بدأت البنوك السعودية في خفض سعر الفائدة على القروض الاستهلاكية في سابقة تعد الأولى من نوعها، في الفترة الأخيرة حيث قدمت عروضا لقروض بفوائد 1.8 % مستهدفة تجمعات الموظفين في الشركات والجهات الحكومية. وتشير مصادر مصرفية إلى أن نسبة المرابحة المقررة في برامج التمويل والقروض الشخصية تعد أقل مقارنة بنسبة المرابحة التي منحتها البنوك للعملاء منذ بداية طرح برامج التمويل الشاملة، وذلك تزامنا مع المنافسة التي يشهدها القطاع المصرفي في استقطاب العملاء. وقال كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري الدكتور سعيد الشيخ إن هذه الخطوة تصب في مصلحة العملاء، وهو دليل على أن البنوك السعودية نجحت في توسيع دائرة الإقراض والتمويل الشخصي بين عملائها السعوديين والمقيمين، وشكلت عمليات الإقراض عبر المنتجات الإسلامية النسبة الغالبة التي تأتي في مقدمتها عمليات التورق الإسلامي في السلع المحلية. وأشار الشيخ إلى أن تخفيض نسبة المرابحة في القروض الاستهلاكية يأتي مرتبطا مع قرار تخفيض الفائدة، مشيرا إلى أن ذلك يمنح البنوك حركة منافسة دون تجاوز الحد المسموح به عند إجراء أي تخفيض على هامش المرابحة. من جانبه قال الخبير المصرفي عبدالهادي شايف ومدير عام البنك الأهلي الأسبق إن قرار خفض الفائدة على القروض الاستهلاكية يعزز الإقبال عليها كونها أصبحت مشجعة للعملاء الذين هم بحاجة ماسة إلى السيولة المالية للاستفادة منها في تأمين احتياجاتهم، مشيرا إلى أن العملاء يطمحون إلى طبيعة الخدمات المصرفية التي تتميز بالشمولية وليس الأمر مقتصرا على تخفيض النسبة فقط. وتوقع اقتصاديون أن يشهد النصف الثاني من العام أداء أكثر إيجابية لقطاع البنوك المدرجة بسوق الأسهم مع تحسن الإقراض وتراجع المخصصات وبعدما سجلت نموا بنسبة 15 % في صافي أرباح الربع الثاني. وتكهن الاقتصاديون بأن يسجل القطاع نموا لا يقل عن 10 % ولا يزيد على 20 % على أفضل تقدير خلال العام بأكمله. حيث بلغت أرباح 11 مصرفا مدرجا بسوق الأسهم 6.82 مليار ريال في الربع الثاني مقابل 5.93 مليار ريال في الربع المماثل من 2010. وحققت بنوك الإنماء والسعودي للاستثمار والجزيرة والبلاد وساب أعلى نسبة نمو في الأرباح خلال الربع الثاني. وارتفعت أرباح جميع البنوك عدا مجموعة سامبا المالية التي تراجع صافي أرباحها نحو 10 %. وخلال النصف الأول من العام ارتفعت أرباح البنوك نحو 12 % إلى 13.08 مليار ريال من 11.7 مليار قبل عام. وتعليقا على النتائج قال عضو جمعية الاقتصاد السعودي عبدالحميد العمري ل«رويترز»: «إن البنوك بعد انتهائها من تجنيب مخصصات بلغت نحو 25 مليار ريال على مدى العامين والنصف الماضيين لتغطية قروض متعثرة وبعد انتهائها من إعادة هيكلة محافظ الإقراض اضطرت لاتباع سياسة متحفظة العام الماضي وتجنيب مخصصات مرتفعة خلال العام بأكمله لتغطية خسائر قروض متعثرة تكبدتها في الربع الأخير من 2009 الأمر الذي أثر في الربحية وفي أداء أسهمها في 2010». وقال العمري «لاحظنا للمرة الأولى نموا في الائتمان لكن هذا لا يمنع القول إن البنوك لا تزال متحفظة تجاه بعض الأنشطة الاقتصادية كقطاع المقاولات الذي يحظى بإنفاق حكومي قوي». وتوقع العمري استمرار نمو القطاع خلال النصف الثاني من العام وقال إن النمو ربما لا يكون قويا خلال الربع الثالث لكن سيكون ملحوظا في الربع الأخير من العام لاسيما مع تركيز البنوك على المعاملات المصرفية للأفراد. من جانبه قال رئيس الأبحاث لدى الرياض المالية عاصم بختيار «نتائج البنوك جاءت متماشية مع التوقعات ومن المرجح أن يكون النصف الثاني من العام أفضل كثيرا من النصف الأول كان مستوى المخصصات التي جنبتها البنوك أقل من المتوقع لكن الربع الأخير قد يشهد بعض المخاطر مع تجنيب البنوك لمخصصات أكبر بنهاية العام». وتوقع بختيار نمو القطاع بأكمله بنسبة لا تزيد على 10 % خلال عام 2011 فيما رفع العمري تلك التوقعات لما بين 15 و 20% في أفضل الحالات. وحول إمكانية تأثير ذلك في البنوك السعودية قال بختيار «رغم أن العوامل الأساسية للسوق السعودية قوية جدا والقطاع المصرفي يسير في الاتجاه الصحيح لكن قد تؤدي المخاطر التي تشهدها الأسواق العالمية ولاسيما في منطقة اليورو وأمريكا إلى تراجع معنويات المستثمرين في السوق المحلية.. لكن من الصعب تخمين قوة ذلك التأثير»، وأضاف «تجاهل المستثمرون النتائج الإيجابية للشركات السعودية، وهذا يظهر الأداء الضعيف لسوق الأسهم السعودية حاليا». وبالعودة إلى فائدة القروض الجديدة رفض كثير من الشباب تلك لعروض مؤكدين أن تخفيض الفائدة على القروض سوف يزيد الديون على الشباب ما لم يتم استثمارها في مشروعات ناجحة وذات جدوى اقتصادية عالية. ويشاركهم في الرأي محمد الغامدي الذي يشير إلى أن الكثير من الشباب يلجؤون إلى الاستدانة من أجل تسديد القروض الحالية وطلب قرض بالعمولة الجديدة معتقدين أنهم بهذه الخطوة يستفيدون من التخفيض، في حين أن ذلك يزيد الالتزامات المالية عليهم. وطالب الشباب البنوك بالمصداقية في هذا النوع من الحملات التسويقية والتي ينطوي تحتها بعض المغالطات، حيث إن النسبة المعلنة تختلف عما يتم الإعلان عنه، فبعد طلب التمويل يتضح أن هذه النسبة تراكمية «فائدة مركبة» وليست لمرة واحدة «فائدة بسيطة». وأبدى العديد من العملاء استغرابهم في حصر العروض على القروض الاستهلاكية، في حين أن القروض العقارية لا تزال مرتفعة مقارنة بما تقدمه البنوك في دول الخليج المجاورة؛ حيث إن التشجيع على القروض العقارية يصب في مصلحة العملاء ويساعدهم في تأمين منزل. يشار إلى أنه من المتوقع أن ترتفع حدة المنافسة في القطاع بعد دخول البنوك الخليجية إلى السوق المحلية والترويج للقروض الاستهلاكية عن طريق منح العملاء نسبة مرابحة منخفضة مقارنة بما تمنحه البنوك السعودية لعملائها على برامج القروض الشخصية والتمويل وبطاقات الائتمان وغيرها من الخدمات المصرفية .