ). "بنات العيلة".. بعد "أم البنات" لا تزال المحطات الفضائية المنتجة، تتحكم بشكل كبير، في المزاج الدرامي للجمهور المشاهد. إذ ليس سراً، أن تتكاثر المسلسلات التي تحشد عدد كبير من الفتيات، بعد نجاح مسلسل (أم البنات) لنشاهد مسلسلات مثل (بنات الثانوية والجامعة وملحق البنات..الخ)، إلا أن الجديد تحول هذه الظاهرة الخليجية إلى الدراما العربية والسورية تحديداً في مسلسل (بنات العيلة) وطبعاً بمباركة المحطات الفضائية نفسها، والتي تركز غالباً على المربح لا على المبدع، لنشر مسلسلات ستجد نسب مشاهدة لا بأس بها ولكن عند فئة الفتيات والمراهقين!. الدراما المصرية.. والنكهة السينمائية تطور كبير تشهده الأعمال الدرامية المصرية، وهو ما نبه له النجم السوري غسان مسعود. حيث نشاهد هذا العام مسلسلات مثل (زي الورد) وفرقة (ناجي عطا الله) وغيرها من مسلسلات تقدم بتقنية تصوير سينمائي، عالية الجودة، إلى جانب الإيقاع السريع للمشاهد. صحيح أن وجود الممثلين السوريين في المسلسلات المصرية ساهم في تحريك المياه الراكدة المصرية، إلا أن هذا ليس سوى عامل واحد، ينضم إلى عوامل من أهمها الانتفاضة الإنتاجية، التي دفعت المصريين إلى فهم التجربة السورية وأسباب نجاحها، وتقديم ما يمتلكونه أيضاً من مخزونهم السينمائي. فالدراما المصرية الجديدة، أجادت توظيف بيئة الانتاج السينمائي لمصلحة تقديم مسلسلات بدأت تسرق الأنظار.