يحتل الخبرالإيراني منذ أيام وبعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، صدر نشرات الأخبار في الفضائيات شرقاً وغرباً، وفي موازاة التصريحات والتصريحات المضادة للمسؤولين وأقطاب النظام، وتحليلات السياسيين المتبانية، ثمة صورة أخرى يرسمها الشارع الإيراني تسربت إلى الشاشات عبر قنوات لم تكن متوقعة، على رغم «القبضة الأمنية الثقيلة» الساعية إلى حجب ما يجري تحت سماء طهران. لن نخوض، هنا، في السياسة، وفي نزاهة الانتخابات أو عدمها، ولكن لا بد من الإشارة إلى أن أجهزة الأمن الإيرانية، وهذه حقيقة يصعب إنكارها، قد ضيّقت الخناق على مراسلي وسائل الإعلام المختلفة، وراحت «تصطاد» أية كاميرا محمولة، ووصل بها الأمر إلى حد منع بعض المراسلين من إرسال تقارير إلى مؤسساتهم، كما فعلت مع مراسل «بي. بي. سي»، وإلى حد الاعتقال، كما فعلت مع مراسل صحيفة «واشنطن تايمز». وسط هذا «القمع الفضائي»، نَشَطَ بعض الهواة في توثيق ما يجري عبر كاميرات الهواتف النقالة التي تصعب مراقبتها، وسرعان ما وجدت تلك الصور والمشاهد طريقها نحو المواقع الإلكترونية مثل يوتيوب، وازدهر «إعلام الهواة» على موقع «تويتر» للمدونات القصيرة، و«فيسبوك» للتعارف، و«فليكر» لتبادل الصور، وكان على المؤسسات الفضائية الكبرى، بعدما تعذر على مراسليها القيام بمهماتهم بصورة مهنية مريحة، أن تستعين بتلك المواقع، وتعتمد على أخبار وصور المواطنين العاديين. عندئذ، حفلت الشاشات بصور القمع والقتل والدخان والحرائق والمواجهات الدامية...، وبدت تلك الصور، على رداءتها، معبّرة عن حالة الغليان الشعبي الذي لا تتورع سلطات الأمن عن إخماده بأكثر الأساليب قسوة، بحسب تلك الصور. ما يهمنا في هذا السياق هو أن التكنولوجيا تتيح لأي كان أن ينقل الحدث، وتظهر عجز الجهات الأمنية عن عزل ما يجري في طهران عن الرأي العام العالمي وعن المجتمع الدولي، فحالها في ذلك كحال من يحاول «حجب الشمس بغربال»! ولئن كانت المواقع الإلكترونية، التي أثبتت نجاحها في الحدث الإيراني غير متاحة أمام جميع المشاهدين، فإن الفضائيات، وهذه يتابعها الملايين، بادرت إلى تلقف تلك المشاهد وبثتها علناً. حتى وقت قريب كنا نعتقد بأن الفضائيات قادرة على نقل كل شيء، لكن ما جرى في طهران أظهر ان للفضائيات حدوداً لن تستطيع تجاوزها، ثم أثبتت الأحداث ذاتها أن ثمة بدائل يصح فيها المثل العربي «يأتيك بالأخبار من لم تزود»! وإذا كان صحيحاً أن تلك الأخبار والصور تفتقر إلى الصدقية، قياساً إلى أخبار الفضائيات الموضوعية، فإن الصحيح، كذلك، أن حساً إعلامياً راح يبرز في مقابل «الحس الأمني». أكثر من ذلك فإن تلك الصور المؤلمة التي التقطها الهواة والعابرون، استطاعت أن تحرج «دعاة الديموقراطية في إيران»، وأن تثير جدلاً في عواصم القرار، وأن توضح الكثير من الالتباس الذي يلف المشهد السياسي الإيراني!