يمثل أمام المحكمة الاسرائيلية العسكرية هذه الايام اربعة جنود كانوا يشكلون فرقة حراسة في الحرم الابراهيمي في الخليل. والحادثة التي أوصلتهم الى قفص الاتهام هي عملية الضرب والتعذيب الى درجة القتل بحق الشاب عمر ابو حمدية. لكن تحقيق "الوسط" يظهر ان هناك جرائم حرب اخرى ارتكبها افراد هذه الفرقة بحق فلسطينيين آخرين، لكن من شدة خوفهم لا يجرؤون للحديث عنها. أحمد الرجبي، عامل فلسطيني لم يتعد العشرين من عمره. يسكن مع عائلته بالقرب من الحرم الإبراهيمي في الخليل ولا تبعد بيوت المستوطنين عنهم كثيراً. اعتادت العائلة كبقية الفلسطينيين على المواجهات مع المستوطنين، تضربهم مرة ويضربونها مرة، ولكنها عندما وقع ابنها ضحية جنود ساديين حوّلوه الى هدف انتقام وتسلية لهم أصبح الأمر فوق قدرتها. عقارب الساعة تقترب من العاشرة صباحاً. قرر احمد ان يتوجه الى المنطقة الصناعية في الخليل بحثاً عن عمل لعل يومه هذا يكون افضل ويجد ما يسد فيه رمق العيش لعائلته بعدما أصبح المعيل الوحيد لهذه العائلة بعد وفاة الوالد. وراح أحمد يحدثنا عما جرى له: "بعد مسافة قصيرة من البيت اقتربت مني سيارة جيب عسكرية وخرج منها اربعة جنود أمرني احدهم بالتوقف. نفذت الاوامر، وبصراحة بدأت ارتجف لأنني سمعت عن عمليات التعذيب التي يقوم بها الجنود الذين يتجولون في سيارات العسكر. اقترب أحدهم وطلب مني ان أخرج من جيبي كل شيء. صرخ بوجهي: التلفون اي الهاتف الخليوي. الجزدان. كل ما تحمله" كانت لغته عربية ركيكة وبدا كأنه لا يعرف الا هذه الكلمات. ثم اقترب مني جندي آخر، وكان يجيد العربية وقال لي: "سلّم له كل شيء أفضل لك". والحقيقة انني استسلمت لهم وقلت في نفسي إذا لم اتجاوب معهم فسيكون الموت مصيري. وكان معي 50 شاقلاً 10 دولارات وجهاز هاتف خليوي وبعض الاوراق أخرجتها من جيبي فأخذها هذا الجندي ثم قهقه باستهزاء وقال: "جاءت الآن المرحلة الثانية. اصعد الى سيارة الجيب". عندها قلت جاءت نهايتي. "سار الجنود بسرعة جنونية حتى وصلوا الى طريق ترابية، وكان هناك جندي آخر في المكان فاقتربوا منه ثم أخرج أحدهم كيساً من جيبه فيه اوراق مطوية، وقال: "هذا حظك. اسحب ربما يكون الحظ وفيراً" لم أعلم ما في داخل الكيس فسحبت ورقة وكان قد سجل عليها "اضربني على يدي ورجلي" وهكذا حصل. أخذوني جانباً وبدأوا بضربي على يدي ورجلي حتى شعرت بأنني فقدت الوعي فتركوني". ما حصل لأحمد "نقطة في بحر". عمليات التعذيب التي تعرض لها الفلسطينيون في العام الماضي من الوحدة العكسرية التي تواجدت في منطقة الخليل أصبحت قصتها اليوم على كل شفة ولسان في اسرائيل والعالم. اسلوب تعذيب أحمد أُطلق عليه "تعذيب الحظ"، فهؤلاء الجنود كانوا يضعون اوراقاً في كل واحدة منها طريقة ما لتعذيب المعتقل في مكان ما من جسده ويختار الفلسطيني واحدة فتتحول منطقة الجسم التي تكون مسجلة في الورقة الى هدف الاعتداء السادي لهؤلاء الجنود. ويؤكد شهود ان الاوراق تتضمن الاعتداء على الرأس او الوجه او الأطراف او الأنف. وكان الجنود يعتدون على الفلسطيني بقسوة ويتركونه ينزف الى ان يصل فلسطينيون آخرون ينقلونه الى المستشفى. وتشكّل عملية الاعتداءات هذه جزءاً بسيطاً من الاساليب التي اتبعها عدد من جنود هذه الوحدة التي قرر الجيش تفكيكها بعد الكشف عن هذه الفضائح والتي شملت ايضاً السرقات والتخريب والعبث بالممتلكات. ومن اصل مئة جندي في هذه الوحدة قدمت لوائح اتهام ضد 11 منهم، اربعة بتهمة قتل الفتى الفلسطيني عمران ابو حمدية الطالب في الصف الثاني عشر وابن السابعة عشرة من عمره، قبل حوالى ستة اشهر، انتقاماً للعملية الاستشهادية التي نُفّذت قرب الحرم الإبراهيمي وقتل فيها 12جندياً اسرائيلياً. وعلى اثرها قرر ارييل شارون السيطرة على الطريق الذي يوصل بين كريات اربع والحرم الابراهيمي ليضمن "أمان المستوطنين" وتوسيع هذا الطريق بهدم عشرات البيوت الفلسطينية في الخليل من الجانبين. وكانت عملية قتل ابو حمدية، بداية الكشف عن جرائم هذه الوحدة، التي نفذت أعمالها وسط خوف الفلسطينيين في الخليل وصمتهم، اذ لم يقم أحد منهم بتقديم شكوى حتى الى جمعيات فلسطينية خوفاً من الانتقام. فقط عندما قام ثلاثة من اصدقاء ابو حمدية بالكشف عن جريمة القتل تبين ان عمليات تعذيب كثيرة لا تقل خطورة عن عملية القتل هذه تعرض لها الفلسطينيون. احداها وقعت في اليوم نفسه لمقتل ابو حمدية، وفقد فيها الطفل محمد زياد رجبي عينه اليسرى. والدته فايزة لا تستوعب بعد ما حصل فإبنها لم يغب عن البيت سوى خمس دقائق، وروت الوالدة لنا قائلة: "كان ذلك في 30 كانون الثاني يناير الماضي، وقد مضت فترة طويلة على الحصار ومنع التجول، وكان ابني محمد ابن التسع سنوات قد ملّ من الجلوس في البيت مرغماً ومنع من اللعب حتى في ساحة البيت. فطلب مني ان يتوجه الى الحانوت لشراء السكريات. بداية رفضت لأنني خفت عليه كثيراً ثم رضخت امام إلحاحه، فخرجت وراقبت الشارع ولم تكن هناك دورية جيش. طلبت منه ان يذهب بسرعة الى الحانوت، ولكن ما هي إلا خمس دقائق حتى سمعت صوت إطلاق النار. علمت ان محمد هو الضحية لأن الشارع كان خالياً من الناس. فخرجت واذ به يصرخ ويبكي وقد ارتمى على الارض والدم ينزف من وجهه. حاولت الاقتراب منه فرفض الجنود وهددوني بالقتل. صرخت. بكيت. لكن شيئاً لم يشفع لي. كنت أرى طفلي يموت أمامي والجنود يجلسون في سيارتهم لا مبالين، الى ان تسلل قريب لنا في السادسة عشرة من عمره، وما ان تحرك الجنود من مكانهم حتى خطفه وتوجه به الى المستشفى. الحمد لله الرصاصة لم تخترق رأسه لقد أصابت عينه اليسرى وفقد النظر بها، من يرى مصيبة غيره تهون عليه مصيبته"، تقول والدة محمد التي راحت تبكي حالة والدة الفتى عمران ابو حمدية. الانتقام الحالات التي ذكرناها من تعذيب بأساليب القرعة او اصابة الطفل محمد، وغيرهما العديد من الحالات التي يرويها الاهالي، ما زالت غير معروفة على نطاق واسع. ولهذا فإنها لا ترد في لائحة الاتهام التي قدمتها النيابة اخيراً ضد 11 جندياً. فلوائح الاتهام تتركز بالاساس على حالة مقتل عمران ابو حمدية وعمليات السرقة والتسبب بالأضرار وعدد قليل من الاعتداءات على شباب اصطحبتهم فرقة الجنود داخل سيارة الجيب الى المنطقة الصناعية حيث اعتدت عليهم بقسوة. هذه الوحدة العسكرية تعتبرها قيادة الجيش الاسرائيلي من أفضل وحداتها وأعرقها، كما وصفت بعد تقديم لوائح الاتهام ضدها. فأفرادها خضعوا لعمليات تدريب متواصلة قبل نقلهم الى منطقة الخليل التي تقع تحت السيطرة الاسرائيلية ويسكنها حوالي عشرين الف فلسطيني ، ليتمكنوا من السيطرة على الوضع الحساس هناك بسبب قرب المستوطنين من مناطق سكن الفلسطينيين والاحتكاكات المتواصلة بينهم. وحسب ما يقول نجيب ابو رقية من "مركز بتسيلم للدفاع عن حقوق الانسان" والذي لعب دوراً كبيراً في الكشف عن حالات اعتداءات تعرض لها الفلسطينيون وتقدمت منظمته بشكاوى ضد الجنود الاسرائيليين، فإن "الاعتداءات على الفلسطينيين مستمرة منذ فترة طويلة، هناك العشرات من الشكاوى الى قدمت ضد الجنود والشرطة الاسرائيلية الذين اعتدوا على الفلسطينيين ونكلوا بهم، وللأسف كان التعامل دائما باستهتار، ولا نذكر شكوى لاقت اهتماماً، فالملف غالباً ما يتم اغلاقه من دون اتهام اي شخص. اما في القضية الاخيرة التي كشفت بعد مقتل ابو حمدية فنلاحظ توجهاً آخر، ولكن علينا ان نكون حذرين فنحن لا نعرف الى اي مدى سيستمر الجيش بالتعامل بجدية في التحقيق في هذا الموضوع وكيف سينتهي ملف قتل وتعذيب وتنكيل". لوائح الاتهام التي قدمت في المحكمة الاسرائيلية تتحدث بإسهاب عن الاعمال التي نفذتها هذه الوحدة. وملفات التحقيق تشير الى ان تخطيطاً مدروساً كان وراء هذه العمليات وبذريعة الانتقام من مقتل 12 جندياً اسرائيلياً في العملية الاستشهادية التي وقعت السنة الماضية بالقرب من الحرم الابراهيمي. وكان الجيش قرر تعزيز وحدات حرس الحدود في هذه المنطقة بعد نجاح العملية الاستشهادية المذكورة منعاً لتكرارها، ولكن سرعان ما تحولت هذه الوحدة التي اختيرت في هذه المنطقة الى مصيدة تعذيب وتنكيل بالفلسطينيين. ويعترف أحد المتهمين الذي قرر الكشف عن تفاصيل عمليات التنكيل وعملية قتل حمدية لأن ضميره لم يعد يحتمل، ان هذه العمليات نُفّذت انتقاماً لمقتل الجنود وقد تم اختيار الفلسطينيين بشكل عشوائي، فلمجرد انه شاب فلسطيني يتحول الى هدف لهم. أما عن فضائح السرقات من المحلات التجارية فهذه لم يتحدث المتهمون كثيراً عنها على رغم بشاعتها، حيث كانوا يسرقون أموالاً هي حصيلة العمر كله. البنود الطويلة التي تشملها لائحة الاتهام تعكس بشكل واضح الحقد والكراهية لدى هؤلاء الجنود الاسرائيليين. ومعظم الشكاوى وصلت من "مركز بتسيلم" ومن سكان حي "جبل جوهر" على وجه الخصوص. احدى الشكاوى تقدم بها بديع ابو حمدية 26 عاماً وزياد بنات 16 عاماً اللذان تعرضا لاعتداء بعد توجههما الى المنطقة الصناعية لتعبئة اسطوانة الغاز. وحسب ما قال ابو حمدية فإن المسافة من بيتهما الى المنطقة الصناعية قصيرة "ولكننا قررنا الذهاب بسيارتنا حتى ننهي المهمة بسرعة بسبب الحصار المفروض على المنطقة" ويضيف ابو حمدية: "في الطريق صادفنا زميلنا بديع ابو كركي وكان في طريقه الى المنطقة الصناعية، فصعد الى السيارة ووصلنا الى محطة الوقود لتعبئة اسطوانة الغاز وكان هناك أربعة جنود يقفون الى جانب سيارة جيب. اقترب منا أحدهم وكان عصبياً للغاية وأمرنا بالنزول من السيارة وإظهار بطاقات الهوية. وما ان تجاوبنا مع طلبه حتى راح يشتمنا ثم أمرنا بالسير نحو حانوت مغلق وأن نرفع أيدينا الى أعلى ووجوهنا نحو الباب فاقترب أحدهم وأمسكني من شعري وضرب رأسي بباب الحديد المغلق اكثر من عشر مرات حتى شعرت بدوار فيما قام الآخرون بقذفنا بالحجارة. وقد أصابونا. لكن ذلك لم يكفهم، فجاء جندي منهم وضربني بقوة على بطني فانحنيت ورحت أصرخ من ألمي وارتميت على الارض غير قادر على القيام بأي حركة. ثم جاء جندي ثان وأمسكني بقوة ودفعني باتجاهه واستمر بضربي. بقينا على هذه الحال عشرين دقيقة ثم طلبوا مني مغادرة المكان وكانوا قد أمروا زميلي بديع بالصعود الى السيارة وفروا من المكان، ولكنهم لم يفعلوا ذلك قبل ان يحطموا زجاج السيارة ومزقوا إطاراتها". أما زميله زياد بنات فتعرض لاعتداءات ولكمات لا تقل قساوة عن زميله، أبقته في الفراش عشرين يوماً يقول: "أول إصابة كانت في أنفي" ويضيف: "أمسك أحد الجنود بندقيته وضربني بها على أنفي فنزف دمي وبصراحة بكيت من الألم بعدما شعرت ان رأسي سيتفجر عندها راح الجنود يضحكون فتوجهوا نحو بديع وبدأوا بضربه فاستغليت الفرصة وهربت. صرخ أحد الجنود بي، ثم رمى حجراً فأصابني في ظهري ولكنني قررت الهرب حتى لو كان الثمن إطلاق الرصاص علي، ونجحت". وكان بديع قد مر بسلسلة تعذيب قاسية داخل سيارة الجيب حتى وصل الجنود الى المنطقة الصناعية وهناك رموه في بركة فيها بقايا من الحجارة، كما قال ابو حمدية. هذه الحالات كانت من بين 24 حالة تنكيل وتعذيب حصل عليها "مركز بتسيلم" والقاسم المشترك بينها: سيارة جيب فيها أربعة جنود يصرخون ويقهقهون ويشتمون وبعد السير مسافة طويلة يرمون الفلسطيني في مكان خال من الناس، طبعاً بعد الاعتداء والتعذيب. أكثر من 500 بطاقة اتصال الا ان عمليات التنكيل والتعذيب لم تكن كافية لكي يشفي هؤلاء الجنود غليلهم. وحسب ما كشف من الشكاوى ومن التحقيق ولوائح الاتهام فإن الجنود قاموا بعمليات سرقات كثيرة. وحسب هذا الاسلوب كان الجنود يدخلون الى الحانوت ويطردون الزبائن ثم يصرخون بوجه صاحب الحانوت ويأمرونه بالانتظار في الخارج لأنهم "يريدون التفتيش في الحانوت" حسب الأوامر. وكيف تتم عملية التفتيش؟ يبدأون برف السجائر فيملأون جيوبهم بما يحلو لهم من الانواع التي يدخنونها ثم ينتقلون الى الصندوق فيسرقون ما يحتوي من نقود ثم الى مكان بطاقات الاتصال للأجهزة الخليوية والمعروف ان الحوانيت الفلسطينية مليئة بها. طبعاً خلال ذلك يعبثون بممتلكات المحل ويتناولون ما يحلو لهم من أطعمة. ويستدل من لوائح الاتهام ان هذه الفرقة سرقت اكثر من 500 بطاقة اتصال ومبالغ مالية كبيرة وسببت أضراراً جسيمة للمحلات والسيارات والممتلكات. وكما يقول نجيب ابو رقية فإن الشكاوى التي وصلت الى الشرطة، وأدت الى تقديم لوائح الاتهام، جاءت من "مركز بتسيلم"، "وما هو مؤكد لنا ان العديد من الحالات لم يكشف عنها وللاسف فإن الفلسطينيين باتوا يتعاملون باستسلام مع هذه القضايا بعدما فقدوا ثقتهم من وجود اي نوع من العدل في المحاكم الاسرائيلية التي أهملت الشكاوى التي قدمت ضدهم. ولا يوجد فلسطيني واحد في هذه المنطقة في الخليل الخاضعة لاسرائيل لا يعرف عن تصرفات هذه الوحدة وأعمالها وان لم يتعرض هو شخصيا لها فيكون قد سمع من جاره او قريبه او صاحبه لكن الموضوع ينتهي مع عودة الضحية الى البيت". نبيل خليلية أحد المسؤولين الامنيين في الخليل ينظر باستغراب الى الاعلان الاسرائيلي عن تفكيك هذه الوحدة خصوصاً ان الاعتداءات ضد الفلسطينيين لم تتوقف ويقول: "يريدون انقاذ ما يمكن انقاذه من سمعة الجيش الاسرائيلي بعد الكشف عن عمليات التنكيل والقتل والسرقات، والاخيرة هي بمثابة فضيحة لهذا الجيش. فأعلنوا عن تفكيك هذه الوحدة ولكن أياً منا يعلم اذا كانوا بالفعل قاموا بتفكيكها والجنود الذين يتجولون في هذه المنطقة هم من وحدة اخرى ويحملون صفات تختلف عن صفات أفراد هذه الوحدة" متعة التصوير تظهر سادية هؤلاء الجنود بشكل فاضح في الاعترافات بقتل عمران ابو حمدية الذي تدل الإفادات على انه قاوم بكل ما له من قوة لكنه قتل خلال لحظات. كان ابو حمدية قرب منزله مع زميله رائد الرجبي وقريبه نعيم ابو حميدة. اقتربت سيارة جيب فيها اربعة جنود من البيت ففحصوا بطاقات الهوية ثم أمروا عمران بالصعود الى السيارة. جلس ابو حمدية بين جنديين وتعرض لاعتداءات وضربات قاسية وخلال ذلك كان الجندي الثالث يلتقط صور الفيديو فيما الرابع يقود السيارة. الجنود الثلاثة أمروا السائق بالسير بسرعة وصلت الى ثمانين كيلومتراً للساعة ثم أمروا عمران بالوقوف وطلبوا منه الخروج من السيارة. وحسب ما قال أحد الجنود: "فقد دفع عمران في محاولة لرميه من السيارة، وخلال ذلك كانت كاميرا الفيديو تلتقط الصور. لكن عمران حاول المقاومة فأمسك بقوة بماسورة حديد في السيارة وكنت أزيد يقول الجندي - من السرعة بطلب من البقية وكان باب الجيب مفتوحاً ولم تستمر مقاومة عمران كثيراً حتى نجح الاثنان في دفعه من سيارة الجيب فسمعت صوت رأسه يرتطم، لا أدري اذا كان بالارض او بالحائط، ولكن الصوت كان عالياً عندها صرخ الثلاثة اسرع... اسرع لقد مات". هذا ما جاء في افادة الجندي. خلال ذلك توقع زميل عمران وقريبه ان يتعرض لاعتداء فلحقا به الى ان وجداه مرمياً على الارض والدم ينزف من وجهه ومن مؤخرة رأسه وقد فارق الحياة. في اليوم التالي تم نشر خبر مقتل عمران من خلال حديث مع زميله، وجرى التركيز على ان الجنود قتلوا فلسطينياً. عندها أتلف الجنود الاربعة شريط الفيديو الذي يوثق عملية القتل. بعد اطلاع "مركز بتسيلم" على تفاصيل الحادث وعدم اعتراف الجيش بأقوال زميل ابو حمدية أصر المركز على إخراج الجثة وإجراء عملية تشريح للتأكد من سبب الوفاة وبعد إقناع العائلة نفذت عملية التشريح، وتبين انه قتل بسبب إصابة قوية في رأسه. في البداية أنكر الجنود الاربعة إلا ان أحدهم، وهو عربي ايضاً، قرر الكشف عن حادثة القتل "بعدما عذّبه ضميره" وكان هو سائق سيارة الجيب. والسؤال الذي يطرحه الفلسطينيون اليوم بعد المعركة التي تقودها عائلات الجنود الاربعة في محاولة لتبرئتهم وتحميل القادة مسؤولية ما جرى هو: هل سيغلق ملف مقتل عمران ابو حمدية كما أغلق ملف الطفل الفلسطيني ابو شوشة بإدانة المستوطن القاتل وفرض حكم مخفّف عليه لا يشمل السجن ويقتصر على عمل مدني صوري هو العمل في خدمة الجمهور لمدة ستة اشهر؟!