تعدّ الأميّة تحديّاً عالمياً أساسياً، فهناك 796 مليون شخص في أنحاء العالم لا يستطيعون القراءة أو الكتابة (أي ما يعادل 16 في المئة من البالغين بحسب دراسة أجرتها منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة-يونسكو). ثلثا هؤلاء الأشخاص الأميين تقريباً هم نساء. وفي هذا الإطار، حدد برنامج «التعليم للجميع» الذي أطلقته اليونسكو هدفاً يقضي برفع نسبة الإلمام بالقراءة والكتابة لدى البالغين بنسبة 50 في المئة بحلول عام 2015. لكن هناك أيضاً مشكلة 67 مليون طفل حول العالم لا يرتادون المدرسة. وإن لم يتمّ بذل المزيد من الجهود، سيرتفع هذا العدد إلى 72 مليوناً بحلول عام 2015. يمكن للتفاعلية الرقمية الجديدة عبر الإنترنت والاتصالات الجوّالة الإسهام في شكل كبير في نشر المعرفة الأكاديمية والمعرفة خارج المنهج المدرسي. فما هي فرص التعلّم الجوّال؟ يشهد عالم الإعلام تغييراً تاريخياً. فالإعلام الرقمي يضطلع بدور متزايد الأهمية في نشر المعلومات، وربط الأشخاص ببضعهم البعض، وإشراكهم في اتخاذ القرارات الاجتماعية والسياسية. ومع التغير الذي يشهده العالم العربي، تمّ تسليط الضوء على مساهمة وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة والإنترنت. توفّر التربية ونوعيتها غيّرت الوسائل التكنولوجية الجوّالة والخدمات الرقمية مثل المدوّنات ومواقع «ويكيز» و«تويتر» و«فايسبوك» في أنحاء العالم، الطريقة التي يطلع فيها الأشخاص على المعلومات ويتواصلون مع بعضهم البعض. ولكن، إلى أي مدى يمكن أن يؤدي استخدام المعلومات الجوّالة وتكنولوجيا الاتصالات إلى دعم وتدريب وتعليم أشخاص قادمين على الأرجح من مجتمعات محرومة؟ بالتالي، تركّز خطة العمل الخاصة ببرنامج «التعليم للجميع» في شكل أساسي على الترويج للتعليم في عمر مبكّر وعلى الحصول على فرص التعليم الأساسي والتدريب، وعلى المساواة بين المرأة والرجل، وتقليص نسبة الأمية في العالم. وإلى جانب الحكومات والمؤسسات، انضمت الشركات الخاصة أيضاً إلى هذه الشراكة الخماسية. نحن على ثقة بأن التعليم الجوّال يمكنه دعم عملية نشر المضمون التعليمي، حتى في المناطق التي تشهد نزاعات وفي الدول النامية. لا شكّ في أن التعلّم باستخدام الأجهزة المحمولة والتطبيقات لا يحلّ مكان مفاهيم التعليم التقليدية، بل يكمّلها من خلال الترويج للخبرات في الوسائل الإعلامية والمناهج. 25 نقطة لتقييم الطلاب تساوي 115 تريليون دولار أفادت دراسة أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن تحسينات طفيفة في مجال التعليم تحقق نمواً اقتصادياً كبيراً في البلد. وفي الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، من شأن تحسّن في أداء الطلاب 25 نقطة بيزا خلال السنوات العشرين المقبلة أن يرفع النمو الاقتصادي بقيمة 115 تريليون دولار. وأظهرت دراسة أجرتها كلية الطب في جامعة «جونز هوبكنز» في بالتيمور في الولاياتالمتحدة مدى تأثير التعليم على فرص التنمية البشرية. وقد تمّ إجراء المسح على 590 ألف عائلة في إندونيسيا و395 ألف عائلة في بنغلادش. في كلا البلدين، لا يزال سوء التغذية وتقزّم الأطفال شائعين. ووجد الباحثون أنّ حصول الأم على تعليم أفضل قد يقلّص خطر تقزّم الأطفال بنسبة تتراوح بين 4 و5 في المئة لكلّ سنة إضافية من التعليم. نحن نرى بالتالي أنّ تعاون المؤسسات لا يقوم فقط على تقديم التمويل لتحقيق نجاحات على المدى القصير، بل يضمّ مشاريع ذات تأثير مستدام. فيعتبر حصول مجموعات السكان المحرومة على التعليم والمعلومات والمعرفة ملائماً لتطبيق فكرة «مساعدة الأشخاص على مساعدة أنفسهم». على سبيل المثال، أطلقت شركة «نوكيا»، بالتعاون مع الحكومة في جنوب أفريقيا برنامجاً ل«تعلم الرياضيات» يساعد الطلاب على تحسين مهاراتهم في الرياضيات وعلى مراقبة إنجازاتهم التعليّمية. لقد تمكنا لغاية الآن من بلوغ 72 أستاذاً في 30 مدرسة وأربعة آلاف طالب بفضل هذا البرنامج. يستخدم حوالى 70 في المئة من الطلاب هذه التطبيقات خارج حرم المدرسة. وتحسن الأداء في المدرسة في جنوب أفريقيا في أقل من سنتين بنسبة 14 في المئة. وعام 2011، سنوسع البرنامج ليشمل 150 مدرسة و200 ألف طالب. ومن بين ميزات الهواتف الجوالة (حتى في الدول التي تشهد تغيرات والدول النامية) التواجد في كل مكان وباستمرار إلى جانب الدلالات الإيجابية التي تخلّفها على الأولاد والشباب. يعدّ ذلك كلّه متطلّبات مهمّة لمبادرات التعلّم الجوّال. وقد أطلقت منظمةDeutsche Gesellschaft für Internationale Zusammenarbeit والوزارة الفيديرالية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية برامج حول التعلّم الجوّال في هذه السنة مثل منصة التعلّم «أم ليرنينغ» بهدف البحث في إمكان تقديم الهواتف الجوّالة فرص تعليمية. رفع وضع التربية لا يؤدي تطبيق البرامج التعليمية المبتكرة مثل «أم ليرنينغ» إلى نتائج واعدة فحسب بل يصب في مصلحة التربويين وصانعي السياسات في أنحاء العالم. وثمة طلب ملموس على تحسين التعليم وتبادل الممارسات الفضلى على المستوى العالمي إلى جانب إشراك جميع الفاعلين في القطاعين الخاص والعام في ذلك. تلبي فكرة مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم التي أطلقتها مؤسسة قطر هذا الطلب. تنعقد القمة في كلّ سنة في مدينة الدوحة في قطر. لقد ناقشت موضوع «أم ليرنينغ» عام 2010 وستكرس جلسة نقاش كاملة له خلال عام 2011. يعد مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم فرصة سنوية لاكتشاف المشاريع الرائدة والمؤثرة من أنحاء العالم وفهمها. ومن موقعي كعضو في لجنة توزيع جوائز مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم لعام 2011، يشرفني أن أكون جزءاً من هذه المبادرة التي قدّمت جوائز لمشاريع مهمّة مثل مشروع التعلّم عن بعد في غابة الأمازون الذي يعدّ برنامج تعلّم جوّال ناجح للطلاب الذين يصعب الوصول إليهم ومبادرة «أوبين كورس وير» من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أو مشروع Smallholders Farmers Rural Radio. سيكون مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم الذي سينعقد في الدوحة من 1 لغاية 3 تشرين الثاني (نوفمبر) فرصة للأشخاص الذين ينالون جائزة القمة لعام 2011 لعرض مشاريعهم. وستكون هذه مناسبة لإعلان اسم الحائز على الجائزة الأولى التي تُمنح لشخص ساهم في ميدان التعليم في العالم. إيسكو آهو هو رئيس وزراء فنلندا بين 1991-1995، وهو عضو في لجنة توزيع جوائز مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم Awards WISE لعام 2011، وعضو في المجلس التنفيذي في شركة «نوكيا» يُعنى بنشاطات الشركة في ميداني الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية.