الرياض - رويترز - خرجت البنوك السعودية من الربع الثالث بأرباح تقترب من ال 30 في المئة، بفضل انحسار أزمة تجنيب المخصصات، لكن محللين يرون أن تحقيق طفرة في أرباح البنوك قد يستغرق وقتاً.وارتفعت أرباح 11 بنكاً سعودياً مدرجاً في البورصة 29.3 في المئة خلال الربع الثالث، لتصل إلى 6.5 بليون ريال مقارنة ب 5.01 بليون ريال في الربع المماثل من العام الماضي.ويقول المحللون إنه بعد انحسار أزمة المخصصات يجب على البنوك البحث عن منتجات جديدة، والتوسع في الإقراض وهو ما قد يتطلب بعض الوقت والتشريعات التي تضمن تجنب المخاطرة. وخلال الأشهر التسعة الأولى من 2011 بلغ صافي أرباح البنوك 19.6 بليون ريال بزيادة 17.4 في المئة عن 16.7 بليون ريال قبل عام. وقال المحلل الاقتصادي عضو جمعية الاقتصاد السعودي عبدالحميد العمري ل«رويترز»: «دخلت البنوك اليوم منطقة التحول بعد الانتهاء من معالجة المخصصات، وبالتالي سنتطلع لآفاق أوسع. بدأنا نشهد تقلص الفجوة بين النمو في الودائع والنمو في الإقراض. لكن مستوى الإقراض لم يعد إلى المستويات السابقة». أما مدير الاستثمار لدى مجموعة بخيت الاستثمارية هشام أبو جامع فقال: «يلاحظ على البنوك أن عملية تحسين جودة الارباح لا تزال غير موجودة. كل الزيادة (جاءت) نتيجة لانخفاض في المخصصات». وتابع: «ينبغي للبنوك طرح منتجات تلبي الحاجة الماسة للمواطنين والشركات للاقتراض. على رغم أن الشروط والمتطلبات قد تكون صعبة لكن يجب على البنوك أن تمسك العصا من المنتصف كما يقولون». واضطرت معظم البنوك السعودية لاتباع سياسة متحفظة العام الماضي، وتجنيب مخصصات مرتفعة خلال العام بأكمله لتغطية خسائر قروض متعثرة تكبدتها في الربع الأخير من 2009، الأمر الذي أثر في الربحية وفي أداء أسهمها في 2010. وقدر العمري المخصصات التي جنبتها البنوك منذ بداية الأزمة العالمية بنهاية 2008 وحتى نهاية عام 2010 بنحو 25 بليون ريال، قائلاً إن ذلك يعادل نحو أربعة في المئة من حجم الودائع. ويرى المحللون أن إقرار قانون الرهن العقاري سيكون أحد الأبواب التي تمكن البنوك من تحقيق أرباح قوية في ظل الطلب الكبير على المساكن في السعودية. ويقول الخبير الاقتصادي عبدالوهاب أبو داهش: «الحذر السائد بسبب غموض الرؤية بشأن الاقتصاد العالمي يجعل البنوك متحفظة في الإقراض. نحتاج لإقرار أنظمة الرهن العقاري حتى تبدأ البنوك دخول هذا القطاع».وذكر العمري أن التمويل العقاري «باب كبير جداً لتعزيز دخل البنوك وتعزيز هوامش أرباحها. تمويل العقار يمثل 11 في المئة من إجمالي محافظ البنوك السعودية، وهو رقم أدنى بكثير من المعدلات العالمية».وتواجه السعودية مشكلة إسكان كبيرة بسبب النمو السريع للسكان وتدفق العمال الأجانب على المملكة مع تنفيذها خطة إنفاق على البنية التحتية بقيمة 580 بليون دولار.ويؤدي عدم وجود قانون تمويل عقاري واضح المعالم - والذي يجري اعداده منذ نحو عشر سنوات - لغياب الاطار الذي يحكم الملكية العقارية، ما أثنى البنوك الأجنبية عن اقراض شركات البناء، وحال دون دخول شركات بناء خاصة إلى السوق. ويقول خبراء بالقطاع إن معدل انتشار التمويل العقاري في السوق العقارية السعودية لا يتجاوز اثنين في المئة.وقال العمري: «العقار مستوياته مرتفعة ومعرض لتصحيح أسعار خلال الفترة المقبلة. ربما يجري تأجيل صدور قانون التمويل العقاري لحين الانتهاء من عمليات التصحيح السعري بالقطاع». وأشار إلى أنه إذا بدأت البنوك في نشاط التمويل العقاري في الوقت الحالي، وحدثت حركة تصحيح لأسعار العقارات «فستحدث حالة من العدوى ينتقل أثرها إلى القطاع المصرفي».وبعيداً عن القطاع العقاري تتحفظ البنوك بشدة بشأن تلبية حاجات القطاع الخاص، لاسيما قطاع المقاولات الذي يشهد انتعاشاً في ظل خطة التنمية السعودية والإنفاق الحكومي السخي على البنية الأساسية، والبالغ 580 بليون ريال. ويرى أبو داهش أن السبب وراء عدم لجوء البنوك السعودية لتمويل القروض طويلة الاجل يرجع لهيكل الودائع، إذ يبلغ متوسط أجل الودائع عامين إلى ثلاثة اعوام، فيما يبلغ متوسط أجل القروض عشر سنوات، ولهذا لا تقدم البنوك على ذلك. وقال ل«رويترز»: «كما أن انخفاض أسعار الفائدة لا يسمح للبنوك بتحقيق هوامش ربحية عالية». وكان الجاسر قال في وقت سابق من هذا الأسبوع إن النمو القوي للاقراض للقطاع الخاص والذي زاد على 9 في المئة في الاشهر التسعة الاولى للعام يشير الى وجود طلب قوي، مضيفاً أن مستويات اسعار الفائدة مناسبة في الوقت الحالي، اذ لا تبدو أي علامة على التضخم من جراء خطوات التحفيز النقدي.وسئل هل يعني ذلك ان نمو الائتمان ينبغي ان يكون في خانة العشرات فرد بقوله: «شيء من هذا القبيل. والامر يتوقف ايضاً على ما إذا كان الائتمان سيذهب الى أنشطة انتاجية ويؤدي الى النمو، فحينها لن يقلق المرء كثيراً بشأنه، أم سيذهب لتمويل أنشطة مضاربة فعندئذ سيقلق المرء». وكانت «ساما» ابقت سعر فائدة الريبو عند 2 في المئة منذ كانون الثاني (يناير) العام 2009 وفائدة الريبو العكسي عند 0.25 في المئة منذ حزيران (يونيو) من العام نفسه.ويتعين عليه ان يبقي أسعار فائدته الرئيسة قرب أسعار الفائدة الاميركية لتفادي ضغوط مفرطة على ارتباط الريال بالدولار. ويرى العمري أن المشكلة في التوسع في الإقراض لقطاع المقاولات لا تتعلق بالبنوك بقدر ما تتعلق بالحرص على تجنب المخاطر، والتشريعات التي تحمي البنوك. قطاع المقاولات يعاني مشكلات كبيرة، وهناك طلب لا يجد من يموله».وزاد: «معدل إقراض قطاع المقاولات لا يتجاوز واحد في المئة من إجمالي القروض التي تمنحها البنوك، والبنوك متحفظة لعدم وجود أنظمة تحميها، هذا مجال واعد جداً، لكن إذا صدرت التشريعات التي تحمي البنوك من مخاطر القطاع».