قبل عام من الانتخابات الأميركية للرئاسة تنشغل معاهد الأبحاث الاستراتيجية الإسرائيلية في تحديد هوية المتنافسين على زعامة الحزب الجمهوري للتنافس أمام الرئيس الحالي من الحزب الديموقراطي باراك أوباما على الرئاسة، من دون أن تفصح علناً عن تفضيلها رئيساً جمهورياً على أوباما، ويرى باحثون في «معهد أبحاث الأمن القومي» في جامعة تل أبيب أن كل المرشحين الجمهوريين يتنافسون في ما بينهم على إثبات تأييدهم «القاطع» لإسرائيل، خصوصاً مع تقديم الفلسطينيين مشروع الاعتراف بدولة مستقلة لهم في الأممالمتحدة. ويرى رئيس «معهد أبحاث الأمن القومي» الديبلوماسي سابقاً عودد عيران أن التنافس الشديد والمتكافئ بين المرشحين الجمهوريين يصب في مصلحة الرئيس أوباما، مضيفاً أن الصورة قد تتغير في حال عدلت سارة بيلين، التي كانت مرشحة لمنصب نائبة الرئيس في الانتخابات الماضية عن قرارها عدم المنافسة في الانتخابات المقبلة، أو في حال نجح الجمهوريون في ترشيح «شخصية معتدلة» تخفف من تشدد البرنامج الانتخابي الجمهوري اليميني، مشيراً إلى أن جون هانتسمان وميت رومني يمثلان «الوسط» الجمهوري. وبرأي الكاتب فإن «الصوت اليهودي» سيكون حاسماً في الانتخابات المقبلة حيال تراجع تأييد اليهود الأميركيين للحزب الديموقراطي ورئيسه، مستذكراً نتائج الاستطلاع التي نشرتها مجلة «غالوب» قبل شهر وأفادت بأن فقط 54 في المئة من اليهود يؤيدون أوباما، مستدركاً بأن التأييد لأوباما تراجع بأكثر من 10 في المئة أيضاً في أوساط الأفرو- أميركيين. وأشار الكاتب إلى أن هذا التراجع كان وراء تعديل الرئيس أوباما سياسته تجاه إسرائيل ووقوفه إلى جانبها ضد اعتراف الأممالمتحدة بفلسطين دولة مستقلة. وأضاف أن أوباما يريد عملياً «تقليل الاحتكاك مع التيار المركزي في الجالية اليهودية في الولاياتالمتحدة للحيلولة دون منح خصومه الجمهوريين ذخيرة ضده في المعركة على الصوت اليهودي». مع ذلك، يرى رئيس المعهد أن ما سيحسم المعركة الانتخابية المقبلة هو المسألة الاقتصادية والبطالة «وهنا سنشهد معركة انتخابية بلا قفازات». ويشير إلى معارضة الجمهوريين مشروع القانون المتعلق بأماكن العمل والقاضي بتحويل 447 بليون دولار للاقتصاد الأميركي من خلال رفع نسبة الضرائب على الطبقات الغنية. ويرى الكاتب أن نجاح الرئيس أوباما في تمرير هذا القانون سيكون له وزنه الكبير في إعادة انتخابه مرة أخرى. ويضيف أنه في حال أفلح الرئيس الأميركي في توفير 125 ألف فرصة عمل جديدة شهرياً ورفع نسبة النمو الاقتصادي إلى 4 في المئة فإن الأميركيين قد يجددون الثقة به، وذلك على خلفية نجاحه في السياسة الأمنية والخارجية مثل «تصفية زعيم القاعدة أسامة بن لادن وسحب القوات الأميركية من العراق وخلع الرئيس الليبي معمر القذافي». وكانت الباحثة في المعهد جوانا ليندسي استعرضت قائمة المتنافسين على زعامة الحزب الجمهوري ومواقفهم من الصراع العربي الإسرائيلي، وأشارت بدايةً إلى أن كل المرشحين يتنافسون في ما بينهم على إثبات تأييدهم «القاطع» لإسرائيل، خصوصاً مع تقديم الفلسطينيين مشروع الاعتراف بدولة مستقلة لهم في الأممالمتحدة. وأضافت أن الجمهوريين يرون أن الفرصة مواتية لجذب «الصوت اليهودي» للجمهوريين بعد عشرات السنين من التأييد الجارف للديموقراطيين. وعلى رغم دعم اليهود المتزمتين في نيويورك، قبل شهرين، لمرشح جمهوري حل محل نائب ديموقراطي في الكونغرس، إلا أن الكاتبة تشير إلى أن وجهة تصويت اليهود المتزمتين، المعروفين بمواقفهم اليمينية المتشددة، لا تعكس بالضرورة موقف عموم اليهود الأميركيين، مشيرةً إلى أن تراجع تأييد اليهود للرئيس أوباما يتناسب وتراجع التأييد لدى عموم الجمهور الأميركي. واستذكرت الكاتبة المواقف التي أطلقها المتنافسون على زعامة الحزب من إسرائيل، في مقدمهم حاكم ماساتشوستس سابقاً ميت رومني، الذي أشار آخر استطلاع للرأي في أوساط الجمهوريين إلى أنه يتمتع بتأييد 20 في المئة منهم، وإعلانه أنه ينبغي على الولاياتالمتحدة أن تؤيد إسرائيل «ليس في الأوقات المريحة فحسب إنما علينا أن نتحرك كأفراد وكأمة ضد الحملة العالمية لنزع الشرعية عن إسرائيل»، مضيفاً أنه ينبغي على الولاياتالمتحدة أن تعيد النظر في علاقاتها مع كل دولة تدعم الاعتراف بفلسطين دولة مستقلة. وأعلن أيضاً أنه لا يمكن التسليم بإيران نووية «لأن هذا ربما التهديد الوجودي الأكبر الذي تتعرض له إسرائيل». واعتبرت الكاتبة أن المتنافس الثاني هرمان كين فشل في بلورة سياسة ذكية تجاه إسرائيل، وأشارت إلى أن ثقة اليهود به تزعزعت بعد أن «أخطأ في اقتراحه لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو بأن يؤيد حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم التي تركوها داخل إسرائيل». واعتبرت ليندسي المرشح الثالث، من حيث الشعبية في أوساط الجمهوريين، ريك بيري واحداً من أشد المناصرين المحافظين في الحزب الجمهوري لإسرائيل. واستذكرت إعلانه قبل شهرين أن القدس يجب أن تبقى تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة، واتهامه الرئيس أوباما بأن سياسته شجعت الفلسطينيين على عدم التفاوض المباشر مع إسرائيل. في المقابل، اعتبرت الباحثة عضو مجلس النواب الأميركي ممثلاً عن ولاية تكساس المتنافس الرابع رون بول أكثر المتنافسين الجمهوريين الذين يحملون أفكاراً ليبرالية. وأشارت إلى تنديده بين الفترة والأخرى بالدعم الاقتصادي الأميركي وأحياناً السياسي لإسرائيل، كما انتقاده أخيراً المبادرة الأميركية للجم المشروع الفلسطيني للاعتراف بفلسطين دولة مستقلة. ووصفت الكاتبة المرشح الخامس رئيس مجلس النواب سابقاً نيوت غينغريتش (نال 7 في المئة من أصوات الجمهوريين) الأكثر تحمساً وتطرفاً بين سائر المرشحين في تأييده إسرائيل، لافتة إلى تهجمه على الرئيس أوباما بسبب «سياسته الانتحارية». وكان اعتبر في عام 2010 أن «أخطاء البيت الأبيض تجاه إسرائيل ستقود إلى كارثة ثانية»، وطالب الإدارة الأميركية بحجب تمويلها الأممالمتحدة في حال اعترفت بفلسطين. وبرأي الباحثة فإن النائب في الكونغرس عن ولاية مينسوتا المتنافسة ميشيل بكمان لا تقل تطرفاً عن غينغريتش، وهي التي وصفت كل من يخون إسرائيل ب «اللعين» واعتبرت حدود عام 1967 غير آمنة لإسرائيل.